لقاء مع الأديب عادل أبو شنب الديمقراطية تكمن في وقوف الشعب العراقي في وجه «الديمقراطية الأمريكية»

■ لا تطور في حركة المجتمع دون ربطها بالواقع الاقتصادي

■ المجتمع السوري غارق في تناقض واضح


■ الديمقراطية وليدة المجتمع بمشاركة السلطة والشعب

ينتمي عادل أبو شنب إلى الرعيل الأول من الكتاب في سورية، ومن مؤسسي رابطة الكتاب السوريين في مطلع خمسينات القرن الماضي، كما أنه واحداً من المؤسسين في الكثير من المجالات الثقافية، في فترة خصوبة الآداب والفنون في سورية، فكتب في الرواية والقصة القصيرة واشتهر فيها، كما كتب في المسرح وأدب الأطفال، وكانت له الكثير من الدراسات في مجالات عدة، بالإضافة إلى عمله الرائد في الصحافة الذي كان واحداً من روادها حيث رأس تحرير مجلة «أسامة» للأطفال وعمل رئيساً للقسم الثقافي في جريدة تشرين، وكان من أوائل من دخلوا عالم التلفزيون فذهب إليه مغامراً ومؤسساً في نهاية الستينات. ولد عادل أبو شنب في دمشق عام 1931.وحصل على إجازة في اللغة العربية من كلية الآداب بجامعة دمشق. وله ما يزيد عن 18 مؤلفاً، التقته «قاسيون» وكان هذا الحوار عن ذكريات وعن التغيرات التي يشهدها المجتمع السوري في هذه  الفترة :

■ كيف ترى التغيرات التي يشهدها المجتمع السوري في الفترة الأخيرة؟

■■ من المدهش أنه حدثت تغيرات كبرى في المجتمع الشامي تجلت في ردة دينية لا نجد تفسيراً منطقياً لها بالإضافة إلى أن المتغيرات شملت قطاع الشباب وأستطيع القول أن ملامح الأمركة بدت واضحة على هذا القطاع. وعلى هذا نرى أن التبدل الاجتماعي سار في خطين متناقضين كل التناقض، ولا يعرف أحد أين سيقودنا هذا المخاض الذي تبدو ملامحه واضحة

■ أين تكمن المشكلة في التناقضات في هذا المجتمع؟

■■ مما قيل عن المشاكل التي تطفو على السطح، سياسية كانت أم اجتماعية أو حتى اقتصادية، فإن حركة المجتمع السوري تبدو غارقة في تناقض واضح، أما السير في طريق المحافظة أو على النقيض منه السير في طريق التطور والتحديث، وأعتقد أن سبب هذا التناقض هو غياب الديمقراطية لأنه بالديمقراطية يمكن أن يسير هذان الاتجاهان بتوازن في خدمة التطور  بشكل عام.

■ يراهن الكثيرون على أن التطور في سورية لن يؤدي إلى الدخول في آليات المجتمع المدني بشكل طبيعي وسريع فما رأيك في هذا الموضوع؟

■■ بالحقيقة أن المجتمع السوري مجتمع مركب على حقيقة واحدة هي الحقيقة الاقتصادية لذلك فإن أي ملمح من ملامح المجتمع تتبلور في التصنيع والتجارة والقليل من الزراعة، مما يعني أن المجتمع المنشود في سورية هو نتيجة منطقية لتطور التجارة والصناعة والزراعة والوضع الاقتصادي،والسير في دمقرطة هذه القطاعات الثلاثة.. ومن دون رؤية الموضوع  من هذه الزاوية فإننا نسبح في الفضاء، ومن هنا أرى أن حركة المجتمع التي تنشأ في الهواء، هي حركة خلبية إن لم ترتبط بمصالح اقتصادية للشعب..

إن لي أصدقاء كثراً في حركة المجتمع المدني يدورون في فراغ بسبب غياب هذه الحقيقة..

■ هل تستطيع أن تذكر حادثة من الماضي في تطور حركة المجتمع في سورية؟

■■ يخطر ببالي حركة المرحوم سعد الله الجابري عندما كان رئيساً للوزراء فقد خصصت في زمانه مواعيد لدخول النساء إلى صالات السينما، فعد المتطرفون هذه سابقة خطيرة على الأخلاق السائدة، فنظموا مظاهرة لمنع النساء من دخول السينما بالقوة (بماء النار) فما كان من رئيس الوزراء سعد الله بك الجابري إلاّ أن أمر رجال الشرطة بإطلاق النار حماية لتطور المجتمع في ذلك الوقت، أعطني مسؤولاً الآن بمثل هذا الوعي يستطيع أن يفعل ما فعله الجابري لحماية المجتمع المدني..

■ كيف ترى آلية الانتقال إلى الديمقراطية في المجتمعات العربية، خاصة أن الحديث عنها قد كثر في الفترة الماضية؟

■■ الديمقراطية وليدة المجتمع بمشاركة من الشعب والسلطة، وإذا كان قطبا هذه الحركة متنافرين فسدت هذه الديمقراطية، في التجربة الجزائرية تنافر القطبان ولذلك طغى قطب على آخر، لا تقوم الديمقراطية بقطب واحد يجب أن تكون السلطة متبنية للديمقراطية .. أعتقد أن آفة المجتمعات العربية هي التنافر بين هذين القطبين.

المشكلة في البلاد العربية بعد العدوان على العراق واحتلاله أن جالبي «الديمقراطية» إلى المنطقة هم الذين سيرتكبون الآثام بحق الديمقراطية لذلك أعتقد: أن الديمقراطية قادمة إذا وقف الشعب العراقي في وجه (الديمقراطية الأمريكية)، ولجأ إلى الوحدة الوطنية العربية.

■ سبق وأن التقيت مع خالد بكداش هل تستطيع أن تخبرنا عن هذا اللقاء؟

■■ التقيت معه مرة واحدة عندما قام بدعوة أعضاء رابطة الكتاب العرب إلى لقائه في بيته، وبدا لي شخصاً في منتهى الذكاء، شخصاً كارزماتياً وله حضوره. بعد أن استقبلنا دار بيننا حديث طويل، تنوع في شتى المجالات، وقد تعجبت كثيراً لأنه كان يعرفنا واحداً واحداً، ربما من خلال كتاباتنا، رغم أننا لم نقابله إلاّ في هذه المرة. وأذكر أنه عنف المرحوم القاص سعيد حورانية على قصة كان قد نشرها، وقد بدت لخالد بكداش وقتها ذات ملامح برجوازية.

■ ما رأيك بجريدة «قاسيون»؟

■■ يعجبني في قاسيون تصديها لقضايا مهمة وكثيرة، لايخطر في بال مسؤولي الصحف الموجودة في القطر التصدي لها، وهي تعالجها بصدق وبانحياز لصالح الشعب.

ولا يعجبني فيها المطولات التي تستأثر أحياناً بصفحات بالرغم من قلة هذه الصفحات.