وزير الإدارة المحلية يحلها أخيراً.. إعادة من كُفت يده إلى العمل في مديرية المصالح العقارية
دأبت «قاسيون» عبر صفحاتها على فضح بعض مكامن الفساد أينما وجد، وخاصة الكبير منه، وفي متابعتها لملف الفساد في المصالح العقارية نوهت أكثر من مرة لحالة الفساد في هذه المديرية بدءاً برأس الهرم فيها، وانتهاءً بالمتواطئين معه، وفي عددها 486 تاريخ 20/1/2011، وتحت عنوان «ملف الفساد في المصالح العقارية يأخذ أبعاداً جديدة، ولماذا التلكؤ بالبدء بمحاكمة عادلة ونزيهة للجميع؟» أكدت الصحيفة أنها عبر تحقيقاتها سلطت الضوء على الفساد الكبير في مديرية المصالح العقارية، منوهة بمسارعة الجهات التنفيذية إلى إلقاء القبض على العديد من الفاسدين من كل الحجوم، وعلى عدد من المشتبه بفسادهم، ولكنها توقفت منبهة من تضرر بعض الأبرياء.. وطالبت بإطلاق سراح غير المذنبين.
وبعد مرور أكثر من عامين واللهاث من محكمة لأخرى ومن قاض لآخر، دون أن يصار جدياً إلى النظر في كل جرم، وحجمه، وطبيعته، كل على حدة، وكف يد العديد منهم إذا كان التوقيف ناجما عن جرم جزائي ارتكب أثناء تأدية العمل أو بسببه، ومن ثم وبناء على كل هذه التناقضات التي رافقت فترة توقيفهم، عملت قاسيون مع زوجات بعض الموقوفين على رفع كتب عديدة للجهات المسؤولة والقضائية لإعادة النظر بمن أوضاعهم مختلفة تماماً عن الفاسدين الكبار الذين شفطوا الملايين، ومن بينها كتاب إلى رئاسة الجمهورية يطالب بتسريع المحاكمة، ملتمسين إخلاء سبيل بعض الموقوفين لإحقاق الحق، بعد أن أشهر قاضي الإحالة بتاريخ 4/3/2010 قراره دون أن يستجوب أحداً، أو يأتي بأي شاهد، أو النظر بالدعوى وفقاً لما تفرضه أصول المحاكمات، حيث بقي الملف لديه أكثر من شهر ونصف ليصدر قراراً جرّم فيه كل المدعى عليهم، ودون إخلاء سبيل. على الرغم من عدم قناعته بالقرار، وذلك حين قال بالحرف الواحد «إن قلبي يقطر دماً وأنا أكتب هذا القرار لأني غير مقتنع بما أكتب كون هذه الإضبارة تحت المجهر.... وتم بذلك صرف العاملين من الخدمة قبل أن يصدر الحكم بإدانتهم أو براءتهم، وتم الاستيلاء على عقارات الملف كاملاً دون انتظار صدور قرار من المحكمة يشير إلى أن تصرفات الموقوفين صحيحة أو خاطئة.
وطالبنا في كل مرة بتسريع عمل المحكمة، والعمل بجد على ألا يذهب الأبرياء بجريرة المذنبين، وألا يوضع الجميع الصغير والكبير في مرتبة واحدة، فيتميع الجرم، وتتبدد الحقيقة..
وأخيراً جاء الفرج حين أصدر وزير الإدارة المحلية مطلع الشهر الفائت قراراً بإعادة العاملين المطرودين من الخدمة في المصالح العقارية لعملهم، وذلك عبر وثيقة صادرة عن وزارة الإدارة المحلية بتاريخ 7/7/2011، تحت الرقم 1505/ش.آ، جاءت فيها:
إنه واستنادا لأحكام المادة/6/ من القانون رقم/7/ لعام 1990 والتي تنص على ما يلي:
يعتبر العامل مكفوف اليد حكماً خلال فترة توقيفه ويعتبر كف يده ملغى حكماً عند إطلاق سراحه ما لم تقرر السلطة التي تمارس حق التعيين استمرار كف يده إذا كان التوقيف ناجماً عن جرم جزائي ارتكب أثناء تأدية العمل أو بسببه.
واستناداً لرأي لجنة القرار /1/ لعام 2005 رقم م/2/29/41 تاريخ 16/5/2011 المتضمن: في حال رغبت الإدارة بإعادة العامل المؤقت بعد إنهاء عقده لانقطاعه عن العمل فيجوز لها التعاقد معه بعقد جديد على أساس أجر بدء التعيين دون الحاجة إلى ترشيح أو شهادة قيد عمل من مكتب التشغيل.
واستناداً لكتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 1355/و تاريخ 8/6/2011 المتضمن الحالات التي تحتاج إلى موافقة أمنية.
ونظراً لوجود عدد من العاملين في مديريات المصالح العقارية في المحافظات مكفوفي اليد ومحالين للقضاء.
فإننا نقترح الموافقة على إعادتهم إلى عملهم ومتابعة الدعاوى القضائية المقامة بحقهم وهم.....
إن القرار الذي أصدره الوزير فيه كل العدالة للأبرياء منهم، لكن السؤال هو: من يعوض كل هؤلاء الأبرياء عن الأذى النفسي والمادي، وهم الذين راحوا ضحية حيتان الفساد؟ ألم تشكل حرية المواطن أهم ما سعى إلى حمايته الدستور السوري في بعض مواده، حيث نص صراحة على عدم جواز تعريض حرية المواطن للاعتداء، كما منع احتجاز الأشخاص دون توفر سبب مشروع، فضلاً عن أنه كرس مبدأ تقديس الحرية الشخصية للمواطن وكفالة الدولة لها كما في المادة 25 منه، وأن المتهم بريء حتى يدان بحكم قضائي.. ولا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون كما جاء في المادة 28 منه؟.