بصراحة: قانون التأمينات الاجتماعية بين أنياب البنك الدولي!!
جاء قانون التأمينات الاجتماعية رقم /92/ لعام 1959 تلبية لنضال الطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية خلال عشرات السنين، وقد تضمن في بنوده العديد من المكاسب التي لا يمكن التنازل عنها، أو مجرد الحديث عن إمكانية تقليصها، رغم وجود بعض الثغرات والنواقص التي ظهرت خلال تطبيقه، والتي لاقت الكثير من الانتقادات على الدوام من الحركة النقابية، وهي بحاجة إلى إعادة النظر فيها لمصلحة العمال، لكي يصبح القانون منصفاً على الأقل بين العامل ورب العمل، سواء أكان رب العمل مؤسسة أو شركة عامة أو خاصة.
وطيلة العقود الماضية صدر عدد لا بأس به من القرارات والتوصيات لتطوير القانون وتعديل بعض أحكامه التي لم تعد صالحة لبيئة العمل في سورية، نتيجة للتغيير الكبير الذي طال العديد من القوانين والقرارات الاقتصادية، وبناءً عليه كان آخر التعديلات في قانون العمل، القانون رقم /28/ تاريخ 21/12/2001، الذي اعتبر من أنجح التعديلات، لكن وعلى الرغم من أهمية هذه التعديلات، والتطوير الذي شكلته مؤسسة التأمينات الاجتماعية، لا يزال للعمال مطالب موضوعية كثيرة يجب النضال من أجل تحقيقها.
و رغم مرور أكثر من 28 عاماً على إصدار القانون الأول للتأمينات الاجتماعية، فإن الحكومة، أو الوزارة المعنية بالموضوع بشكل رئيسي، أي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ما تزال تحاول المستحيل للانتقاص من حقوق الطبقة العاملة، بناء على سياسات وتوجيهات ووصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، ووفود من الاتحاد الأوروبي أجرت دراسات وأبحاثاً في أهم مؤسساتنا الوطنية، لتلعب بذلك دوراً سلبياً سيؤدي لخلق مشاكل اجتماعية خطيرة، بسبب تزايد أعداد العاطلين عن العمل الذين تركوا أعمالهم نتيجة السياسات الليبرالية الموصى بها، ووصل عددهم إلى المئات من الآلاف، يلهثون وراء لقمة عيشهم.
مع العلم أن الأموال التي يُحكى أنه موجودة بحوزة مؤسسة التأمينات الاجتماعية يقدرها البعض بالمليارات من الليرات السورية، وهي مقطوعة من رواتب العمال وحوافزهم، والدولة لم تتردد بوضع يدها على الكثير من تلك الأموال، منذ تأسيس مؤسسة التأمينات، ووضعها ضمن صندوق الدين العام دون دفع أية فوائد عليها.
يذكر أن القانون /78/ لعام 2001 سمح لمؤسسة التأمينات باستثمار 50% من فائض أموالها في مشاريع إنتاجية اقتصادية حقيقية، أما الفائض الباقي فيتم إعطاؤه لوزارة المالية، بناءً على نسبة الفائدة المتفق عليها بالإتفاق مع رئاسة مجلس الوزراء. هذه الميزة التي استفادت منها المؤسسة أمنت كثيراً من أموالها، التي لو تم استثمارها بشكل جيد لكان بإمكان المؤسسة زيادة نسبها إلى أعلى مما هي عليه الآن، بدلاً من تخفيضها بدعوة من صندوق النقد والبنك الدوليين، وكان بإمكانها تلافي جميع الصعوبات التي واجهتها، سواء المتعلقة بإصابات العمل، أو رواتب المتقاعدين، أو تعويضات العاطلين عن العمل، أو رواتب العمال المتوفين الذين تتحول رواتبهم إلى أولادهم.
إن ما يجري الآن من سياسات ليبرالية للنيل من المكتسبات العمالية، يعد إجحافاً واستفزازاً واستخفافاً بقوة ونضال الطبقة العاملة التي لا يمكن أن تقبل بالتنازل عن أي حق من حقوقها، حتى ولو وصل الأمر بها إلى استعمال حق الإضراب كوسيلة كفاحية، وهو حق شرعي للحركة العمالية لن يستطيع أحدٌ إيقافه أو ردعها عن استعماله.