بصراحة ندوة نقابية اقتصادية هادئة في أجواء عاصفة
في الندوة الحوارية الهادئة التي دعا إليها الاتحاد العام لنقابات العمال عدداً من الخبراء الاقتصاديين لنقاش الأداء الحكومي وانعكاسه على واقع الاقتصاد السوري، وفي أي اتجاه يسير، ومن هي الفئات الاجتماعية التي تكمن خلف هذه السياسات؟؟، وأيضاً من المستفيد من السياسات الحكومية، ومن نسب النمو المتحققة؟؟
أسئلة كثيرة طرحت في هذه الندوة، وتحليلات وتوضيحات، وشروحات كثيرة بينت إلى حد كبير الأزمة المستعصية التي يغرق فيها الاقتصاد السوري، وبالتالي يتجلى انعكاس ذلك على مستوى النمو الحقيقي المفترض أن يتحقق لتحل عبره مجموعة من الأزمات كمستوى المعيشة، البطالة، إصلاح القطاع العام.
المهم بهذه الندوة إضافة لما جاء، تحديدها: على عاتق من ستكون مقاومة السياسات الاقتصادية طالما أن الداء قد تم تشخيصه، وتحديد معالمه بوضوح، ويبقى العلاج، وهنا بيت القصيد؟!
وبيت القصيد المعني به، الطبقة العاملة السورية التي يقع على عاتقها، وكاهلها الرد الحقيقي كما قال د. عبد القادر النبال (علينا أن نغير هذا الواقع..، وهذا الدور يقع على عاتق الطبقة العاملة السورية.. هي القادرة أن تمارس الضغوط).
حقيقة الطبقة العاملة السورية هي الأقدر على فعل ذلك، ولكن كيف؟؟
نائب رئيس الاتحاد كما جاء في مجلة (بورصات وأسواق)، عبّر صراحةً عن (أن الاتحاد يأخذ المواقف من خلال المذكرات أو من خلال أعضائه في مجلس الشعب، ولكن الفريق الاقتصادي يفعل كما يريد، وأن الاتحاد جزء من النظام ولا يستطيع أن يأخذ أكثر من هذا الموقف).
ولكن السؤال: هل هناك تعارض بين أن يأخذ الاتحاد موقفاً حازماً تجاه ما يجري مستخدماً كل الوسائل الممكنة بما فيها حق الإضراب، باعتبار ما يجري يضر بالمصلحة الوطنية، ويضعف الموقف الوطني، ويضعف النظام أيضاً، وبين أن يكون الاتحاد العام جزءاً من النظام؟؟. حيث يتطلب الموقف حشد كل الإمكانيات اللازمة للمواجهة مع العدو الخارجي.
إن مصالح الطبقة العاملة السورية التي من المفترض أن تمثلها الحركة النقابية، وتدافع عنها، لا يمكن تركها رهينة لأي اعتبار، طالما أن الحركة النقابية هي المعبر الحقوقي، والشرعي عن مصالح العمال، وهذا مبرر وجودها كحركة نقابية منذ لحظة نشوئها الأولى، وستستمر بذلك مازالت الطبقة العاملة لها حقوق ومصالح قد تتعارض أو تتضرر في لحظة ما تلك الحقوق، والمصالح، مع مصالح بعض القوى، حيث يتطلب ذلك اتخاذ موقف يعبر عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة، خاصة في هذه اللحظة حيث تتعرض ليس مصالح العمال للهجوم، بل يتعرض الوطن، ومصالحه للاستباحة من خلال الشركات القابضة، والشركات الاستثمارية الأخرى، التي أعطيت كل شيء بينما مصالح الوطن لا شيء، تحت شعار تشجيع الاستثمار، وتطوير الاقتصاد، حتى وصل الأمر إلى الدفاع عن صندوق النقد الدولي باعتباره الآن يغير من سياساته تجاه الدول، وتحول من ذئب كاسر إلى حمل وديع يريد أن يساهم في تمويل الخطة الخمسية العاشرة.
إن التطورات عاصفة وتحتاج إلى أكثر من ندوة هادئة، تحتاج إلى موقف حازم وواضح يحدد التخوم بين مصالح الطبقة العاملة السورية وبين مصالح قوى السوق الكبرى أينما وجدت، مستندين إلى هذه الطبقة، مستنفزين قواها التي لا يستهان بها، والتي أثبتت أنها طبقة وطنية دائماً وتحتاج إلى تفعيل قواها، والثقة بقدراتها وإمكاناتها وتعزيز وحدتها واستقلاليتها.