عمال المصارف الخاصة.. مطالب محقة وشروط عمل غير عادلة
جاء افتتاح المصارف الخاصة بناءً على القرار الذي اتخذه مجلس الشعب في عام 2001، حيث أقر إنشاءها بهدف تحسين خدمات القطاع المصرفي، ليصبح متلائماً مع التوجهات الاستثمارية للحكومة، ولتشجيع المستثمرين في القطاع الخاص، الذين وضعوا أكثر من إشارة استفهام على خدمات القطاع العام المصرفي، وعلى الروتين الذي يعانيه في جميع هياكله. ونص القانون على أن تكون نسبة 51 % من رأس مال المصارف الخاصة مملوكةً للمستثمرين السوريين، و 49 % منها مملوكةً للمستثمرين العرب والأجانب، لينتهي بذلك احتكار الدولة للقطاع المصرفي، ولتبدأ المصارف في سورية مرحلةً جديدة من التنافس اللامتكافئ، بالنسبة لمصارف القطاع العام، بسبب وضع العصي في العجلات، من الذين كانوا في الأمس القريب ينعمون بخيرات القطاع العام.
ومع تقديرنا لخطة العمل التي وضعتها نقابة عمال المصارف والتأمين في اتحاد عمال دمشق، بالإضافة إلى الاجتماعات النوعية التي عقدتها مع مدراء جميع المصارف وفروعها واللجان النقابية فيها من أجل تطوير وتحسين آلية عمل المصارف العامة، فإن هذه النقابة لم تستطع حتى الآن الدخول إلى تلك المصارف، والوقوف على ما يعانيه موظفوها من مشكلات كبيرة على مستوى الأجر وساعات العمل والحقوق والضمانات العامة.
إن معظم المصارف الخاصة لم تحدد حتى هذه اللحظة أي نظامٍ للأجور، وبذلك يتم تحديد الرواتب والأجور بطريقة عشوائية، ومن خلال إقامة «بازار» مع الموظف، لا يسلم منه حتى أصحاب الشهادات العليا الذين لايقيَّمون حسب شهاداتهم، فالرواتب تتضمن عادةً تعويضات النقل، واللباس، والهاتف، في حين أن معظم البنوك تحدد الراتب، ومن ثم تقوم بتقسيمه إلى راتب أساسي وتعويضات وما شابه ذلك، ويجري كل هذا تهرباً من تنسيب العمال إلى التأمينات الاجتماعية، ومن منحهم التعويضات التي يستحقونها، ولفلفة موضوع رواتبهم الحقيقية، التي تدفع بسرية كاملة!
وحتى تاريخ كتابة هذه السطور لم تتحرك البنوك الخاصة، لإعطاء الزيادات الأجرية الأخيرة التي قررتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تحت حجة تجاوزها للحد الأدنى للأجور.
و بالنسبة لعقود العمل في المصارف الخاصة، فهي لاتحقق حتى شروط عقد الإذعان الذي تعوَّد العمال على إبرامه مع المؤسسات الخاصة، وهذا يتيح للمصارف الخاصة السيطرة الكاملة على العمال، وإمكانية تسريحهم في أية لحظة، أما بالنسبة لعقود عمل الأجانب، فهم يحظون بمعاملة خاصة جداً، من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، التي مازلت تغض النظر عن سيطرة العرب والأجانب على إدارة البنوك الخاصة، الذين يتقاضون رواتب خيالية،كثيراً ما تكون بالعملة الصعبة، وتتجاوز عشرات المرات راتب الموظف السوري، كل هذا بحجة أن الخبرات السورية غير قادرة على استلام المهمات الإدارية، مع العلم أن هؤلاء الأجانب أو معظمهم لا يملكون تصاريح نظامية للعمل.
أما الدوام، فله حديثٌ آخر، فساعات العمل تمتد حتى الساعة السادسة أو السابعة مساءً، فالبنك المركزي قد تجاوز الأعراف المصرفية، وأقرَّ قراراً صدر عن مجلس النقد والتسليف، بتحديد الدوام الثاني، من الساعة الثانية ظهراً وحتى الساعة السادسة مساءً، لتبدأ مرحلة أخرى من التنافس الشديد وغير العادل مع المصارف العامة، والتي أصدرت بدورها أيضاً قراراً بتطبيق نظام دوام الورديتين الذي أضر كثيراً بالموظفات الأمهات.
أما موضوع العمل الإضافي، فإن أحد شروط العقد عند التوقيع عليه، أن الموظف لا يحق له المطالبة بالتعويض عن العمل الإضافي، رغم أن معظم العمال يداومون في أيام العطل، وفيما بعد فترات الدوام المقرر، وبذلك حرموا حتى من ساعات الاستراحة، التي تعتبر حقهم الطبيعي، ومنعوا من مغادرة البنك بحجة ضعف العمل.
إن ما يعانيه العمال في القطاع المصرفي الخاص، بحاجة إلى وقفة جدية ومتابعة خاصة من نقابة عمال المصارف والتأمين، من أجل مناصرتهم وأخذ جميع حقوقهم، وعلى رأسها حقهم في الانتساب إلى النقابة التي من المفترض أنها تمثلهم.
■ علي نمر