اللجنة الوطنية للأجور في ذمة التاريخ؟
نصت المادة 69 من قانون العمل رقم 17 لعام 2010 على تشكيل لجنة تسمى «اللجنة الوطنية للأجور» وتشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء، وتضم كلاً من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزير المالية، ووزير الاقتصاد والتجارة، ورئيس اتحاد نقابات العمال، ورئيس اتحاد غرف التجارة، ورئيس اتحاد غرف السياحة، ورئيس اتحاد غرف الصناعة، ونقيب مقاولي الإنشاءات، ورئيس اتحاد الجمعيات الحرفية.
على أن تجتمع اللجنة بدعوة من رئيس مجلس الوزراء في حالتين، الأولى: بدورة عادية في الأسبوع الأول من شهر أيار من كل عام. والثانية: بصورة استثنائية بناء على طلب من أغلبية أعضاء اللجنة.
وحددت المادة 70 من القانون نفسه وظائف هذه اللجنة، حيث تكون مهمتها وضع الحد الأدنى العام للأجور، وإعادة النظر فيه للعاملين المشمولين بأحكام هذه القانون، وتراعي هذه اللجنة في أداء مهمتها الأزمات الاقتصادية، وهبوط النقد وسعر صرف العملة الوطنية والقوة الشرائية والمستوى العام للأسعار، وغيرها من المتغيرات الاقتصادية.
سنناقش أولاً، قانونياً تشكيلة هذه اللجنة، هل أخذت بالتمثيل الثلاثي لمنظمات أرباب العمل والعمال؟ فاللجنة فيها مندوب واحد عن العمال وهو رئيس اتحاد نقابات العمال، والباقي من منظمات أرباب العمل، وممثلي الحكومة ضمن أطراف الإنتاج الثلاثة التي حددتها منظمة العمل الدولية، وتتخذ قراراتها بالأغلبية المطلقة، والرئيس صوت مرجح عند تساوي الأصوات، أي: عملياً جرى تغييب صوت مندوب العمال، حيث الغالبية واضحة لأرباب العمل والحكومة، ومن المستحيل أن تصدر قرارات لصالح الطبقة العاملة، باعتبار أن الحكومة ومن خلال سياساتها الليبرالية المحددة لنهجها الاقتصادي المنحاز كلياً لقوى رأس المال، ستكون نتائج التصويت على القرارات ليست في صالح الطبقة العاملة، وخاصة إذا ما كانت المواضيع المطروحة للنقاش تتعلق بزيادة الأجور والتعويضات للعمال، كما نص القانون 17، القاضي بإحداث هذه اللجنة.
ومع ذلك، وبالتمثيل المشوّه للعمال، لم تنطلق أعمال هذه اللجنة منذ صدور القانون رقم 17 لعام 2010 ولم يقم رئيس مجلس الوزراء بتشكيل هذه اللجنة أساساً، وما زالت حبراً على ورق، بالرغم من هبوط سعر الصرف وضعف القوة الشرائية لليرة السورية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، وما رافقه من تدني مستوى معيشة العمال خلال سنوات الأزمة، وانهيار أجورهم التي باتت لا تلبي أدنى الاحتياجات الأساسية للمواطن، كل هذا ولم ترَ رئاسة مجلس الوزراء أن الوقت قد حان لتشكيل هذه اللجنة وإطلاق عملها على أرض الواقع. وكما نعتقد، فإن النقابات تتحمل جزءاً من المسؤولية عن عدم انعقاد جلسات اللجنة مع أن حجم التطورات في الواقع المعيشي للعمال كبيرٌ من حيث السوء، وحجم التطورات الداعية لانعقاد اللجنة أيضاً كبيرٌ، ولكن الموضوع لا يتعلق بالشكل الإجرائي لكي تعقد اللجنة جلساتها وتنصف العمال في حقوقهم، ولكن الموضوع متعلق بموازين القوى على الأرض. وهذه الموازين هي من تقرر القرار النهائي فيما يتعلق بمختلف القضايا المتعلقة بحقوق العمال ومصالحهم، فالعمال أصبحوا الحلقة الأضعف في ميزان القوى، ليس من حيث العدد، وإنما من حيث القدرة على تنظيم قواهم المقيدة بعشرات القيود التي تحول دون فاعليتهم تجاه المطالبة بحقوقهم والدفاع عن مصالحهم، بينما الطرف الأخر، أرباب العمل والحكومة أكثر تنظيماً وفاعلية في تأمين مصالحهم وتأمين أرباحهم، مسنودين بمواقعهم المؤثرة في القرارات النهائية، التي تؤمن عملية الاستغلال والنهب عالي المستوى لما ينتجه العمال.
العمال لن ينتظروا طويلاً الإجراءات الشكلية في انعقاد هذه اللجنة أو عدم انعقادها، وسيقررون في النهاية شكل ومضمون حراكهم الذي سيؤمن لهم حقوقهم، وهذا المآل الذي سيختاره العمال هو قانون الصراع بين الناهبين والمنهوبين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 988