عمال أحذية السويداء..وذكّر ....
أربعون عاماً مرت على بدء العمل في معمل الأحذية في السويداء لم تخلُ من الانتكاسات والسبات ليسترد المعمل في عام 2016 عافيته وطاقته الإنتاجية، ويحقق أرباحاً كبيرة بما يشبه المعجزة، ورغم الأزمة وتداعياتها وقدم الآلات والنقص الحاد في العمالة ومستلزمات الإنتاج لم يتوقف العمل في هذا المعمل.
معمل رابح وناجح:
معمل الأحذية أنشئ في عام 1976 وبدأ العمل فيه في عام 1978 وهو واحد من أربعة معامل وشركات للقطاع العام تابعة لوزارة الصناعة تعمل في محافظة السويداء، ومن الواضح أن العمر الافتراضي والزمني للآلات في هذا المعمل قد انتهى، ولكن بجهود العمال الفنيين العاملين في الورشة الفنية في هذا المعمل تم تحديث هذه الآلات في ظل نقص القطع التبديلية واستبدال واستخدام القطع في الآلات القديمة الموجودة في المعمل منذ أربعين عاماً.
في عام 2018 كانت الخطة الإنتاجية 177 ألف زوج نفذ من الخطة 153 ألف زوج بنسب تنفيذ 87 % وبلغت المبيعات حوالي 1,250 مليار ليرة سورية، ونظراً لزيادة الطلب على المنتج تم تشغيل وردية إضافية تتضمن ساعتي دوام يومياً بعد انتهاء الدوام الفعلي للعمال الأساسيين على خطوط الإنتاج.
قِدَم الآلات مُعيق الإنتاج
يقسم المعمل إلى أربعة أقسام أساسية، هي: القص والخياطة والتحضير والتركيب، وكل قسم من هذه الأقسام بحاجة ماسّة لآلات حديثة وضرورية لاستمرار العملية الإنتاجية وتحسين جودة المنتج وقدرته على المنافسة في الأسواق، ويعتبر قسم التركيب الأكثر حاجة لتحديث الآلات، وقد تم استقدام آلة شد المقدمة في السنة الماضية بطاقة إنتاجية 700 زوج يومياً وهي آلة مبرمجة إلكترونياً يمكنها شد أحذية متعددة الموديلات، وهذه الآلة الحديثة تبقى قاصرة عن إتمام العملية الإنتاجية ما لم تستكمل بالآلات المساعدة الباقية، آلات شد الوسط والبرش والضغط، لأن عمل هذه الآلات متكامل وضروري لإتمام إنتاج المنتج وقدرته على منافسة الموديلات المعروضة في الأسواق.
نقص حاد في العمالة
يعمل في معمل الأحذية 159 عاملاً وعاملة منهم 48 يعقود سنوية– 10 مياومين– 3 عمال خبرة– عامل ندب وباقي العمال دائمون.
أكبر مشكلة تواجه المعمل بحسب ما تحدث العمال بعد قِدَم الآلات هي: النقص الحاد في الكادر العمالي الفني والإداري الإنتاجي، إذْ يحتاج المعمل لأكثر من مئتي عامل، الأمر الذي جعل العمال يعملون بمجهود إضافي لتغطية النقص في عدد العمال وإنجاز العملية الإنتاجية، ربع عدد العمال مؤقتون يعملون بصفة مياومين أو عقود سنوية ولكل منهم هموم ومطالب. إذْ يطالب العمال المياومون بتسوية وضعهم الوظيفي وتنظيم عقود سنوية أو خبرة لهم، وخصوصاً أنهم يعملون منذ أربع سنوات في المعمل بشكل يومي ودائم دون انقطاع، وتسوية أوضاعهم ستعود عليهم بالاستقرار والأمان من العوز والبطالة، أما العمال أصحاب العقود السنوية بناء على مسابقة أجريت في عام 2017 ولم يتم تعينهم إلا في الشهر العاشر لعام 2018 قاسيون بين العمال.
قاسيون، التقت عدداً من العمال الذين تحدثوا عن معاناتهم ومطالبهم المحقة.
إحدى العاملات قالت: المطلب الأساسي لنا تشميل جميع عمال المعمل بالمهن الشاقة والخطرة، كوننا نعمل بمواد كيماوية خطرة، جلود ولواصق مما يعرضنا لأمراض الجهاز التنفسي الناجمة عن استنشاق المواد الكيميائية، كون المعمل عبارة عن صالة مفتوحة ولدينا عدة حالات مصابة بأمراض سرطانية وتنفسية تخضع للعلاج والمتابعة.
أحد العمال قال ساخراً: هل يعقل أنّ سعر الوجبة الغذائية 30 ل.س «وين بعدنا عايشين ويحتاج تعديل سعر الوجبة لمؤتمر جنيف؟ شو بتجيب هالأيام الـ 30 ليرة، موعودين برفع قيمة الوجبة إلى 245 ل.س».
إحدى العاملات قالت: العامل يعمل طيلة الشهر بجهد إضافي نظراً لقلة العمال ليحصل على حوافز زهيدة لا تغني من جوع، والسبب إن نظام الحوافز الإنتاجية قديم، ولا يتناسب مع غلاء المعيشة والجهد المبذول من قبل العامل.
كما تحدث عامل آخر عن مخصصات الكساء العمالي قائلاً: مبلغ 18000 ليرة سورية ثمن لباس وحذاء لا يكفي، ولابد من زيادة مخصصات الكساء لتتناسب مع الأسعار الحالية في الأسواق، وهناك وعود برفع قيمة المخصصات لتصبح 28000 ل.س.
أحد العاملين بعقود «مياومة» في المعمل تحدث باسم المياومين قائلاً: مطلبنا الأساسي «تثبيتنا» ليتاح لنا الاستفادة من بعض الخدمات المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية والكساء العمالي والوجبة الغذائية والوصفات الطبية رغم ضعف قيمتها.
أهم مطالب العمال
منح صلاحيات للإدارة لتحقيق زيادة الإنتاج كماً ونوعاً.
تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة، ومنح الضمان الشامل أثناء العمل، وبعد سن التقاعد، كون العامل بحاجة إلى الرعاية الصحية أكثر مع تقدمه بالسن.
العمل على تسوية وضع العاملين بحكم المستقيل بسبب الأزمة وتوزيع الأرباح القانونية في السنوات الرابحة والقابلة للتوزيع على العمال، والتي تقدر بحوالي 70 مليون ليرة سورية.
الإسراع بتعيين عدد آخر من العمال الناجحين في المسابقة المعلن عنها عام 2017، وتأمين القطع التبديلية لعمليات الصيانة ودعم المعمل بآلات جديدة وحديثة لتحسين المنتج.
نقص العمالة والاعتماد على العمال المؤقتين، وقِدَم الآلات وضعف نظام الحوافز والمكافآت عقبات كبرى يعاني منها معمل الأحذية في السويداء. يعمل المعمل بكامل طاقته المتاحة، وانتقل بفضل جهود عماله من حالة الخسارة عام 2009 إلى حالة الربح تدريجياً وحقق نسب إنتاج أكثر من جيدة قياساً بالصعوبات الموجودة رغم العمل على خط إنتاج واحد فقط جراء نقص الآلات وتنسيق بعضها.
علمت قاسيون أنه تم وضع جميع تلك الإشكاليات أمام وزير الصناعة في زيارته الأخيرة إلى معمل الأحذية في السويداء، ووعد بشراء الآلات الحديثة لتطوير الإنتاج (آلة شد وسط وكعب) و(آلة برش وقص ليزرية) ضمن خطة العام الحالي.
إن المعمل رابح وناجح ما يجعل إنصاف عماله وحل مشاكلهم حقاً مكتسباً لهم يجب إنجازه بالسرعة القصوى.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 903