بصراحة هل الحكومة والنقابات على اتفاق وتوافق؟؟
ترددت كثيراً كلمة الاتفاق والتوافق والتشاركية داخل اجتماعات مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال من قبل الوزراء وغيرهم، ويبدو ترديد تلك الكلمات بالكثافة التي طرحت بها، ما هي إلا تعبير عن أزمة بين مايقال وبين ما يمارس، بين ماتعد به الحكومة القيادات النقابية من حلول للمشكلات، والمطالب التي يتقدم بها العمال عن طريق المكاتب والاتحادات العمالية سواء كمذكرات أو داخل المؤتمرات، وبين ماتقوم به الحكومة من إجراءات حيث تلعق كلامها الذي تتقول به بأنها مع مطالب العمال. مما يجعل النقابات بحرج دائم أمام العمال، كما عبر عن ذلك أحد النقابيين، ومما يزيد العلاقة بين العمال وممثليهم تباعداً، والشك الدائم بإمكانية تحقيق المطالب والدفاع عنها من خلال القوانين والتشريعات التي أصدرتها الحكومة أو القرارات التي تصدرها الوزارات لتنظيم حقوق العمال، أي أن تلك القرارات التي أصدرتها الحكومة هي من يصادرها ويعتدي عليها.
والسؤال الذي يفرض نفسه بهذا السياق: هل هناك فعلاً تشاركية واتفاق وتوافق بين الحكومة والنقابات كما عبر عن ذلك في اجتماع المجلس الأخير وفي غيره من المنابر؟
إن المتتبع لسير اجتماعات المجلس الأخير سيكون استنتاجه النفي، فالدردري قال حول (لجنة العشرة) التي شكلتها الحكومة لإعادة دراسة وضع القطاع العام الصناعي: «لاخصخصة ولا بيع لأصول القطاع العام الصناعي ولا تغير في الملكية»، وهذا ماأكد عليه أيضاً أسامة عدي رئيس مكتب العمال القطري، وأصرّ الدردري أن هناك اتفاقاً بين أعضاء اللجنة بـ 90% من القضايا.
ولكن ممثل العمال بهذه اللجنة قال: إن النقطة الأولى التي طرحت في أول اجتماع للجنة هي بيع وخصخصة الشركات الرابحة وغيرها، حيث جرى حول هذه النقطة خلاف كبير بين أعضاء الجنة وبين ممثلي العمال ،للحد الذي استدعى من القيادة دعوة ممثلي العمال ورئيس اللجنة إليها، وعليه تم تأجيل الحسم إلى أن يصدر قرار من القيادة.
إزاء ذلك هل يوجد فعلاً توافق وتشاركية واتفاق بين تلك التوجهات والنقابات؟
أما بالحقوق العمالية ومطالبها فحدث ولاحرج والأمثلة أيضاً كثيرة:
- صدور القانون 50 الذي يثبت العديد من المزايا والحقوق للطبقة العاملة السورية، ولكن جاءت التعليمات التنفيذية التي أصدرتها الحكومة لتصادر تلك الحقوق. وموقف النقابات من ذلك المطالبة الدائمة بكل الوسائل المعهودة من أجل تثبيت حقوق العاملين كما نص عليها القانون، ولكن دون جدوى.
- موقف الحكومة من تثبيت العمال المؤقتين والمياومين والعاملين على الفاتورة، والذين يعملون على خطوط الإنتاج منذ سنوات والذي يقدر عددهم بعشرات الآلاف .
- تخفيف وضغط مستحقات العمال في موازنة 2007 من خلال هيئة تخطيط الدولة وخاصة مستحقات الطبابة بذرائع مختلفة.
- موقف الحكومة من عمال القطاع الخاص لجهة زيادة أجورهم وحصولهم على حقوقهم ، ودعمها المطلق لأصحاب «القلم الأخضر».
وهكذا، مع كل ماعرضناه وهو غيض من فيض، أن الحكومة والنقابات لاتوافق بينهما إلا على المنابر وبالخطب الرسمية الملقاة على الجمهور، وإن شعار نحن والحكومة فريق عمل واحد ليس له موقع إلا في أذهان كلا الطرفين، أما الواقع ومصالح الطبقة العاملة فتقول عكس ذلك، وكل ادعاء مغاير هو مجرد وهم!
ونعتقد أن الإجابة قدمها أعضاء مجلس الاتحاد العام بموقفهم الحازم تجاه القضايا التي عرضت (والتي تجدونها بالمداخلات والكلمات) والتي عبرت من خلالها الكوادر النقابية عن موقف سليم وحريص على المصالح الوطنية عامة ومصالح الطبقة العاملة السورية خاصة.