اتحاد عمال دمشق يسأل الحكومة: أين التنمية والإصلاح... وماذا حلَّ بالدعم؟!
عقد في 15/11/2009 اجتماع مجلس اتحاد عمال دمشق بغياب شبه كامل للوسائل الإعلامية المختلفة باستثناء الزميلتين «كفاح العمال الاشتراكي، تشرين» حيث لم تتم دعوة أية صحف أو مواقع الكترونية أخرى ومن بينها جريدة قاسيون، وقد صرح مصدر في قيادة الاتحاد أن الاجتماع كان يعد أهم المجالس التي عقدها الاتحاد لما أثاره من قضايا ومشاكل ملحة يعانيها الاقتصاد الوطني والحركة النقابية برمتها، ولعل أكثر النقاشات ركزت على مسألة إصلاح القطاع العام الصناعي الذي بقي في مرحلة «مكانك راوح» دون ملاحظة أية خطوات جادة في هذا المجال، والقضية الثانية كانت مطالبة الحكومة بتقديم توضيح في أسباب تأخر توزيع الدعم، وأكد المصدر أن رئيس اتحاد عمال دمشق جمال القادري قد أبدى استغرابه من التأخر في دفع مستحقات الدعم، وتساءل القادري عن أسباب تأخر الدعم الحكومي خاصة وأن فصل الشتاء قد حل مبكراً بخيراته، وأشار القادري إلى عدم وجود شيء واضح حول مبلغ الدعم وطريقة توزيعه والمستفيدين منه.
وفي حديثه عن الوضع الاقتصادي أكد القادري أن إصلاح القطاع العام الصناعي بما يمثله من صيانة لمئات المليارات التي أنفقت على تأسيس شركاته خلال العقود الماضية، والذي كان ضمانة كبيرة للاستقرار الاجتماعي في سورية يحتاج لنظرة موضوعية صادقة تتوفر فيها إرادة الإصلاح الحقيقية، لا أن تقتصر فقط على التصريحات الإعلامية، مطالباً بتفعيل مبدأ المحاسبة تجاه المقصرين بعملية الإصلاح.
ودعا القادري للاستعانة بخبراء محايدين لتشخيص واقع القطاع العام بنظرة موضوعية لإنقاذه من معوقاته ورفده بالأموال اللازمة لاستبدال آلياته وفسح المجال له لمنافسة شريفة مع القطاع الخاص، مؤكداً أن القطاع العام استطاع برغم الصعوبات التي تعترض عمله أن يرفد الخزينة العامةب35 مليار ليرة سورية، مشيراً إلى دوره الكبير والأساسي في توفير مئات فرص العمل في ظل واقع عمل يعاني من عرض كبير وفرص محدودة.
وأكد القادري أن القرارات الـ/17/ التي أصدرتها الوزارة لم يكن للنقابات أي تدخل فيها، وهذا يطرح السؤال التالي على الحكومة: إذا كان إيقاف الشركات الخاسرة من شأنه إيقاف نزيف الخسائر التي يتحدث عنها المسؤولون فلماذا لم يتم إيقاف هذه الشركات منذ سنوات؟!!
أما عن المداخلات التي قدمها رؤساء المكاتب النقابية فقد ركز معظمها على أهم المشاكل الآنية التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني، وبالأخص القطاع العام الصناعي الذي تعرضت معظم شركاته للتخريب والخسارة بفعل فاعل، والإساءة إلى المنتجات الوطنية كما حصل مع شركة بردى التي طرحت للاستثمار الكلي سواءٌ أكان المستثمر محلياً أو أجنبياً، ونوهت إحدى المداخلات إلى التصريح الذي أدلى به وزير الصناعة سابقاً حول العمالة الفائضة، إذ أكدت المداخلة أن قرار عدم احتساب العمالة الفائضة بتكلفه المنتج كان غريباً لأن القطاعات النسيجية تعيش حالة نقص العمال فكيف لنا ألا نحتسب العمالة الفائضة بالتكلفة؟
وأثار علي مرعي رئيس نقابة النفط موضوع العمال في شركة الفرات وقضية إخضاعهم لقانون العاملين مشيراً إلى الرد العجيب الذي أبدته إدارة الشركة حين قالت: «إننا نعمل هكذا وهذه طريقنا، ومن لا يعجبه فليذهب إلى المحاكم».
ولفت مرعي إلى التناقض الكبير بين هدر ملايين الليرات السورية يومياً، نتيجة عدم وضع حد للاعتداءات المتكررة على خطوط النفط، وبين سيناريوهات دعم المشتقات النفطية، مؤكدا أن قسماً كبيراً من تكاليف الدعم الحكومي للمازوت يمكن أن تسد في حال تمت حماية الخطوط النفطية.
وأكد عبد العليم بكور أمام المجلس على الأرقام والخطط التي قدمتها الحكومة مؤكداً أن الخطة الخمسية العاشرة قد شارفت على نهايتها وكانت في معظمها مبنية على أرقام وهمية، وأن الفريق الاقتصادي كان قد أعلن في أكثر من مناسبة أن سورية أقل الدول تأثراً بالأزمة الاقتصادية العالمية، قد يكون هذا الكلام صحيحاً ولكن السبب في عدم التأثر ليس فعالية هذا الفريق في التعامل مع الأزمة، وإنما نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها سورية في ظل تفاقم الأزمة.
ومن هذا المنطلق أكد عبد العليم بكور أنه واستناداً إلى هذه الطروحات فلا بد من يكون العامل شريكاً في الإنتاج، ولابد ويجب أن يكون لنا رأي واضح في الخطة الخمسية الحادية عشرة كشركاء في الإنتاج بعد أن غابت الرقابة والمحاسبة للفريق الاقتصادي الذي طبق نظرية اقتصاد السوق المفتوح وبكل المقاييس، ناسياً أو متناسياً كلمة «الاجتماعي» أو الجانب التدخلي للدولة، في حين نرى بالمقابل أن معظم الدول الرأسمالية تسعى إلى التدخل في كافة الأمور، ففي فرنسا مازال القطاع العام من القطاعات الرائدة، في حين يسعى الفريق الاقتصادي إلى تهميش وتهشيم القطاع العام حيث يقدم كافة التسهيلات للقطاع الخاص على حساب ومصلحة القطاع العام وعماله.
أما غسان السوطري رئيس نقابة الصناعات الكيميائية فقد تطرق إلى المشاكل التي تعترض شركة الزجاج وخط الفلوت المحدث، كما تحدث عن قضية إصلاح الشركات منوهاً إلى ضرورة دراسة الجدوى الاقتصادية لأي مشروع.
أما أيهم جرادة رئيس نقابة الصناعات المعدنية والكهربائية فقد أشار إلى العقبات التي توضع أمام شركات القطاع العام الصناعي من حيث المنافسة غير المتكافئة مع القطاع الخاص في ظل اقتصاد السوق، و محاصرة منتجاته وتثقيلها بالضرائب والرسوم (30% رسوم جمركية على منتجات شركة النصر من شاشات lcd) وإغفال مؤسسات التوزيع لدورها الأساسي في تسويق منتجات القطاع العام، مؤكداً عدم وجود نوايا جدية لدى وزارة الصناعة بإصلاح القطاع العام الصناعي بالرغم من إمكانياته الكبيرة.
الرفيق صالح منصور رئيس نقابة الغزل والنسيج أشار إلى أن قرارات إصلاح القطاع العام التي اتخذتها وزارة الصناعة لم تكن بالمستوى المأمول منها مبيناً أن قرار إعطاء الصلاحية للجان الإدارية ببيع المخازين بالسعر الرائج عالمياً اصطدم عند التطبيق العملي بإجراءات روتينية معقدة أدت إلى عزوف التجار وازدياد الركود في المخازين .
وأكد منصور أن هناك العديد من الآلات المتوقفة في شركات الغزل بسبب غياب اليد العاملة متسائلاً عن مغزى قرار عدم احتساب العمالة الفائضة من تكلفة المنتج.
سامي حامد رئيس نقابة الصحة عرض لنشاطات مكتب النقابة خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن عمال مشفيي الباسل والأسد الجامعي مازالوا غير مشمولين بالطبابة المجانية.
وأكد حامد أن القطاع الخاص لا يلعب دورا تكاملياً مع القطاع العام، بل ينمو على حسابه، مشيرا إلى الآثار السلبية لقرارات وزارة الصحة بتحويل ما تبقى من المشافي المجانية إلى مشاف مأجورة.
حسام منصور رئيس نقابة المصارف أشار إلى الهوة الكبيرة بين كتلة الرواتب وفرق الأسعار، مؤكدا أن أسباب هذه الهوة تكمن في بعض السياسات الاقتصادية التي نفذت من خلال الخطط الخمسية للحكومة.
وقدم منصور اقتراحاً برفع الدعم الحكومي عن المحروقات في ظل العقبات الموضوعة في وجهه، شريطة ردم الهوة بين كتلة الرواتب والأجور والأسعار.
إنعام المصري أمينة الثقافة والإعلام أكدت على ضرورة أن لا يتحول الدعم الحكومي إلى هبات للمواطنين. مشددة على تقديم الدعم العيني المتكامل بأقصى سرعه نظرا لحساسية هذه القضية في حياة المواطن، وخاصة في ظل العديد من الشائعات والأقاويل التي تذهب بالدعم إلى خانة السراب وعدم التطبيق.
أخيراً ...
يمكن تلخيص القضايا والمطالب المهمة التي ناقشها المجلس في اجتماعه، والتي من المفترض أن تقدم إلى الاتحاد العام، بالنقاط التالية:
1) أهمية القطاع العام وضرورة الحفاظ عليه بما يمثله من ضمانة حقيقية للاستقرار الاجتماعي.
2) غياب نوايا جدية تجاه إصلاح حقيقي لشركات القطاع العام الصناعي واعتباطية القرارات المتخذة بهذا الخصوص.
3) العراقيل التي تفرض على شركات القطاع العام وتثقيل منتجاتها بالرسوم والضرائب.
4) تأخر الدعم الحكومي للمشتقات النفطية، وغياب سيناريو واضح يحدد مقدار الدعم وشروط المستفيدين منه.
5) الانسحاب التدريجي للدولة من قطاعات الصحة والتعليم، وأثر ذلك على الحياة العامة للمواطنين.
6) الاهتمام بالقطاع الخاص وتوسيع المظلة التأمينية لتشمل عماله، على أن يكون فاعلاً ورديفاً للقطاع العام، لا أن ينمو على حسابه.