عمال القطاع الخاص في سورية.. واقع وآفاق
مل في سوريا وحسب عدة إحصائيات حكومية ومستقلة ما يقارب الستة ملايين عامل، وقوة العمل هذه تعمل في القطاعين العام وخاص، وهي موزعة على الشكل الآتي:
1ـ يبلغ عدد عمال القطاع العام بحدود /1.5/ مليون عامل وعاملة.
2ـ يعمل لدى القطاع الخاص ما يقارب /4.5/ مليون عامل وعاملة.
وهناك أربعة قوانين للعمل، لتنظيم علاقات العمال مع أرباب العمل وقطاع الدولة وهي:
3ـ القانون الأساسي للعاملين رقم /50/ لعام 2004.
4ـ قانون العمل الموحد رقم /91/ لعام 1958.
5ـ قانون التأمينات الاجتماعية رقم /92/ لعام 1958 وتعديلاته.
6ـ قانون العمل الزراعي.
إن عمال القطاع الخاص في سورية محرومون من العديد من الحقوق والضمانات القانونية التي كفلها لهم قانون العمل، ومجموعة المراسيم التنفيذية، بسبب عدم التزام أرباب العمل بتنفيذها، حيث يقدر عدد العاملين الغير مسجلين في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، حوالي الثلاثة ملايين والنصف مليون عامل، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى حرمان العمال من مزايا مظلة التأمينات الاجتماعية، وخاصة عند تعرضهم إلى إصابات عمل، ووصولهم إلى سن الشيخوخة، كما يؤدي إلى خسارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية لمليارات الليرات السورية، كما أن معظم عمال القطاع الخاص لا يستفيدون من الإجازات السنوية والعطل الرسمية، وغيرها من الحقوق والمكتسبات التي ينالها أقرانهم في القطاع العام، مثل التعويض العائلي، وتعويض طبيعة العمل والاختصاص، والتدفئة، كما أنه وبسبب عدم وجود أنظمة داخلية لمعامل القطاع الخاص، فإن عمالها يحرمون من الترفيعات الدورية لرواتبهم، ومحرومون من تعويض الوجبة الوقائية، الضرورية للعمال الذين يمارسون مهناً تضر بالصحة، ومعظم عمال القطاع الخاص يعملون /12/ ساعة عمل بدلاً من /8/ ساعات كما ينص القانون، وهذا يوفر لأرباب العمل مبالغ كبيرة تقدر بالمليارات بسبب ساعات العمل الإضافية، والتي توفر لهم من جهة أخرى أرباحاً إضافية، حيث تمكنهم من الاستغناء عن توظيف عدد كبير من العمال، مما يفاقم أزمة البطالة.
بالإضافة لكل ما تم ذكره، فإن أرباب العمل يقومون بفرض شروط عقد الذل والإذعان على العمال الجدد الوافدين إلى العمل، وذلك بإجبارهم على التنازل عن كافة حقوقهم قبل مباشرتهم العمل.
إن عدد العمال في القطاع الخاص مرشح للازدياد في السنوات القادمة، وذلك بسبب التحولات الاقتصادية التي جرت في البلاد، والتي تمثلت بقوانين الاستثمار الجديدة، وتحرير التجارة، وتراجع دور القطاع العام، وعدم إصلاحه وتطويره، وهجرة كفاءته تحت ضغط المغريات المادية التي يقدمها لهم القطاع الخاص، ليزايد تعداد عمال القطاع الخاص أكثر فأكثر.
إن هذه الأوضاع السيئة التي يعيشها عمال القطاع الخاص، تشير وبشكل جدي إلى مدى تراجع دور التنظيم النقابي في سورية في الدفاع عن حقوق هذه الأعداد الغفيرة من العمال، وحماية مصالحهم وحقوقهم، من خلال ما لديه من صلاحيات قانونية ودستورية، وقدرته على مطالبة الحكومة والجهات المعنية بالتدخل والضغط على أرباب العمل، اللذين لا يلتزمون بتطبيق القوانين الخاصة بالعمل والعمال. وبالإضافة لذلك فإن التنظيم النقابي يتقاعس عن واجبه في مد فروعه إلى كل تجمع عمالي، ليقوم بدوره المطلوب في حماية حقوق عمالهم والدفاع عن مصالحهم.
وبالمقابل فإن مؤسسة التأمينات الاجتماعية لا تقوم بدورها بشكل كافٍ، فمن واجبها إلزام أصحاب المعامل الكبيرة والمتوسطة والصغيرة بتأمين قواعد الأمن الصناعي وقواعد الصحة والسلامة المهنية، وخاصة في المهن ذات الطبيعة الخطرة والملوثة للبيئة، كما أن من واجب المؤسسة أن تقوم بدور مهم في توعية العمال وأصحاب العمل حول ضرورة تطبيق القوانين والتشريعات العمالية في معاملهم، من خلال عقد ندوات نوعية، مما يساهم في خلق أجواءٍ من التعاون المثمر في عملية الانتاج.
ولعل من أهم أسباب تقصير المؤسسة في هذا المجال، الفساد المالي المستشري في مفاصل عملها، وضعف المحاسبة والمراقبة.
إن الاهتمام بمصالح عمال القطاع الخاص هو ضرورة ملحة، ومن واجب كل من يعنيه هذا الأمر العمل بصدق ومسؤولية لتحقيقه، وفي هذا ضمان لكرامة الواطن والمواطن.