يسار صالح
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
حمل الحراك الحالي الكثير من التساؤلات، ورفع معها الكثير من الشعارات، وأسقط أخرى، هي حالة غير مستقرة، طرحت قضايا مصيرية، أخفت بين ثناياها مفاهيم فكرية احتاجت وتحتاج للكثير من التدقيق والتمحيص من رواد هذه الحركة «الثورية» من مفكرين ومثقفين،
سألوا عنترة العبسي: «بماذا كنت البطل الفرد ؟ و أنت العبد؟!»
فقال لهم: «أنا لست بعبد أنا أكثركم حرية!.. أنا في فقري أغناكم، أنا في ضعفي أقواكم، أنا لم يستعبدني شيء، خوف أو طمع أو جاه !»
صيف رمضان كان حاراً بالفعل، فقد حملت طقوسه الدرامية هذه السنة الشيء الكثير، وتناقل المتابعون مصطلح «دراما الأزمة» لوصف بعض الأعمال التي حاولت التقرب من واقع الجمهور السوري المنهك، اقتربت من البعض لكنها نالت نصيبها من غضب البعض الآخر
تواجه الثقافات البشرية اليوم الكثير من التحديات تغذيها الإيقاعات المتسارعة للتحولات الاجتماعية، ولم يعد هناك أي مكان لأي نشاط ثقافي لا يستطيع تقديم الجديد، فالابتكار شرط للبقاء، والإبداع منطق هذا العصر،
«أقف أمامكم اليوم وقلبي يطفر بالحزن، إنه يوم بهجة وعيد بالنسبة لكم، لكنه يوم أتذكر فيه الكثير من المآسي التي حلت بشعبي، أذكر فيه ما فعلتموه منذ 350 سنة، يوم نهبتم قبور أجدادي وسرقتم ثمار أرضنا وقوت يومنا، يوم تحول فيه شعبي إلى عبيد يشنقون في الساحات، يوم فتحنا لكم منازلنا الدافئة في عز الصقيع، فشكرتمونا بالبنادق والقيود.. عيدكم اليوم ليس عيدي..»
تناولت «السندويشة» الصغيرة من يدي البائع، وهممت بأخذ القضمة الأولى، لذعتني رائحة «المخلل» الكريهة، توفقت قليلاً وبحثت بأصابعي عن قطعة اللحم التي يفترض أن تكون المكون الأساسي هنا، فلم أجد سوى لقمة صغيرة مغلفة بهباب أسود كريه، رميت ما بيدي على الفور وهممت بالخروج، لكن الإعلان الكبير على الواجهة استوقفني على الفور: «مبروك ..مبروك .. دخل مطعمنا اليوم موسوعة غينيس لأكبر سيخ شاورما في العالم..»، كان الإعلان بألوانه الباهتة وخطوطه الصاخبة يعود إلى عام على الأقل، بدا مقرفاً كما كانت تلك «السندويشة».
دوت صفارات الإنذار في كل مكان، هرعت الجموع الخائفة إلى أقرب ملجأ، توقفت السيارات على الطرقات وخرج الناس منها معولين دون تكبد عناء إقفالها و«انبطحوا» على جانب الطريق، أصبح الأمر اعتيادياً بالنسبة للجميع، إلا لـ«شنيتزل»،
صناديق شهية على الرفوف، أصناف وأنواع لذيذة من الخضار والفواكه تزدان لتملأ المحلات بعبق طازج، لكن بعض المنتجات قد سلبت الأنظار وجلبت الكثير من الانتباه، ملصقات «الغذاء العضوي» الجميلة أصبحت في كل مكان، واجتاحت العالم موجة «العودة إلى الجذور» وإلى المأكولات المحلية التي تنتج بالاعتماد على تقنيات تحافظ على صحة البيئة والإنسان كـ «الزراعة العضوية».
يصادف الأول من نيسان ذكرى رأس السنة السريانية – الآشورية ،عيد "أكيتو" ،أو كما يلفظ باللغة الآشورية "خا بنيسان" يمثل بداية للخير وقدوم فصل الربيع، ويعتمد على أسطورة قديمة مفادها "زواج عشتار إلهة الحب مع تموز إله الخصب"
بعيداً عن أصوات القذائف، وعلى أطراف المدينة المنكوبة، توقفت السيارة عند آخر الطريق الترابي، ترجل منها أربعة رجال مدججين بالأسلحة واندفعوا يحملون صندوقاً خشبياً ثقيلاً إلى خلف التلة القريبة، كان الرجلان الآخران ينتظران في قلب ضباب الصباح، إنها ليست صفقة العمل الخامسة هذه الليلة، وسرعان ما سيتلقفون الصندوق من أولئك الرجال ويرمون لهم حقيبة سوداء دون أية كلمة، لن يفهم أي من حملة الصندوق سبب اهتمام أي كان بتلك الحجارة المكدسة في الصندوق العتيق، «لا يهم.. صندوقان آخران وسأصبح قادراً على تسديد كل ديوني..»، ومع حلول الصباح سيغادر الرجلان هذه الأرض المقفرة تعلو وجهيهما ابتسامة خبيثة لا تخفي درايتهما بالقيمة الحقيقية لهذا «الحطام».