رئيس اتحاد العمال العرب لقاسيون: تطبيقات الليبرالية الجديدة باهظة الثمن على العمال والفقراء والدول..

● طروحات الليبرالية الجديدة  أضحت هماً مشتركاً تتقاسمه أطراف الحركة النقابية الدولية والحريصين على مصالح العمال والشعوب والسلام العالمي .

● وصفات البنك الدولي وصندوق النقد  والشركات متعددة الجنسية ومنظمة التجارة العالمية جميعها آليات وأدوات للتحكم بالمال والأعمال واستغلال ثروات الشعوب لحفنة من الناس على حساب الأغلبية الساحقة منهم .

● نحتاج إلى وعي نقابي عالي المستوى لطبيعة المرحلة والقوى الفاعلة فيها وتضامن حقيقي ووحدة في الحركة والهدف.

● تضمنت قوانين العمل العربية نصوصاً تجيز ممارسة حق الإضراب في أغلب الدول العربية..

● أجور العمال العرب تتميز بثبات معدلاتها في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار السلع والخدمات .

 

التقت قاسيون السيد حسن جمام رئيس اتحاد العمال العرب وطرحت عليه بعض الأسئلة فأجاب:

يطيب لي أن أجيب  على أسئلتكم التي تقدمتم بها حول قضايا العمال العرب والدور المناط بالاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب في الدفاع عن مصالح العمال الحيوية وحرياتهم وحقوقهم النقابية لايفوتني أن أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على اهتمامكم ومن خلالكم إلى كل الصحافيين الذين كانوا معنا دوماً في نضالنا المشترك من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية خلال نصف قرن منذ تأسيس الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ونحن نحتفل معكم اليوم بالذكرى الخمسين لتأسيسه.

نشاط الاتحاد ودوره

بعد تأسيس الاتحاد في عام 1956 انضم إلى الأسرة النقابية الدولية تحت مظلة منظمة العمل الدولية، المنظمة الدولية المتخصصة بعالم العمل والعمال في إطار الأمم المتحدة، والفريدة بتكوينها الثلاثي الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال وتطورت العلاقات  بهذه المنظمة الدولية وغدا للعمال العرب مكانة مرموقة فيها تجسدت في الدور الذي يلعبه العمال العرب في مختلف الأنشطة المتعلقة بقضايا العمل والعمال لاسيما في المؤتمر السنوي الذي يعقد في جنيف، حيث تأخذ القضايا العربية حيزاً كبيراً من اهتمام الأسرة النقابية الدولية وتجد الدعم والتأييد من أغلبية الحكومات والمنظمات المنضوية في إطار منظمة العمل الدولية لاسيما قضية الشعب الفلسطيني وإدانة الاحتلال الصهيوني للجولان السورية ومزارع شبعا، وكذلك إدانة الاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق حيث صدرت قرارات بهذا الشأن من الفريق العمالي يتناول معاناة العمال العرب تحت الاحتلال وتطالب بإنهاء الاحتلال وحق تقرير المصير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبهذا الخصوص تعقد جلسة خاصة لمناقشة تقرير المدير العام للمنظمة المتعلق بأوضاع العمال العرب في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى الذي يشكل عادة إدانة الأسرة الدولية لممارسات الكيان الصهيوني في فلسطين ويلقي الضوء على الجرائم البشعة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق العمال العرب تحت الاحتلال.

من ناحية أخرى يحظى الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بالعضوية الاستشارية في آسيا وأفريقيا لمنظمة العمل الدولية، وبدعم متواصل من  هذه المنظمة خاصة من قسم الأنشطة العمالية اكتراف actrav ويلعب المكتب الإقليمي للدول العربية في بيروت التابع للمنظمة دوراً متميزاً في هذا الصدد.

وقد خطا الاتحاد خطوة كبيرة ونقلة نوعية في إطار هذه المنظمة الدولية حيث تبوأ أربعة نقابيين عرب عضوية مجلس إدارة هذه المنظمة في العام الماضي وهذه أول مرة في تاريخ الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وهذه نقلة لها دلالتها وأبعادها النقابية تدل على ثقة الحركة النقابية الدولية بأهمية دور العمال العرب ومصداقية اتحادهم الأم.

أما فيما يتعلق بعلاقات الاتحاد مع المنظمات الأخرى فإنه منذ مطلع التسعينات أقر المجلس المركزي وأكدت ذلك المؤتمرات التالية على المفاهيم الرامية إلى توطيد علاقات الاتحاد مع أطراف الحركة النقابية والتوجهات المستقبلية المتعلقة بهذا الخصوص وأهم ركائزها الاستقلالية، الندية، عدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل.

في ضوء هذه الركائز انطلق الاتحاد ليبني علاقات نقابية وطيدة وتضامناً حقيقياً وفعالاً للدفاع عن الحقوق والحريات النقابية، وضمن هذا السياق استضافة الأمانة العامة عدة فعاليات نقابية كان أهمها ثلاث قمم نقابية دولية شاركت فيها منظمات نقابية دولية وأقليمية ووطنية تناولت ضمن محاورها قضايا العمال ومنظماتهم وتفعيل التضامن النقابي العالمي ومواصلة الحوار بين أطراف الحركة النقابية لتستعيد موقعها النضالي في دفاعها عن مصالح العمال الحيوية ومواجهة التحديات التي نجمت عن المسارات السلبية للعولمة.

حول الليبرالية الجديدة

إن طروحات الليبرالية الجديدة لم تقتصر على نظرة العمال العرب لها فحسب، ولكنها أضحت هماً مشتركاً تتقاسمه أطراف الحركة النقابية الدولية والحريصين على مصالح العمال والشعوب والسلام العالمي، فمنذ أن أطاحت التاتشرية والريغانية بمكاسب العمال وتقليص دور الدولة في الحماية الاجتماعية والرعاية لذوي الدخل المحدود في الثمانينات من القرن الماضي، والعالم يشهد تأثيرات عميقة متزايدة على السياق الذي تعمل فيه النقابات، ذلك أن العاملين يواجهون الآن سوقاً عالمياً للقرن الحادي والعشرين يعمل داخل إطار مؤسسي ظالم يذكرنا في كثير من الأحيان بالأوضاع التي سادت في القرن التاسع عشر أو مايسمى برأسمالية ماقبل تطبيق مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبالنظر إلى أن الأمور هكذا فلا عجب أن تكون الكلفة الاجتماعية لاتجاهات وتطبيقات الليبرالية الجديدة باهظة الثمن على حساب العمال وأسرهم والفقراء بما فيهم الدول في عالمنا الثالث.

وكما نعلم فإن تدخل القوى الرأسمالية والبيوت والمراكز المالية الدولية في الشأن الاقتصادي الوطني والدولي غدا حقيقة لاتقبل الشك فوصفات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والشركات متعددة الجنسية ومنظمة التجارة العالمية جميعها آليات وأدوات للتحكم بالمال والأعمال واستغلال ثروات الشعوب لحفنة من الناس على حساب الأغلبية الساحقة منهم، فالخصخصة وإعادة الهيكلة للاقتصاد الوطني والعالمي والتثبيت الهيكلي وبيع القطاع العام وإلغاء دوره الاجتماعي والتنموي وانحسار دور الدولة كل تلك مظاهر الليبرالية الجديدة في مناخات ومسارات العولمة السلبية التي تحاول فرضها القوى المحافظة والرجعية في المركز الرأسمالي في واشنطن ولندن وعواصم مجموعة السبعة أو الثمانية التي تريد تحقيق أكبر الأرباح وإحكام السيطرة على مقدرات وثروات الأمم، والحصيلة كما ترى تصاعد البطالة ومستويات الفقر وتدني مستوى المعيشة وتشليح البشر في ظل سوق عالمي مفتوح وتجارة حرة عدنا من خلالها إلى نوع من الرق المستتر والعبودية ضمن هذه الرؤية يستحيل علاج أوضاعنا كعمال وشعوب عن طريق وصفات وتدخلات قوى الليبرالية الجديدة المتوحشة بما فيها التقاعد المبكر والعقود الفردية والعمل لبعض الوقت وهيمنة القطاع الخاص في غياب القانون والانفلات والتحايل على معايير العمل الدولية والاتفاقيات ذات الصلة التي تحفظ الحد الأدنى لكرامة الإنسان.

والحركة النقابية الدولية ومن بينها الحركة النقابية العربية تدرك جيداً مرامي وأهداف قوى الليبرالية الجديدة في تضخيمها للفردية والمصالح الأنانية الضيقة فهي من جهة تسعى إلى اضمحلال دور الدولة الوطنية وكف يدها عن التدخل في الشأن الاقتصادي وجعل المبادرة والتدخل في أيدي التجار والسماسرة والشركات المتعددة الجنسية.

ومن الجهة الأخرى تناصب النقابات ومنظمات العمل العداء وتصفهم أنهم عقبة في سبيل التنمية لابد  من إزالتها وإلغاء دورها.

لهذا الهدف جندت قواها لتسريح العمال وقفل المصانع وأحياناً نقلها إلى حيث توجد العمالة الرخيصة والدول الضعيفة المستجدية للمستثمرين والغارقة في وحل تسديد ديونها وعثرات التنمية، وما تصاعد البطالة واللجوء إلى فرض التقاعد المبكر والعقود الفردية وتقليص التأمينات الاجتماعية ومكاسب العمال والخلاص من معايير العمل الدولية إلا آليات للوصول من خلال تآكل حجم العضوية فيها وتقليص مدخولاتها من المنتسبين إليها.

ومما لاشك فيه أن مثل هذه المظاهر والممارسات غير العادلة لم تبدأ مع الليبرالية الجديدة ولن يتم إلغاؤها بإنهاء مضامين هذه المرحلة ولكن القضية تحتاج إلى وعي نقابي عالي المستوى لطبيعة المرحلة والقوى الفاعلة فيها وتضامن حقيقي ووحدة في الحركة والهدف من العمال ومنظماتهم الوطنية والدولية لمواجهة تحديات الليبرالية الجديدة ومسارات العولمة السلبية.

قوانين العمل العربية

أؤكد بداية أن القانون عموماً في موقفه من الحقوق والحريات النقابية وجوداً أو عدماً ـ تحريماً أو إجازة ـ تقييداً أو أخلاقاً ـ وفي تنظيمه العلاقات الاجتماعية والجماعية شكلاً ومضموناً ـ إنما يعبر عن فلسفة سياسية واقتصادية واجتماعية تمثل في مجموعها أيديولوجية السلطة التي تقود المجتمع، ويفترض أن تكون هذه الأيديولوجية هي الأيديولوجية المقبولة اجتماعياً حين تمثل السلطة المجتمع تمثيلاً صحيحاً وعادلاً وديمقراطياً.

غني عن القول أن الدولة في أوروبا قد لجأت إلى استخدام القانون كوسيلة في تنظيم علاقات العمل منذ أن اختارت منهج التدخل في تنظيم علاقات العمل  بعد أن هجرت مذهب عدم التدخل إثر فشله في تحقيق السلم الاجتماعي والعدالة  الاجتماعية.

وقد اختارت الدول العربية جميعها منهج التدخل هذا إلا أنها مارسته متأخرة زمنياً عن  الدول الأوروبية، واليوم مانخشاه أن تتخلى الدولة عن هذا التدخل إذعاناً لقوى اقتصاد السوق  والسماسرة والتجار والشركات الكبرى نزولاً عند رغبة المستثمرين والبيوت المالية الدولية وعلى الرغم من أن كم النصوص التشريعية المنظمة لتدخل الدولة في تنظيم علاقات العمل في كل دولة عربية يبدو كماً معقولاً إلا أن مضمون كثير من هذه النصوص كان في الغالب دون المضمون الذي نصبو إليه، وهذه نتيجة غير مستغربة ذلك لأن مضمون التشريع الاجتماعي يتوقف على درجة التقدم الاقتصادي من جهة، والفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد في الدولة من جهة أخرى.

ونرى عموماً أن قوانين هذه الدول ماتزال تقف موقفاً متردداً من الصيغ الإيجابية لعلاقات العمل وهي التفاوض الجماعي والحوار والتشاور وقبل كل هذا الاعتراف الفعلي في النصوص القانونية والممارسة بحق النقابات في التدخل الاجتماعي والاقتصادي بصفتها شريكاً اجتماعياً لاغنى عنه.

ويظل الموقف النقابي العربي من قوانين العمل العربية على المستوى القطري والقومي في مربع المطالبة الملحة بتطوير هذه القوانين لتواكب طبيعة المرحلة وتستجيب لطموحات العمال وتعزيز العدالة الاجتماعية والعمل على توحيد تشريعات العمل العربية وإقامة السوق العربية المشتركة وتفعيل الاتفاقيات العربية برؤية شاملة لأمة تبحث عن مكانتها على خارطة الأمم المتحضرة.

سياسة الأجور وموقف النقابات

يعتبر الأجر ركناً أساسياً في عقد العمل وهو يمثل أحد الالتزامين الرئيسيين في عقود العمل عامة ذلك أن أهم التزام يرتبه عقد العمل على صاحب العمل هو دفع أجر العامل وأهم التزام على العامل هو القيام بالعمل، ولأن الأجر هو المصدر الأساسي وقد يكون الوحيد للعامل في عيشه وأسرته فقط كان ذلك مدعاة للمشرع العربي في التشريعات الاجتماعية بإرساء قواعد لحماية الأجر وضمان دفعه إلى العامل في المواعيد المتفق عليها وبيان مدد تقادمه وقواعد الوفاء به وطرق حسابه وغير ذلك.

ولكن الأجور في الوقت الراهن وفي ظل ظروف المتغيرات الدولية والتحولات الاقتصادية التي نشهدها تتميز بثبات معدلاتها في كثير من أقطارنا العربية في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار السلع والخدمات في هذه الأقطار، وقد شهد عدد من الدول العربية التي طبقت برامج الإصلاح الاقتصادي تقليصاً في الأجور أو تجميدها وإلغاء الحد الأدنى للأجر في سعيها لتقليص الإنفاق الحكومي كما تقضي بذلك سياسة التحولات الاقتصادية المعروفة بسياسة التثبيت الهيكلي، وعند تطبيق الإجراءات الأخرى المرافقة مثل تخفيف سعر الصرف للعملة المحلية وإلغاء الرقابة على الأسعار وعدم تدخل الدولة في آليات العرض والطلب والأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، أدت إلى تآكل الأجر في غياب تحريك الأجر الرسمي.

في ظل هذه الظروف الصعبة يصبح الحفاظ على مستوى الأجور والمكاسب التي حققها العمال خلال الفترات السابقة أمراً يصعب تحقيقه بسهولة، بل يتطلب فعلاً اهتماماً خاصاً وفهماً مشتركاً من أطراف الإنتاج الثلاثة الحكومات وأصحاب العمل والنقابات والارتقاء بالمسؤولية الجماعية في هذا الخصوص، ويبقى على النقابات الدور الأساسي:

- من أجل تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الأجر للعمل المتشابه انطلاقاً من الحرص على أن تأخذ المرأة دورها وتحصل على حقوقها كونها تشكل عنصراً فاعلاً وأساسياً في الأسرة وفي بناء المجتمع.

- لبذل جهودها لتحقيق الهدف من تحديد الحد الأدنى للأجور بشكل ينسجم مع متطلبات الحياة في كل مجالاتها وليتوفر للعامل مايمكنه من الحصول على الحاجات الضرورية له ولأسرته ومن أهمها السكن الصحي والغذاء والملبس والعيش الكريم.

- أن تأخذ دورها في المشاركة  ضمن اللجان التي تشكل للنظر في مسألة الأجور بالإضافة إلى دورها في عضوية مجالس الإدارة للمنشآت الصناعية، ودورها في جمعيات حماية المستهلك والمجتمع المدني عامة، والحرص على زيادة في الأجور للعاملين تتناسب مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في الخدمات.

الحق في الإضراب

إن قضية حق الإضراب والأهلية المطلوبة لممارسة هذا الحق والأهداف منه (الإضراب المتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والإضرابات السياسية والتضامنية) قضية مازالت مصدر أخذ ورد بين الأوساط النقابية وبين الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال، وهي قضية تتطلب تحديد نطاقها والأنواع المختلفة وشروطها والمسؤولية في إعلانها وشرعيتها والحالات التعسفية خلال ممارسة هذا الحق والعقوبات الواسعة النطاق التي تلحق بالعمال المضربين.

وقد تضمنت قوانين العمل العربية نصوصاً تجيز ممارسة هذا الحق في أغلب الدول العربية، ولكنها وضعت شروطاً وأنظمة لابد من مراعاتها، وقد تكون أحياناً من الصعوبة بمكان مراعاتها والتقيد بها مما يخلق إشكالية حقيقية حول ممارسة هذا الحق فعلاً.

أما في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب فقد أكد ممارسة هذا الحق في الإضراب ضمن الأهداف (المادة4) من دستور الاتحاد وكذلك البند الرابع في الحق بمزاولة النشاط النقابي الوارد في ميثاق  الحقوق والحريات النقابية والمطالب الاقتصادية والاجتماعية الذي أقره  المؤتمر العام التاسع للاتحاد عام 1994.

وفي الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ننظر إلى مسألة الحق في الإضراب بأنها حق شرعي ومشروع يأتي في عداد الحقوق الأساسية للعمال ومنظماتهم، ومع ذلك نرى كما ذهبت لجنة الحريات والحقوق النقابية في منظمة العمل الدولية بأنه لايمكن اعتبار الإضراب حقاً إلا بقدر ما يتم استخدامه كوسيلة لدفاع العمال عن مصالحهم الاقتصادية وحماية منظماتهم النقابية من تدخل السلطات في شؤونها أو إرغامها على اتباع نهج يعادي مصلحة العمال ويتناقض والمبادئ والحقوق الأساسية في العمل.

فنحن نقف مع المضربين الذين يعتبر إضرابهم إحدى الوسائل الأساسية التي يستطيع العمال ومنظماتهم من خلالها تعزيز مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والدفاع عنها، ذلك باعتبار حق الدعوة إلى الإضراب بمثابة العنصر الوحيد الذي يمكن من خلاله الحفاظ على حقوق العمال ومنظماتهم بالرغم من  من أن هذا الحق لم يرد فيه نصٌّ في الاتفاقية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم إلا أنه متفق عليه كحق لدى الأوساط النقابية ولايتناقض مع أي نص في معايير العمل الدولية والمبادئ والحقوق الأساسية في العمل، وينبغي الإصرار على التمسك بهذا الحق لحماية العمال وعلى الأخص حماية قادتهم من أي تمييز قد يمارس ضدهم بسبب مشاركتهم في الإضراب، كما يجب أن يكون النقابيون قادرين على تشكيل نقابات عمالية حرة ومستقلة قادرة على ممارسة هذا الحق في الدفاع عن مصالحها وإجبار أعدائها على احترام حقوقها وحرياتها النقابية.

كما نؤكد على أن الإعلان عن عدم قانونية الإضراب وتحريمه بسبب  تعبيره عن الاحتجاج على العواقب الاجتماعية والعمالية لسياسة الحكومة الاقتصادية، يشكل انتهاكاً خطيراً للحريات النقابية لايمكن السكوت عنه أو محاباة الحكومة في موقفها المعادي للحريات.

وتظل القناعة المشتركة لدى العمال بعدالة قضيتهم  وتعزيز ثقتهم وحقهم في الإضراب حتى يصل إلى الهدف منه أهم الأدوات النضالية وأنجح الوسائل للوصول إلى حقوقهم من الجهة الأخرى يلعب تضامن المجتمع مع المضربين وعدالة قضيتهم ومسؤوليتهم الجماعية في الدفاع عن المصالح العليا للمجتمع قوة مضافة لقوة التنظيم النقابي وحق الإضراب، ويأتي التضامن النقابي العالمي إضافة أخرى لمساندة العمال في إضرابهم المشروع في ظل القوانين والأعراف الوطنية و الدولية من أجل العدالة الاجتماعية وكذلك ضرورة إقامة صندوق وطني من أجل ممارسة الحق في الإضراب كضرورة لابد منه لتجنيب العمال المضربين الابتزاز والهوان المادي والاجتماعي والاستخفاف بمطالبهم وتنظيمهم  النقابي.