الاتفاقيات الدولية ومعايير العمل

الاتفاقيات الدولية ومعايير العمل

تتطلَّع الطبقة العاملة إلى العدالة الاجتماعية التي تمكَّن العمَّال في سوق العمل من أن يطالبوا بنصيبهم العادل من الثروة الوطنية التي تتحقق بفضل عملهم، إن تحقيق العدالة الاجتماعية ذو أهمية عالية، وخاصة مع تزايد عدم المساواة في توزيع الثروة الوطنية، وهو ما يشكل تهديداً كبيراً وخطيراً للتماسك الاجتماعي في المجتمع، ويعيق النمو الاقتصادي، إننا نشهد اليوم وضعاً خطيراً من حجم النهب والفساد غير المسبوقين، والسؤال الأكثر إلحاحاً أمام النقابات: كيف يُمكن لها التصدي لهذه الآفة الخطيرة، وتوفير الإمكانات لتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل هذه الظروف الأكثر تعقيداً من أي وقت مضى؟

عملت منظمة العمل الدولية على تطوير معايير العمل لتوفير نظام عالمي من القواعد والأسس بشأن العمل، وظروف وشروط العمل، والسياسة الاجتماعية التي تهدف إلى التغلب على كافة أنواع المشاكل الناشئة عن العمل على المستوى الوطني، وهذا من إستراتيجيات منظمة العمل الدولية من أجل القضاء على الفقر، وتعزيز التنمية المستدامة، وضمان تأمين العمل لكافة الناس بكرامة وسلامة، وتتضمن العدالة الاجتماعية تحقيق القواعد التالية:
تأمين العمل اللائق، وخلق فرص العمل والحماية الاجتماعية، والحق في العمل والحوار الاجتماعي، إضافة إلى سياسات التشغيل وسياسات العمل والأسرة، ومن هذه الاتفاقيات التي أقرتها منظمة العمل الدولية: الاتفاقية رقم 122 لعام 1964 بشأن سياسة العمالة، وتتعلق هذه الاتفاقية بالإدارة السديدة، وتدعو إلى تعزيز العمالة الكاملة والمنتجة، والتي يختارها طالب العمل بكل حرية، كما تهدف إلى توفير فرص عمل لكافة طالبي العمل، وسهولة الحصول على العمل، وأن يكون هذا العمل منتجاً إلى أقصى حدّ ممكن، وأن تتوفر أفضل فرصة ممكنة لشغل الوظيفة التي تناسب قدرات طالب العمل ومؤهلاته، بحيث يكون هذا العمل مناسباً له، بغض النظر عن الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الاجتماعي، وصدرت التوصية رقم 169 لعام 1984 المكملة لهذه الاتفاقية، والتي أكَّدت على أهمية وضع السياسات والبرامج الاقتصادية والاجتماعية اللازمة للنهوض بالعمالة الكاملة والمنتجة، وينبغي أن تهدف إلى ضمان المساواة في الفرص، وسهولة الحصول على هذا العمل والتدريب والترقي في المجال المهني.
تدعو التوصية الدول بالإضافة إلى ذلك إلى اتخاذ تدابير لتأمين احتياجات جميع فئات الأشخاص، وخاصة الذين كثيراً ما يواجهون صعوبات في العثور على عمل دائم، كالنساء والشباب من العمال والمعاقين والعمال العاطلين عن العمل.
أما التوصية رقم 198 الصادرة عام 2006 بشأن علاقة الاستخدام، كان
الهدف من هذه التوصية حماية العمال الذين يواجهون إشكالات وصعوبات في تحديد علاقة الاستخدام، أو عدم وجود علاقة عمل أصلاً، وكذلك في الحالات التي تكون فيها حقوق العمال غير واضحة، وكذلك التزامات أصحاب العمل اتجاه العمال غير واضحة، أو الحالات التي يعمل فيها أصحاب العمل على إخفاء علاقة العمل، وعندما تكون هناك نواقص أو قيود في الأنظمة والقوانين، أو الخلل في تطبيقه، وتؤكد التوصية على أن تكون لدى الدول سياسة وطنية تضمن حماية حقيقة وفعَّالة للعمال الذين يقومون بالعمل من خلال علاقة العمل. فالحدُّ الأدنى العادل للأجور وإيجاد المساواة لدى العمال وتحسين أدائهم، فتحقيق المساواة في مكان العمل له فوائد اقتصادية كبرى، وأصحاب العمل الذين يطبقون المساواة يستطيعون الوصول إلى يد عاملة أكثر تنوعاً وأعلى جودة، والعمال الذين يتمتعون بالمساواة يشعرون بمزيد من الاستقرار الاجتماعي، كما أنَّ الاستثمار في التدريب المهني يمكن أن يؤدي إلى تأمين جانبٍ مهمٍ من جوانب العدالة الاجتماعية، ووجود يد عاملة أفضل تدريباً، وذات مستويات أعلى في التشغيل. وكانت الاتفاقية رقم 156 لعام 1981 قد أكدت على إيجاد مساواة فعلية في فرص العمل والمعاملة بين العمال من الجنسين، وتمكين الأشخاص الذين يرغبون في العمل، من ممارسة حقهم في ذلك دون أن يتعرضوا للتمييز، وتطالب الاتفاقية الحكومات أيضاً الأخذ بعين الاعتبار احتياجات العمَّال أصحاب المسؤوليات العائلية عند وضع السياسات الاجتماعية، وأنْ توفر التسهيلات لخدمات المجتمع العامة والخاصة كرعاية الأطفال والخدمات الأخرى للأسرة. وأخيراً، نقول: لا يمكن تحقيق التنمية على حساب العدالة الاجتماعية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1019