ضيا اسكندر

ضيا اسكندر

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أوراق خريفية العين الزجاجية

كرأس الجاموس تماماً رأسه!

شارباه، لو وقف عليهما نسْران لما انحنيا..

جسده بضخامة مصارع ياباني عملاق..

حشرجة أنفاسه تهدر من منخريه كعواصف الرياح العاتية.

صوته أشبه بهزيم الرعد في ليالي الشتاء القاسية.

لديه شبق التيوس؛ يومياً يضاجع زوجته وما ملكت يمينه من النساء... عدة مرات!

نادراً ما رآه المعتقلون يبتسم..

يقال والعهدة على الراوي، أنه يأكل يومياً ثلاثة ديوك بلدية مشوية مع عظامها. ويشرب ثلاث بطحات كبيرة من العرق البلدي المثلث.. وأن إدارة السجن تقوم بتغيير قاعدة المرحاض الذي يستخدمه، عدة مرات في السنة، بسبب بوله الحارق والذي يشبه في آثاره الأسيد!

الجميع يسمّونه (عزرائيل) مع أنه نادراً ما يكلف بمهمة داخل السجن. حيث تقتصر نشاطاته على التعامل مع المعتقلين من ذوي الرؤوس اليابسة؛ فيكون المعتقل أمامه بمواجهة خيارين، إما الموت الزؤام، أو الخضوع التام والاستسلام كلياً لمشيئته.

أعذب موسيقى!

لم، ولن، ولا يمكنني، تغيير طبعي المحبّ للمطر. ففي كل شتاء أمارس هوايتي المفضّلة مساءً وهي سماع نشرات الأحوال الجوية من عدة مصادر، وأقارنها مع بعضها لأتأكّد من حالة الجوّ. فإذا كانت بشرى مذيع النشرة بأن عاصفة مطرية قادمة إلينا، أهلّل طرباً وأسارع بالاتصال مع بعض الأصدقاء الذين يشبهونني بهذا الطبع ونتفق على الاحتفال. ودائماً نجترح مناسبة لاحتفالنا؛ تارةً بالقول: «ما رأيكم أن نحتفل معاً ببداية الشتاء؟». وتارةً: «ستصل العاصفة غداً، وعلينا ملاقاتها على شاطئ البحر». وغالباً ما نتفق على أن نحتفل بقدومها في ربوع الطبيعة. ربما لتكامل عناصر المشهد الرومانسي فيها. فصفير الرياح وهزيم الرعد وجنون الشجر واصطخاب الطيور المذعورة وعواء بنات آوى.. تجعل المشهد أقرب إلى الحياة البدائية. تذكّرنا بعذابات البشر وكفاحهم المرير لتوقّي مخاطر الطبيعة ومصاعبها. 

 

 

أطيب شاي «باله» في العالم

لم تكن تجاوزت العاشرة صباحاً عندما وجدته جالساً على الرصيف مطأطئ الرأس. أول ما استرعى انتباهي، الأحزمة التي تشدّ كمر بنطاله إلى كتفيه. والعصا الملقاة إلى جانبه، وهذا ما أكّد لي بأنه ليس متسوّلاً، بل إن ثمة مشكلة ما يعاني منها هذا الرجل السبعيني. اقتربت منه مخاطباً:

خريف العمر

ما من قريب أو صديق سمع بقصة الحادث الذي وقع لوالدتي وأدّى إلى كسرٍ في عنق الفخذ, إلا وأطلق عليه تسمية (كِسْر الموت). خاصةً وأن والدتي تخطّت الثمانين من عمرها. ولديها من الأمراض والأوجاع المتراكمة بفعل الزمن ما يجعل أيّ امرئ يصدّق تلك العبارة اللئيمة: (كِسْر الموت). إلا أن عزيمتها وإيمانها بأنها يجب ألا تستسلم, وأنها مستعدة لأيّ شيء إلا أن تكون مقعدة, جعلها تُقبِل على العملية الجراحية بمنتهى التحدّي والرضا.

وكالة «عذراء»..!

لي صديق ينحدر من مدينة المالكية شمال شرق سورية، ويقطن في اللاذقية منذ أكثر من عشرين عاماً. ظفر بفرصة عمل في دولة الإمارات العربية المتحدة. فاغتنمها وقرر السفر إليها سريعاً بعد أن قام بتكليفي على عجل بتأجير بيته خلال فترة غيابه بموجب وكالة نظامية موثقة لدى الكاتب بالعدل. على أن أقوم بتصديقها من وزارة الداخلية لكي تكون منتجة. 

 

«دَقَّة قديمة..»

فور جلوسي بالمقعد المخصص لي في باص البولمان صفعت أذنيَّ أصواتٌ مبحوحة من السمّاعة المثبّتة فوق رأسي بسقف الباص. انتبهتُ قليلاً إلى ماهيّتها، تبيّن أنها تعود إلى مغنٍّ يلقّب بسلطان الطرب! الصوت مشوّش وكأن «البافلات» أصبحت بسبب قدمها بحاجة لأن تحال على المعاش. فالتشويش أقوى من صوت المطرب والموسيقى المرافقة.

 

ملحمة بعل: لوحة سورية تُزَفُّ إلى المتحف الوطني البريطاني

مما لا شكّ فيه أن الفنان التشكيلي السوري علي مقوّص يُعدّ حالة استثنائية في عالم الفن التشكيلي المعاصر. بما يمتلك من مقوّمات أكاديمية وشخصية وموهبة فذّة.. إن تعلقه بالموروث الثقافي لبيئته جعله يبحث عبر تجربته الممتدة لأكثر من أربعة عقود ليقدّم عالمه الخاص، مجسّداً هموم وأحلام وتطلّعات أبناء بلده البسطاء. مترجماً في ثنايا لوحاته (سواء بالألوان الزيتية أو بالحبر الصيني الأسود) ما اختزنته خبايا ذاكرته البصرية من عبق تراث المنطقة، وما علق بها من نفحات جمالية مدهشة من مرابع طفولته وصباه وماضيها الجميل. يستحضره بأسلوبٍ شيّق آسر. وهو المنحدر من قرية وادعة على تخوم مدينة اللاذقية تدعى (عين اللبن) والتي خلّدها بعشرات اللوحات من خلال موهبته الإبداعية المتوهجة.. معبّراً عن عشقه للطبيعة والحياة والبشر. باحثاً بأحاسيسه المنحازة وعواطفه المخلصة عن مكامن الجمال في هذه الأقانيم، من خلال تأملاته المتواصلة في بيئة الريف الساحلية.

الشَّبح..

 وصولي إلى سوق الجمعة الذي أزوره مرة كل شهر للتفرّج وشراء ما تيسّر من (لقطات)، استرعى انتباهي شابٌّ في مقتبل العمر يقف تحت شجرة وقد علّق على كتفه حقيبة سوداء متوسطة الحجم وحوله مجموعة من الشبّان يتفاوضون معه. وبين الحين والآخر يمدّ يده إلى حقيبته بعد أن يلتفت إلى الجهات كافة ويخرجها بسرعة ويدسّ شيئاً ما بيد المشتري بعد أن يقبض الثمن.

الفاكهة المحرّمة

لو أصبح كيلو الموز بليرة واحدة لبقيت متوجّساً منهمعتبراً إياه أنه فاكهة الأغنياءوربما يعود سبب ذلك إلى عجزي التاريخي منذ أيام الطفولة عن شرائه وبالتالي تذوّقهوكلما زرتُ أحد المعارف وكان الموز من بين مواد الضيافةأستثنيه من قائمة رغباتي تلقائياًوأعتبره غير موجودولو اقتصر الأمر على الموز بمفرده لكنتُ بأحسن حالإلا أن توجّسي انسحب أيضاً إلى الحكي في المواضيع التي لا تتجرّأ على التطرق إليها لا صحف النظام ولا صحف المعارضةبسبب حالة القمع التاريخية التي نعاني منها؛ كالحديث عنالجنس والدين والسياسة.. وخاصة الأخيرة منها لاسيّما تلك المواضيع المتعلقة بتسمية المسؤولين الكبار بأسمائهم الصريحةأولئك الذين عاثوا فساداً في البلاد دون محاسبة أو مساءلة..