«ابردوا ... المهم أن نبقى ربحانين»

«ابردوا ... المهم أن نبقى ربحانين»

عندما يتعلق الموضوع بالعمال يتغير سلوك أرباب العمل وسياستهم المالية، فيمسكون آلاتهم الحاسبة ويدخلون في عملية التلاعب الرقمي الحسابي حيث يبالغون في أرقام ويختزلوا أرقاماً أخرى، كل همهم أن يستخلصوا نتيجة واحدة تفيد بأن تكلفة التدفئة لمعاملهم المليئة بالعمال البردانيين عالية، ووضع صناديقهم المالية لا يحتمل، ولسان حالهم «دبروا حالكم ما حدا بموت من البرد» يبتغون بذلك تخدير ضمائرهم والحفاظ على مصالحهم.

- ريف دمشق

مع انخفاض درجات الحرارة واشتداد البرد تتحول المعامل لبرادات كبيرة وخاصة تلك الموجودة في المناطق الريفية الموجودة بالأصل على أراضٍ زراعية مكشوفة أو في الأقبية الرطبة الباردة وعليه فإنها تحتاج لوسائل تدفئة على مدار الساعة، ورغم حرص أرباب العمل على استمرار الإنتاج إلا أنهم يتخلون عن هذا الحرص عندما يتعلق الأمر بالعاملين لديهم، وتراهم يستجرّون المازوت والبنزين لمولدات الكهرباء ويمتنعون عن تأمينها لوسيلة تدفئة تكسر سُّم البرد المنتشر في المعامل، وحين يحتّج العمال على ذلك تراهم يضعون عشرات الذرائع تارة المولدة لا تتحمل تشغيل مدافئ كهربائية وتارة لا يتوفر المازوت أو الغاز للمدافئ العاملة على المحروقات، وأيضاً مدافئ الحطب غير عملية وخطرة، وحتى حين يكون التيار الكهربائي النادر موجود بالخدمة فإنهم يمتنعون عن تدفئة المعمل تحت حجة ارتفاع سعر الكهرباء الحكومية ولكن ذلك لا ينطبق نهائياً على مكاتبهم المنعمة بدفء المكيفات، وليس من الانصاف والتعميم على جميع أصحاب العمل فهنالك من يعرف مصلحته جيداً ويحرص على تأمين الدفء للعمال كونهم العنصر الأهم في العملية الإنتاجية وعليه أن يحافظ على نشاطهم وصحتهم.

5 بالألف فقط
عن أية كلفة تتحدثون؟

سألنا أحد أرباب العمل عن السبب الحقيقي الذي يمنعه من تدفئة المعمل الخاص به فأجابنا بأنه غير قادر على تحمل ارتفاع تكلفته فالكهرباء الحكومية لا تأتي أكثر من ساعتين خلال الدوام واستطاعة المولدة الخاصة لا تحتمل حملاً كهربائياً عالياً، وبأنه غير قادر على تحمل تكلفة مدفأة المازوت كون الليتر الواحد في السوق السوداء أصبح بحيطان 3 ألاف أو أكثر، والغاز أيضاً غير متوفر ولا بديل عنده إلا أن قيام العمال بالعمل والحركة المستمرة فذلك يجعلهم بدفء مستمر، وحين أخذنا كلامه وبعض الأرقام الأخرى ووضعناه معاً في ميزان الحسابات بطريقة بسيطة استنتجنا أن المعمل ينتج يومياً 200 جوز أحذية رياضية تبلغ قيمتها التسويقية الفعلية 4 ملايين و800 ألف ليرة بمعدل وسطي 24000 ألف للجوز الواحد في حين لا تتجاوز كلفة تأمين المازوت للمدفأة أكثر من 12 ألف ليرة في حال استهلكت أربعة ليترات وبكلفة 3 آلاف لليتر الواحد أي إن رب العمل يرفض وضع تكلفة 5 بالألف فقط على القيمة الفعلية للمنتجات اليومية وإذا قسمنا كلفة المازوت على عدد العمال البالغ عددهم 23 عاملاً سنجد أن كلفة تدفئة العامل الواحد يومياً أقل من 550 ليرة فقط ما يعادل خمسة أقراص من الفلافل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1051
آخر تعديل على الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 23:11