في مؤتمر فرع نقابة المحامين بالسويداء: الفريق الاقتصادي أوصل البلاد إلى حافة الكارثة
ألقى المحامي نبيل يوسف ضو مداخلة هامة في مؤتمر نقابة المحامين في السويداء، جاء فيها:
إن كل ما نطرحه ونقوله ونطالب به، ليست الغاية منه النيل من منعة الوطن وصموده، ولا ليتخذه أي كان منفذا للتدخل في الشأن الداخلي السوري، وإنما هو من باب الحرص الأكيد على الوطن، ليبقى منيعاً عصياً على كل الذين لايريدون له التقدم والازدهار سواء كان هؤلاء أعداء الخارج أو أعداء الشعب وناهبي قوته من الداخل، ليصبح هذا الوطن أجمل الأوطان مرددين مع الشاعر الشعبي: (تربة وطنا ما نبيعها بالذهب).
وإن هذا التأكيد ليست الغاية منه نيل وثيقة حسن سلوك أو وثيقة براءة من أي كان، وإنما هذا حقيقة ما نتمناه لهذا الوطن.
من أجل أن يبقى الوطن عصياً على أي تدخل خارجي وللجم استمرار تخريب الفاسدين الداخلي، لابد من تأمين أكبر وأوسع مشاركة وطنية في صنع القرار، وعدم معالجة الاختلاف بالرأي والسياسة بالتخوين وبالأساليب القمعية والأمنية، ولن يكون الوطن صامداً إلا بالانفتاح على جماهير الشعب كافة ومواجهة الرأي بالرأي والفكرة بالفكرة، وانتهاج سياسة إصلاح حقيقي، وهذا الإصلاح الذي ننشده أصبح اليوم مهمة وطنية لا تقبل التردد ولا التأجيل، وعلينا أولاً بالإصلاح السياسي وبكل ما يعنيه هذا الإصلاح من إصدار قانون عصري للأحزاب لتعود السياسة إلى الشعب ورفع قانون الطوارئ والأحكام العرفية، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي وحرية التعبير والصحافة والقبول بالرأي والرأي الآخر.
إن الإصلاح السياسي هو القاطرة الأساسية والأولى في كل عملية إصلاح أو تغيير أو تحديث، وهذا الإصلاح سيوصلنا إلى الإصلاح الاقتصادي والإداري والاجتماعي، وهو مسؤولية الجميع وحاجة وطنية ملحة بعيداً عن الاستقواء بالخارج أياً كان هذا الخارج.
إن الحقائق الصارخة لا يمكن طمسها أو التستر عليها، فلم يعد مقبولاً هذا النهب المنظم لقوت المواطن السوري، ولم يعد مقبولاً هذا الفساد الذي استشرى في تفاصيل حياتنا اليومية، لم يعد مقبولاً انفلات الأسواق وهذا الارتفاع الجنوني للأسعار، ولم يعد مقبولاً اقتصاد السوق اللا اجتماعي الذي وعدنا به جهابذة الإصلاح الاقتصادي.
إن الفساد الإداري قد التقى مع مصالح كبار التجار ورجال الأعمال ومن يساندهم من خلف الكواليس على النيل من لقمة عيش الشريحة الواسعة من المواطنين وعرقلة كل تقدم اقتصادي يستفيد منه المواطن المنهوب والمنهوك.
إن الحكومة عاجزة تماماً عن مواجهة كل مشاكلنا الاقتصادية من جنون الأسعار وأزمات المازوت والغاز والكهرباء والماء والبطالة والفقر واتساع سرقة ونهب المال العام وهدر ماتبقى منه، نعم عجزت الحكومة عن مواجهة الفساد الإداري الذي يزداد يوماً بعد يوم، إن خطوات الإصلاح الاقتصادي التي يجربها وينفذها الفريق الاقتصادي أوصلت البلاد إلى حافة الكارثة، وقد آن الأوان لرحيل هذا الفريق مع ما يمثله من سياسات تلبي مطالب صندوق النقد الدولي والتي أضرت بالبلاد وبالعباد.
ولقد أكد هذا الفريق مراراً وتكراراً على أنه لا إلغاء للدعم مطلقاً، ولكن إعادة توزيع، وأي توزيع هذا الذي يزعمون والذي أدى وسيؤدي إلى ارتفاع أسعار أكثر من /140/ مادة استهلاكية؟
إنها كارثة اقتصادية ستحل بأصحاب الدخل المهدود، ولن نرى سوى طوابير الفقراء والجياع وازدياد معدل الجريمة والنصب والاحتيال والسرقة وتدمير كثير من الأسر أخلاقياً بسبب الحاجة، وفيما إذا تم تطبيق رفع الدعم الذي يطبل به الفريق الاقتصادي صباح مساء ويعتبرونه حصان طروادة في الإصلاح الاقتصادي، لابد من القول إن القرار غير الشعبي هو قرار غير وطني، فلمصلحة من يسير الوطن بهذه الأسلوب؟
وأخيراً نقول إن رفع الدعم عن الحاجات الأساسية للمواطن والارتفاع الجنوني والفاحش بالأسعار وازدياد الفساد والإفساد بكل أشكاله هو اعتداء صارخ على الوطن والمواطن وإن التصدي لمواجهة ذلك هو عمل وطني بامتياز وهو واجب (فرض عين) على كل وطني غيور على مصلحة الوطن وصموده ومنعته والسير به قدماً ليكون أجمل وأمنع الأوطان.