تثبيت العمال ضرورة موضوعية لا حكومية
جاءت تصريحات وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، د. ديالا الحاج عارف، طلقةً قاتلة استقرت في صدور عشرات الآلاف من العمال غير المثبتين، لتقطع الشك باليقين، وتوضحَ النوايا المبيتة التي تخفيها الحكومة وراء شعارات الإصلاح والتغيير.
فبعد صمتٍ لم يدم طويلاً، أطلت ديالا الحاج عارف لتكرر مقولة صقور الفريق الاقتصادي، وعلى رأسهم النائب الاقتصادي عبد الله الدردري بقولها: «إنه لا توجد دولة في العالم تتحدث عن التثبيت أكثر مما نتحدث نحن عنه، تثبيت العامل وهم نحن صنعناه..وصدقناه، ولا مثيل له في العالم. مادام العامل كفؤاً فستتمسك به أية مؤسسة، عامةً كانت أم خاصة، وما الفرق بين العامل المثبت وغير المثبت؟»
الوزيرة تفضل أسلوب المقارنات على مايبدو، وسنرد عليها بأسلوبها المحبب: لاتوجد حكومة في العالم تحدثت عن رفع الدعم أكثر مما تحدثت عنه حكومتنا، ولم تمارس حكومة في التاريخ وربما لن تمارس في المستقبل ما مارسته حكومتنا بحق شعبها، برفعها أسعار المازوت مرةً واحدة بنسبة 375 %.
كما وأن دول العالم لاتتحدث عن التثبيت لأنها تجاوزت ضرورات وجوده الموضوعية، بفضل ما أمنته من ضمان شامل على الصحة وتعويضات للعاطلين عن العمل، وتأمين فرص العمل لهم، فقليل من الدول ترتضي بمشهد آلاف المتسولين في الشوارع، الباحثين عن لقمة تقيت جوعهم، والمشردين المفترشين أرض الحدائق العامة مسكناً لهم.
ونذكِّر الدكتورة ديالا بأن التثبيت لم تخترعه أية حكومة في العالم، لأنه جاء ثمرة تضحيات كبيرة قدمها آلاف العمال عبر التاريخ، فلا أحد يحق له أن يمنَّ على العمال بما حققوه بأرواحهم ونضالاتهم.
ونقول لها رداً على مقولة الكفاءة، والفرق بين المثبت وغيره: لقد تعرض الكثير من العاملين في القطاعين العام والخاص، لطرد تعسفي، ولإبعاد إلى مختلف المناطق السورية، رغم وجود قانون يحميهم، فكيف ستكون الحال عند غيابه، في مجتمع تقول حكمته الإدارية: «المدير دائما على حق»، وفي ظل غياب شبه تام للنقابات الفاعلة المدافعة عن حقوق العمال.
ونسألها: لو كنت موظفة بدائرة حكومية أو خاصة، ومعرضة للطرد في أي لحظة، فما الضمانة التي ستحميك في هذه الحالة؟ وهل سيراودك الشعور بالطمأنينة والأمان الوظيفي؟.
وتقول الوزيرة في معرض حديثها: «إننا بحاجة لتغيير ثقافة العمل في سورية»
فلا يسعنا إلا أن نقول بأن الثقافة عبر تاريخها الطويل كانت دائماً تسير إلى الإمام، جاهدةً لتطوير ذاتها، وتوسيع مجالاتها، على عكس ثقافة د. ديالا التي تعمل مع صقورها لإرجاع عجلة التاريخ إلى الوراء، وحرمان المستحقين من حقوقهم التي اكتسبوها بعرقهم وسواعدهم.