تساؤلات عمالية.. بعد أن اعتادت الحكومات المتعاقبة «التطنيش»
أكثر من عام ونصف على بدء الأزمة الوطنية تم خلالها تشكيل حكومتين من المفترض أنهما حكومتا أزمة بكل ما تعني الكلمة من معنى أي أن مهمة هاتين الحكومتين العتيدتين أن تكونا مدركتين تماماً للعوامل التي كانت السبب في تفاقم الأزمة وتطورها، من أجل وضع خارطة طريق لتجاوزها بالمعنى العملي على الأرض، والإدراك معناه توفير الشروط، والإرادة السياسية لتأمين مستلزمات الخروج الآمن من الأزمة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، ليس عبر البيانات والتصاريح لوسائل الإعلام على أهمية ذلك من أجل أن يعرف الشعب ما تريد فعله الحكومة«أية حكومة» حتى يُسألها الشعب عما تقوله، وتعد به عبر الأقنية المتعددة الحزبية، والاجتماعية، وهيئات المجتمع المدني، إن أستطاع إلى ذلك سبيلا، بل أيضاً من خلال خطوات عملية يلمس آثارها ونتائجها الشعب في شؤونه المختلفة، وهو سيقدر للحكومة فعلتها إن كانت تعبر بشكل ملموس عن حقوقه المشروعة، وهذا ما لم يُلمس إلى هذه الساعة، خاصةً وأن الحكومات المتعاقبة قد اعتادت على«تطنيش» ما يقوله الناس، ويطالبون به، وتفعل بعكس المطالب المشروعة التي يصرخ بها فقراء الشعب السوري، وتلبي ما يمليه عليها أثرياؤه وداعموهم من «الكبار» في أجهزة الدولة مقروناً ذلك بما يلزم من التشريعات، والقوانين والمراسيم التي تسهل جميعها عمليات النهب والفساد الواسعين اللذين حضًرا الوقود اللازم لاشتعال الأزمة، والمتشددون في كلا الطرفين أخذا على عاتقهما إدامة الاشتباك واستمرار نزيف الدم السوري في الاتجاهات التي تخدم المشروع التفتيتي لبلادنا العظيمة، والابتعاد عن الحلول السلمية السياسية التي أصبحت الآن مطلباً شعبياً لابد لكل القوى الوطنية والشريفة في البلاد الدفع باتجاه تحقيقه من خلال توسيع دائرة الرافضين شعبياً لاستمرار نزيف الدم السوري، ويأتي في مقدمتها الحركة النقابية التي لها مصلحة حقيقية سياسية واجتماعية واقتصادية لأن تكون شريكاً في إيجاد السبل الضرورية للخروج الآمن من الأزمة، خاصة وأنها تملك من الإمكانيات ما يمكنها من أن تقوم بدورها الوطني إلى جانب القوى الوطنية الآخرى الساعية في هذا الاتجاه.
إن كوادر الحركة النقابية، المنتشرة في أرجاء الوطن الذين استشعروا مبكراً الأخطار التي حملتها السياسات الليبرالية على الاقتصاد الوطني، وعلى البلاد بشكل عام وكانوا يحذرون، ويبدون مخاوفهم التي كانت صحيحة، وحقيقية من تلك السياسات الاقتصادية التي جرى تبنيها، اليوم أيضاً يطرحون الكثير من التساؤلات المشروعة الموجهة إلى الحكومة حول ما جاء في بيانها الوزاري الذي قدمته أمام مجلس الشعب وخاصة ما يتعلق بمكافحة الفساد، ورموزه الذين ما زالوا قابعين في مواقعهم يمارسون فسادهم الذي يعمل على رفع منسوب الاستياء والسخط والتذمر ويؤكد ما أكدته التجربة مع الحكومات السابقة بشأن مكافحة الفساد، ورموزه، حيث إلى الآن لم نرَ ولم ترَ كوادر الحركة النقابية آية خطة عمل أو برنامج يدلل على أن الحكومة عازمة على تنفيذ ما جاء في بيانها أمام مجلس الشعب التي هي ملزمه به، ولابد من محاسبتها عليه، والدليل على ذلك كما طرح أحد القيادات النقابية في قطاع النفط الذي هو أحد القطاعات الأساسية في الاقتصاد السوري، وهو من المواقع الأساسية التي جرت فيها، وتجري عمليات نهب واسعة بسبب العلاقة الانفتاحية مع الشركات الأجنبية في الاستثمار والتسويق وخدمات الإنتاج وأيضاً في التوزيع الداخلي للمشتقات النفطية التي تخضع أسعارها لتحكم الموزعين لهذه المواد الضرورية لاستخدام المواطنين وفي الزراعة والصناعة، والموزعون لهم شركاء في جهاز الدولة ممن يتحكمون في توزيع الكميات مازالوا يمارسون عملهم في المواقع المفتاحية التي من خلالها تتم عملية الفساد الممنهج، والمدروس بدقه دون محاسبة أو مسائلة تحقيقاً لشعار«من أين لك هذا»
إن التساؤلات التي تطرحها النقابات من خلال كوادرها تحتاج لإجابات واضحة وصريحة من الحكومة بخصوص بيانها الوزاري التي تعهدت بتنفيذه، ولكن الاعتقاد السائد عند الكثير من المتفائلين أنها غير قادرة على ذلك منفردةً، دون إشراك أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير السلمي الديمقراطي من أجل سورية الجديدة المتطورة التي لا مكان فيها للنهب والفساد، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة السورية.
أيها العمال.. لنبادر في الدفاع عن الوطن ضد النهب والفساد، وضد القتل والاقتتال ونزيف الدم السوري الغالي لنرفع صوتنا عالياً..لتقف الحرب المجنونة التي يستفيد منها أعداء الوطن.
■ ع. ل