التشاركية والنقابات
أشارت معظم التقارير النقابية ومداخلات النقابيين في مؤتمراتهم السنوية التي انتهت مؤخراً، حول واقع قطاع الدولة، وخاصة القطاع الصناعي خلال الفترة الماضية،
وإلى تدني مستوى تنفيذ خططه واستمرارية تعثره نتيجة تلك السياسات الاقتصادية الليبرالية المتبعة اتجاهه من قبل الحكومة الساعية إلى تقليص دوره إلى أقصى حد يمكن أن يؤدي إلى تلاشيه، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بهذا القطاع وإعطاءهُ تلك الإمكانات الضرورية من توظيف المال اللازم من موازنة الحكومة كي يطور آلاته ويقوم بأعمال الصيانة الضرورية المطلوبة لهذه المنشآت، لقد كان قطاع الدولة بمختلف شركاته ومؤسساته إحدى أهم الركائز الأساسية في الاقتصاد الوطني، حيث دلت الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات على ذلك، رغم كل المعوّقات التي واجهها من السياسات الحكومية المتبعة اتجاهه تحت ذريعة الحرب. كما دلت الوقائع أن المضي نحو طرح هذا القطاع للاستثمار الخاص أو الأجنبي منه أو المحلي تحت يافطة التشاركية لا يمكن أن يطور هذا القطاع بل يزيد من عمليات نهبه وتخريبه وصولاً للقضاء عليه، ولنا في استثمار شركة فرعون في معمل الإسمنت مثالاً صارخاً على ذلك. ورغم ذلك نجد أن هذا الاتجاه مازال سائداً من قبل الحكومة في معظم القطاعات الهامة لقطاع الدولة، فهذه هي المؤسسة العامة للصناعات الغذائية تعمل على طرح بعض الشركات التابعة لها للاستثمار الخاص بحجة تطويرها، وعدم إمكانية توظيف الاستثمارات الضرورية لها، وأمّا ضعف إنتاجها وقدم آلاتها فهو بسبب إهمال العمال وتقاعسهم، هذا ما تدّعيه إدارات الشركات وإدارة المؤسسة، متناسية الفساد المستشري في معظم مفاصل أجهزة الدولة الأساسية، وكل ما قدمه العمال من عملٍ وتفانٍ اتجاه منشآتهم رغم ضعف أجورهم التي لا تلبي أدنى احتياجاتهم المعيشية الأساسية. والسؤال الذي مازال مطروحاً للحركة النقابية: هل مازالت النقابات مقتنعة بهذه التشاركية؟ وأنّ هذه السياسات الحكومية سوف تلبي مصالح العمال وتدفع بالاقتصاد الوطني نحو النهوض وتحقق ذلك النمو الضروري؟
إن تقديم التنازلات لقوى رأس المال بذريعة الأزمة والحرب ومسايرة النقابات للحكومة في مشروعها التشاركي الذي تطرحه باستمرار بما يتعلق بشركات ومعامل قطاع الدولة، هو خسارة النقابات لقاعدتها العمالية المتمركزة في تلك القطاعات الإنتاجية، لأن التشاركية إن تمت ستقلب الأمور رأساً على عقب اقتصادياً وحقوقياً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 903