رئيس اتحاد عمال طرطوس نتمسك بالقطاع العام ونرفض بيعه أو تأجيره أو طرحه للاستثمار

 مؤتمر اتحاد عمال طرطوس الأخير حفل بالعديد من المداخلات الهامة، لعل أبرزها المداخلة التي ألقاها رئيس الاتحاد والتي نقدم فيما يلي أبرز ما جاء فيها:

. . . أيها الرفاق النقابيون:

في مؤتمرنا نقدم أنفسنا ليس فقط لتنظيمنا النقابي وللطبقة العاملة ولا لمن نتعامل معهم بشكل مباشر، ولانستعرض نشاطنا أمامكم ونقبل المساءلة منكم فقط وإنما نفعل ذلك وبشعور عال بالمسؤولية أمام وتجاه كل أبناء المحافظة من عمال وغيرهم، إلى التعامل ومعالجة مسائل عامة تتجاوز حدودنا التنظيمية كمحاربة الفساد ذي الرائحة الكريهة التي أزكمت أنوف المواطنين والتمسك بالقطاع العام ومحاربة بيعه أو طرحه للاستثمار والتأجير في سبيل أن يؤدي دوره الوطني الاقتصادي الاجتماعي السياسي، وعملنا الدائم من أجل استمرار وتوسيع رقعة التنمية لمعالجة الأوضاع المعاشية للمواطنين ومحاربة الروتين والبيروقراطية ووضع الضمان الصحي موضع التنفيذ والمطالبة بمعالجة البطالة والتخفيف من آثارها باعتبارها أم الشرور والرذائل في المجتمع، والقائمة تطول ولاتنتهي.

فهل تلك المسائل والقضايا التي ننشط في معالجتها تخص الطبقة العاملة فقط؟! أم تشمل الغالبية العظمى من المواطنين ولها تأثير مباشر عليهم، ألا يفسر هذا قولنا أن الحركة النقابية تمارس دورا ًوطنياً هاماً وتتحمل مسؤولياتها كاملة باعتبارها إحدى أهم مكونات النسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد.

لقد أكد السيد الرئيس في توجيهه للحكومة الجديدة على قيام كل وزارة بعرض أهدافها المرحلية وبرنامج عملها ونحن ننتظر كيف ستترجم الحكومة مسألة النهوض بالأهداف المرحلية وبرامج العمل التي حددها السيد الرئيس لها، وإنهاء حالة الفساد التي قلنا عنها أكثر من مرة أنها استشرت في بعض المفاصل الحكومية؟ غير أننا مازلنا نتذكر جيداً أن المبررات التي تقدمت بها الحكومة السابقة لطرح الشركات العامة للاستثمار هو أنها لن ترصد مبالغ كبيرة لتطويرها من دون أن ننسى اختبائها خلف هدف التطوير العمودي للقطاع العام وإعادة التأهيل وخاصة القطاع الصناعي لرفض التوسع الأفقي للقطاع العام وإقامة مشاريع جديدة وتأمين فرص عمل جديدة، فماذا كانت النتيجة؟ ببساطة ومرارة شديدة نقول أن النتيجة فشل كبير وخيبة أمل أكبر عندما وصل بها الأمر إلى طرح الشركات المنتجة والرابحة للاستثمار كما هي الحال في مرفأ طرطوس ومعمل الأسمنت.

إننا في هذا المؤتمر لانطلب المستحيل، لانريد حلولاً تضر بالوطن، ولكن لدينا تساؤلات مشروعة: هل هناك من ضرر للوطن ومصالحه في تطبيق الأنظمة والقوانين؟ أليس القانون الأساسي لعام 1985 والقانون 50 لعام 2004 نصّا على أحقية العمال بالوجبة الغذائية والطبابة وطبيعة العمل واللباس وصرف كامل العمل الإضافي المكلف به العامل؟ أليس من حق العمال الذين يعملون في مكان واحد أن يتماثلوا بالمزايا طالما يتساوون بالواجبات؟ أليس من المعيب أن نستمر بدفع الأتاوات للصندوق المشترك؟

لقد استمر تجاهل هذه الحقوق عشرات السنين، فهل هي بحاجة إلى نضال آخر يستمر لعشرات أخرى من السنين؟  أنا أقول أنه لايوجد نية ولاإرادة لإعطاء هذه الحقوق من قبل القائمين على تنفيذ واحترام القانون، وإلا لكان الأمر انتهى منذ بداية تطبيق القانون رقم 1 لعام 1985 الضامن لهذه الحقوق.

أيتها الأخوات أيها الإخوة:

أنا لاأقول إننا حققنا إنجازاً بدفع رواتب عمال الشركات الإنشائية وعمال الكرنك وبعودة عاملات السجاد حلت مشكلة عمال الأسمنت والمصارف الذين يعملون على الفاتورة، وأيضاً مشكلة فوائد القروض المترتبة لصالح مصرف التسليف الشعبي، وإنما أقول مازال هناك اعتداء على حقوق هؤلاء العمال وهو مستمر والقضية مازالت تطرح نفسها بقوة وهي بحاجة لمعالجة جذرية ولا تحتاج لحلول قاصرة وآنية، وأنا عندما أتحدث أمام هذا المؤتمر أعلم جيداً أن حديثي وماأطرحه لا يأتي في مقدمة مايطرحه الإخوة النقابيون، وإنما يأتي خلف مايطرحونه، أما فيما يتعلق بقضايا الشركات الإنشائية فلدى بعضها اليوم الرغبة الجدية للعمل وهي مستعدة وحاضرة لتحسين عملها وسمعتها وهي ساعية إلى ذلك بقوة وتطلب فرصة لإثبات ذلك، وهنا أتوجه للسيد المحافظ الذي نكن له كل المحبة والاحترام راجياً التعاطي بإيجابية مع ماهو قائم حالياً لدى هذه الشركات والمبادرة بوضعها أمام مسؤولياتها الوطنية وإجراء عقود بالتراضي ومحاسبتها بقسوة في حال الإخلال بالتزاماتها إنقاذاً لعمالنا.

أيها الرفاق النقابيون:

إن ماهو مطروح  اليوم حول القطاع العام وماتسعى إليه الحكومة أو ماسعت إليه الحكومة السابقة كان موضع خلاف بيينا وبينها وأخذت برأيها غير عابئة بكل الآراء والاقتراحات التي قدمناها، قد يقول قائل إنه حتى هذا التاريخ لم تحدث خروقات كبيرة في هذا المجال، وهذا لايهدئ مخاوفنا لأنه على الأقل في محافظة طرطوس مثلاً صدر قرار إلغاء حصر التوكيلات الملاحية فماذا كانت النتيجة ومن كان وراء قرار الإلغاء؟ دعونا نجيب على هذا السؤال بالأرقام: ففي عام 2003 حققت التوكيلات دخلاً لخزينة الدولة أكثر من 730 مليون ل.س قابل ذلك بضائع مصدرة ومستوردة أقل من 6 ملايين طن، وفي العام 2005 الذي طبق فيه قرار الإلغاء حققت التوكيلات دخلاً قدره 200 مليون ل.س يقابله أكثر من 12 مليون طن وأمام هذا الرقم 12 مليون طن يجب أن تكون قد حققت التوكيلات في حال وجود الحصر أكثر من مليار ونصف المليار ليرة سورية لخزينة الدولة. فمن ياترى الذي استفاد؟ هل الوطن أم صاحب قرار إلغاء الحصر، إن من يسعى لعرض الشركات الرابحة للتأجير والاستثمار يسعى إلى الهدف الذي وصل إليه صاحب قرار إلغاء حصر التوكيلات الملاحية والأدلة لدينا موجودة ومصدقة، ونحن نتوجه إلى من سعى بكل قوة إلى ذلك في مرفأ طرطوس ونسأله: مما كنا نعاني في العام 2005 بمرفأ طرطوس؟ هل من نقص البواخر وقلة العمل؟ أم من شدة الازدحام وكثرة العمل حيث وصل عدد البواخر المنتظرة إلى أكثر من خمسين باخرة واضطررنا إلى تشغيله على مدار الساعة وفتح الباب لتشغيل أكثر من 1400 عامل عرضي، وبالكاد أصبح المرفأ يتسع للبضائع، فأي مصلحة للوطن بطرح بعض مساحاته وأرصفته للاستثمار أو التأجير، ألم يكن من البديهي أن نفكر بإنشاء مرفأ آخر خاص بالحاويات ولندع القطاع الخاص يأخذ دوره كاملاً ويثبت جدارته في هذا المجال، ويبقى الدخل للوطن عسى أن يكون هناك من دخل منه.

إن صاحب الاقتراح واحد للتوكيلات والمرفأ وكذلك المشكلة ذاتها في معمل الأسمنت المعروض للاستثمار فهل لأنه خاص أم لاتباعه بشركة التوكيلات. فمع بداية العام 2005 تم السماح للتجار باستيراد مادة الأسمنت حلاً للأزمة القائمة، فهل حُلت أم تفاقمت وازداد تهريب الأسمنت المصنع محلياً إلى السوق السوداء، فالمشكلة ليست في نقص مادة الأسمنت ولكنها عند السماسرة وحماتهم الذين تسببوا في هذا النقص وارتفاع الأسعار وعدم الجدية لإنهاء هذه الحالة من السلطات المعنية بقمع هذه الظاهرة التي تتفاقم يومياً.

أمر آخر تجدر الإشارة إليه، فقد كان مصرف التسليف الشعبي في طرطوس يعطي قروضاً شهرية بحدود 75 مليون ل.س وفي العام 2006 خفضت حتى وصلت إلى 5 مليون ل.س فأين الحكمة في ذلك.؟ ألا ترون أن من يفعل ذلك ويدفع بهذا الاتجاه يريد أن يظهر القطاع العام بأنه غير قادر على تلبية حاجات الناس ويعمل على تخريبه ويسيء إلى دوره الوطني الذي مكن بلادنا من الوقوف في وجه كل مخططات التآمر عليه؟ أليس القطاع العام هو الذي عزز قوة قرارنا السياسي والاقتصادي وجعل من سورية قوة قادرة  فاعلة مؤثرة يحسب لها ألف حساب في أحلق الظروف وأشدها خطورة وتعقيداً.

نحن نقف باستغراب شديد عندما نرى تهافت البعض للهجوم على قطاعنا العام لتخريب البلد وإظهاره بمظهر الفاشل وغير القادر على تلبية حاجات الناس!! وعندما نحاور الآخرين يقولون: هذا  قرار متخذ ولاجدوى من الحوار؟!

أيها الأخوة والأخوات:

إلى متى نغمض عيوننا؟ إلى متى نصم آذاننا هل نستسلم أمام هذا الواقع الذي يريد البعض فرضه ويؤدي إلى ضياع القطاع العام الذي نرى فيه مستقبل أبنائنا وفيه تحصين لقوة الوطن؟!

أمام هذا ألا يحق لنا أن نسأل وبجدية إلى أين تقود هذه الجهات بلادنا وأي مصير يريدونه لنا؟!

نحن اليوم بحاجة إلى وقفة ضمير، إلى وقفة مع الذات، وقفة وطنية صادقة ندعو فيها الحكومة الجديدة إلى تحمل مسؤولياتها كاملة في هذه الظروف الحرجة تجاه ماهو مطروح كون بلدنا يجابه أشكالاً متعددة من التحديات والعدوان وقرار سورية واضح بلا ريب وهو المقاومة والصمود، ومن أهم مقومات هذا الصمود وهذه المقاومة تحصين سورية اقتصادياً وجعل المواطنين يشعرون بالطمأنينة على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، غير أن مانراه ونلمسه ونعاني منه هو أنها سببت خوفاً وقلقاً للناس وكونت لديهم مزاجاً سيئاً مما يرونه من تضرر لمصالحهم، لهذا كله نعلن موقف الطبقة العاملة وحركتها النقابية تجاه التأجير والاستثمار المتجسد بالرفض والعداء والمقاومة لأنهما شكلان قذران من أشكال البيع والخصخصة لقطاعنا العام ويؤديان إلى زعزعة الوحدة الوطنية.. . .

■ رئيس اتحاد عمال محافظة طرطوس

محمد سليمان حسن

 

قاسيون بتصرف