الأجور... الأجور .. يا سامعين الصوت!!
يردد العديد من القيادات النقابية، في الآونة الأخيرة، على مسامع العمال بأنهم يعملون بوطنيتهم وليس بأجرهم، وأن أجورهم لا تكفي ثمن خبز.
هذا جيد كونه اعتراف من هذه القيادات، أن أجور العمال لا تكفي ثمن خبز، مما يعني ويفترض النضال من أجل زيادة أجورهم، كي يتمكن العمال من تأمين حاجتهم الأساسية، التي لا تؤمنها لهم الأجور التي يتقاضونها، وهي ثابتة غير متحركة قياساً بتحرك الأسعار الجنوني، مما يجعل الفارق كبيراً بين مستوى الأجور ومستوى الأسعار.
ولكن، كيف يطلب من العمال أن يعيشوا بالخبز، بينما «أقرانهم» من العاملين بالدولة، وفقاً لقانون العاملين، الذي وضع العمال المنتجين على الدرجة نفسها من المساواة ليس بالحقوق والواجبات، وإنما بمساواة شكلية، ألا يوجد فرق بين وزير ومدير عام يمتطي العديد من السيارات مع لوازمها من تكاليف، وعامل لا يتمكن من الوصول إلى منزله بواسطة النقل الجماعي إلا بشق الأنفس؟ وحقوقه من حوافز إنتاجية وطبابة ولباس، وغيرها من أشياء أخرى، يحرم منها، ويقال للعامل: ليس هناك موارد من أجل تأمين تلك الأشياء، «ولكن تكرم عينك بس تتوفر الموارد ما راح نقصر معك».
ومع هذا الواقع، الذي كله مرارة، يقال للعامل: اعمل بوطنيتك وليس هناك من إمكانيه لزيادة أجرك، لأن الموارد قد تبخرت وذهبت، والعامل يعرف أنها ذهبت إلى جيوب الكبار من الفاسدين، والمحتكرين المتاجرين بلقمة عيش الفقراء، ومنهم العمال، والمطلوب منهم شدّ الأحزمة على بطونهم، وبطون أطفالهم، بينما المتكرشين الذي اغتنوا من لقمة الشعب يعفون من الضرائب وتؤجل ديونهم إلى أجل، لا ندري إن كان مسمى أو غير مسمى.
إن قضية الأجور، التي يدافع البعض عن عدم جدوى زيادتها، هي بالمحصلة الورقة الكاشفة للموقف المفترض أن يكون؛ وهو: الدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم بما فيها أجورهم العادلة، التي يفتقدون لها في ظل أزمة عميقة ومعقدة، طحنت البشر والحجر، دفع فيها الفقراء من لحمهم الحي الغالي والنفيس.
والطبقة العاملة السورية في طليعة من دفع ذلك الثمن، فقراً وتهجيراً وموتاً.
فهل يعي أولو الألباب حجم الكارثة المعيشية للعمال، بسبب أجورهم التي لاتسمن ولا تغني من جوع؟!.