في مؤتمر جمعية العزيزية الفلاحية في الغاب: معاناة ومشاكل الفلاحين «تفاجئ» مسؤولي اتحاد الفلاحين!!
تحت شعار: «الفلاح بخير، يكون الوطن بألف خير». عقدت جمعية العزيزية الفلاحية في منطقة الغاب مؤتمرها الاستثنائي يوم الاثنين 25/1/2010، بحضور عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للفلاحين محمد سليم تكلة، وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد فلاحي حماة، ورئيس الرابطة الفلاحية في الغاب، ومديري المصارف الزراعية في المنطقة، وبمشاركة عدد من الفلاحين، وتناولت المداخلات هموم الفلاحين ومعوقات تطور الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
تفاوتت حدة المداخلات ونبرة الأصوات ارتفاعاً وهبوطاً، على خلفية يائسة، مع فقدان الأمل في تحقيق أي من المطالب الكثيرة التي تمحورت حول سوء توزيع المياه في منطقة الغاب، وقلة الطرق الزراعية وانعدامها في الكثير من نواحي المنطقة، وخاصة في وسط الغاب، تلك الممتدة من شمال قرية «الكريم» إلى قرية «الجيد»، وهي المنطقة المهملة والمحرومة من الطرق الزراعية ومياه الري التي لم تصل إليها منذ عشر سنوات.
قدم تقرير عمل الجمعية الفلاحية عدنان نيحاوي رئيس الجمعية، وذيل تقريره بعدة مطالب تضمنت:
1ـ زيادة المساحة المخصصة لزراعة الشوندر السكري للعروة الخريفية إلى خمسة دونمات، كونه لا يحتاج إلى سقاية في أواخر الموسم.
2ـ شق الطرق الزراعية كي يتمكن الفلاحون من الوصول إلى أراضيهم في موسم الأمطار.
3ـ العمل على تلافي الأخطاء التي وقعت في هذا الموسم، فقد تأخر تسليم بذار القمح شهراً كاملاً، فأُجبِر الفلاحون على شراء البذار من السوق السوداء، لأنهم لو انتظروا بذار المصارف الزراعية لما تمكنوا من الوصول إلى أراضيهم وزراعتها بسبب الوحول.
4ـ تخفيض أسعار مستلزمات الإنتاج المازوت والأسمدة، لأن زيادة أسعارها كان لها أثر كارثي على الاقتصاد الوطني.
كما تطرق إلى مشكلة الدراجات النارية وملاحقتها والآثار السيئة لهاعلى الفلاحين، حيث أن الدراجة النارية وسيلتهم الرئيسية في إدارة أرضهم والعناية بها، ما سبب أزمة إضافية ومعوقاً يكاد يماثل في ضرره على الفلاحين غلاء مستلزمات الإنتاج الزراعي.
يوسف عرب فلاح يعمل في تربية الأبقار، بعد أن حصل على قرض أراد أن يؤسس لمزرعة أبقار، ولكنه وقع في مصيدة غلاء أسعار الأعلاف وسوء تركيبها، مما انعكس سلباً على ربحية مشروعه وإنتاج الحليب، فصار هدفه تسديد أقساط القرض والخروج من المشروع بسلام.
الفلاح باع قمحه للتاجر مكرهاً لعدم تمكنه من تسويق محصوله إلا في مراكز الدولة، الفلاح الفقير لا يستطيع الحصول على دور في مراكز التسويق أثناء الحصاد، بينما التاجر الذي يدفع الرشاوى له الأولوية.
نوعية العلف التي يستلمها الفلاحون من مراكز أعلاف الدولة سيئة التركيب، ومردود إنتاجها من الحليب لا يعادل نصف إنتاج مثيلها من الأعلاف الموجودة في السوق.
وختم مداخلته بالأسف الشديد على ما وصل إليه حال الفلاحين من البؤس والتردي، وأشار إلى وجود بعض الأشخاص من المسؤولين في مفاصل الدولة يعملون على التآمر على الدولة.
جولاق عبد القادر رحال: خط الوسط الذي يضم اكبر تجمع سكاني وأراضي زراعية منسي ومحروم من حقه بمياه الري، ومع ذلك ندفع ضريبة ري. نريد مياهاً لري أراضينا المتصحرة، علماً أنها من أخصب الأراضي الزراعية في القطر، ولجنة السقاية تحرمنا من مياه الري على القناة (ج2) منذ سنوات، في حين توفر المياه للخط الشرقي (ج3) في كل صيف، وتوصل المياه إلى مسافة 30 كم، في حين لا تبعد أراضينا عن مصدر المياه أكثر من 10 كم.
جمال رنجوس: الغاب يقع في منطقة الاستقرار الأولى، والهطول المطري الغزير في الشتاء يغرق أراضينا، وفي الصيف تتصحر، فإلى متى ستظل هذه المنطقة محرومة من تخزين أمطار الشتاء للاستفادة منها صيفاً؟ متى تنفذ السدود المقترحة في الجهة الغربية من سهل الغاب؟!
أمين فرقة «الجيد» لحزب البعث استغرب إغلاق أول قسم حقلي في المنطقة الذي أنشئ سنة 1960 وسأل لماذا لم يعاد العمل به رغم الموافقة على ذلك؟ والتي مضى عليها أكثر من سنتين؟ ففي إعادة العمل به مساهمة لتخفيف العبء عن المزارعين الذين تتعطل مصالحهم وتزداد نفقاتهم.
أمين فرقة العزيزية لحزب البعث ركز في مداخلته على سوء إدارة و توزيع مياه الري، وتساءل أين تذهب كمية المياه في سدي محردة وافاميا (أ) المقدَّرة بـ92 مليون متر مكعب، إضافة إلى سد قسطون الذي يخزن 17 مليون متر مكعب، فإذا أردنا ري سهل الغاب على ست طلقات من هذه السدود فأنها تكفي نصف مساحة الغاب، ولكن سوء إدارة وتوزيع المياه تقف عائقاً في استثمار مخزون السدود المحلية. إن واقع الفلاحين في الغاب يزداد سوءاً، وقد تغيرت طبيعة أراضي هذا السهل بسبب الملوحة الزائدة لأن المصارف التي شقت بغرض تصريف الملوحة غدت المصدر الرئيس لري الأراضي الزراعية. ولن يقف الأمر عند هذا الحد، فإذا ما قام الفلاحون بضخ بقايا مياه الشتاء من هذه المصارف يعاقبون بدفع ضريبة ري لقاء ذلك، ولذا نأمل أن يجري العمل على إعفاء الفلاحين من ضريبة الري هذه، لأن الدولة لم تقدمها، وإنما هي كما ذكرت هبة السماء.
ورأى أن الغموض يلف الاغروبولس ونقل تخوف الفلاحين من هذا المشروع الذي يطفو مرة على السطح وأخرى يخفت، دون اتخاذ خطوات عملية وتوضيح طبيعة هذا المشروع، ومكان الفلاحين وتنظيمهم فيه، وأبدى استياءه من الصدود المتكررة لمطالب الفلاحين. وذكر انه بعد ألف واسطة تم الحصول على وعد بتزفيت كيلومتر واحد من الطرقات الزراعية.
أحد الفلاحين: كيف تعمل غرابل الدولة على التعاقد مع السعودية ومنظمة الفاو لغربلة كميات هائلة من القمح قبل تامين البذار المغربل والمعقم لاحتياجات الزراعة في القطر؟! فهل يعقل ذلك؟! إذ كانت النتيجة تأخر تسليم البذار إلى الفلاحين مدة شهر، الأمر الذي سبب الكثير من الإرباك، وجعل الفلاحين يتجهون إلى التجار وأسعارهم الكاوية. فهل هذه السياسة تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي والنهوض بالمستوى المعيشي للفلاحين الذي مافتئت الحكومة تقرع أذاننا بها على مدار اليوم؟!! كما طلب أن يلغى صندوق الدعم الزراعي لما يسببه من إرباك، والذي يعمل بطريقة «أذنك من وين» والاقتراح أن تضاف الزيادة إلى سعر المحصول.
رئيس جمعية «شطحة» الفلاحية عرض واقع منطقة الغاب، وما لحق أبناءها من تردٍّ في مستوى معيشتهم، حيث اشتكى من انعدام المنشات في المنطقة، وانخفاض نسبة العاملين في الدولة لعدم توفير فرص العمل بشكل عام، وخاصة لمن تخرج من الشباب من المدارس والمعاهد الزراعية والبيطرية، مما اضطرهم للهجرة إلى لبنان وغيره من الدول، حيث يعملون كعمال مياومين، وذكر أن الفلاحين في جمعية شطحة يخسرون 100 مليون ل. س سنوياً لعدم تمكنهم من زراعة أراضيهم بسبب قلة المياه صيفاً وكثرتها شتاءً. وذكر أن مساحة الأراضي المخصصة لشركة غدق والمباقر والمجمسة هي 20 ألف دنم، لا تستفيد منها الدولة، وطالب بتوزيعها على المواطنين لاستثمارها، ما يساهم في تخفيف حدة الفقر في ناحية شطحة.
رئيس الرابطة الفلاحية في منطقة الغاب في معرض حديثه ذكر أنه تم اقتراح تسليم قيم الدعم إلى الجمعيات الفلاحية، وأكد أن التجار يحصلون على أكثر من 17 ورقة منشأ لتسويق القمح بأسمائهم الشخصية، في حين أنه يتم تأجيل دور الفلاحين وعرقلة أمورهم، محملاً المسؤولية للوحدات الإرشادية. وتحدث عن مشكلة تسعير السماد، وأشار إلى أن بعض الجمعيات استجرت السماد على أساس السعر القديم، بينما جمعيات أخرى استجرت السماد بسعر جديد للموسم نفسه، والمصرف الزراعي قطع إيصالات بهذه الكميات وأدخلها ضمن الحساب، ما سيسبب الكثير من المشاكل مع الجمعيات الفلاحية. ودعا الجهات العليا إلى المساهمة في حل هذه المشكلة.
عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للفلاحين محمد تكلة، بعد أن اعتذر عن تأخره عن الموعد المحدد للمؤتمر لمدة ساعتين، علق على انسحاب بعض الفلاحين من الجلسة، وأعرب عن قلقه مما ورد في بعض المداخلات التي اتهمت بعض المسؤولين الكبار في الدولة بالتآمر على الدولة، مضيفاً أن الصورة لديه تغيرت بمقدار 180 درجة، إذ كان يعتقد أن وضع فلاحي الغاب المعيشي جيد، و أحسن حالاً من سواهم، حيث كان الغاب يعتبر سلة غذاء سورية، أما بعد أن تعرف على وضع الفلاحين عن قرب وسمع مشاكلهم وهمومهم فقد اكتشف أن تصوره كان خاطئاً.
وأشار إلى أن موضوع السماد خطير مع تفاوت سعره بين السوق الحرة والمصارف الزراعية، وأن يكون في المصرف الزراعي أغلى من السوق فهذا أمر غير مقبول، وتعهد بأن يوصل مشاكلهم إلى كل المعنيين بالأمر، سواء في محافظة حماة أو على مستوى الاتحاد العام.