بصراحة ... التفسير وحده غير كافٍ
انطلاقاً من الأوضاع المعيشية الكارثية للطبقة العاملة التي أنتجتها السياسات الاقتصادية الحكومية من جهة، وممارسات قوى المال الاحتكاري الفاسد من جهة أخرى، بالإضافة إلى سنوات الأزمة الوطنية الشاملة، تزداد الحاجة والضرورة لمراجعة الموقف النقابي من مختلف القضايا التي تسببت وأوصلت الطبقة العاملة إلى ما وصلت إليه بأوضاعها وحقوقها بما فيها أجورها، وهذا سيجعل مسار عمل التنظيم النقابي بقواه الحية فاعلاً، من أجل أن يكون للنقابات دوراً يتوافق مع حجم القضايا التي يتطلب حلها من وجهة مصالح الطبقة العاملة الأساسية، وفي المساهمة الفعالة في إيجاد حلول للقضايا الوطنية والسياسية والطبقية الكبرى.
فالطبقة العاملة بأسرها تحت خط الفقر، والحلول المطروحة من قبل قوى رأس المال والفساد الكبرى بما فيها السياسات الحكومية لا تقترب من مصالح العمال وحقوقهم، بل تزيدهم فقراً على فقرهم.
لقد شخصت النقابات- في مؤتمرها العام الأخير الـ 27- الواقع المعيشي المزري الذي يعيشه العمال، وواقع المعامل والشركات من حيث عدم دعمها وتطوير خطوطها الإنتاجية وتأمين مستلزمات إنتاجها من مواد أولية وطاقة لتشغيل المعامل، وحددت في تقاريرها مسؤولية الحكومة عن واقع العمال والمعامل، ولكن هذا شرط غير كافٍ- مع أهميته- من أجل تجاوز الواقع الكارثي الذي نتحدث عنه، وهنا يكون التفسير مهماً ولكنّ خطوات التغيير تحتاج إلى عامل ذاتي يمكّن من إنجاز مهام التغيير، والعامل الذاتي المقصود هو التلاحم الكفاحي بين الطبقة العاملة وقيادتها وبدون ذلك لا يمكن انتزاع الحقوق المشروعة للعمال، أي تغيير مستوى معيشتهم وحقوقهم الديمقراطية التي تمكنهم من ذلك.
الأنكى من ذلك، أن النقابات تعرف الوضع وبتفاصيله، ولكنها لأسباب كثيرة لا تتخذ الخطوات الضرورية التي تمكنها من إيصال رسائلها المعبرة عن عدم رضاها ورضا العمال عن الواقع المعاش، والرسائل المطلوب إيصالها يضمنها الدستور، وتؤكدها التجربة الكفاحية الطويلة للحركة النقابية والحركة العمالية التي تمكنت عبرها الحركتان من فرض مطالبهما وحقوقهما في مراحل تاريخية سابقة.
إن التأخر من قبل النقابات في اتخاذ المواقف المطلوب اتخاذها مضر ببعديه السياسي والتنظيمي وسيجعل الطبقة العاملة تذهب باتجاه خياراتها التي قد تكون صعبة ومؤلمة، ولكنها صحيحة، ويمكن عبرها انتزاع حقوقها والدفاع عن مصالحها، بما فيها حقها بالإضراب السلمي الذي لا تعترف به النقابات، ولكن الدستور السوري يقره ويؤكده.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1039