«من أجل أطفال العراق»

رحلة اليانكي لم تنته بعد... دم نازف من فلسطين الى العراق... لتطغى أصوات القذائف على صوت الطفولة.. أرادوها ضربة مزدوجة، تمحو الماضي وتبيد المستقبل.. صبوا جام همجيتهم على شواهد الحضارة العريقة.. دمروا لوائح حمورابي الحجرية التي حفر عليها القانون الأول للبشرية.. ليحلوا مكانه قانون الدم والكائنات الرخيصة المعلبة... ووجهوا نيرانهم الى صدور الأطفال


«من أجل أطفال العراق».. عنوان للمعرض الذي افتتح يوم 3/5/2003برعاية السيدة وزيرة الثقافة في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة بدمشق، بدعوة من مجلة «الرؤية»  والبشائر وسات للاعلان، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة «اليونيسيف»، وبمشاركة بعض الفنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدد من الفنانين التشكيليين.. كتعبير لوني عن الرفض لتلك المجازر وحتمية انتصار الارادة الانسانية...

«قاسيون» حضرت الافتتاح وسجلت بعض الانطباعات..

احتجاج ورفض

■ الاستاذ غسان الشهابي ـ صاحب الدعوة ـ رئيس تحرير مجلة «الرؤية»:

■■ إن فكرة هذا المعرض بسيطة جداً كموقف وصرخة رافضة لما يتعرض له الشعب العراقي أو الفلسطيني أو أي انسان على نطاق العالم كله من قتل وإبادة لحياته وحضارته وانسانيته وحقه بحياة حرة كريمة...

إننا نرى المعاناة اليومية وحجم العنف الكبير الذي يتعرض له الانسان بشكل عام، والطفولة على وجه الخصوص.. والمعرض هو تعبير عن هذا الموقف.. وهو حالة احتجاج ورفض بأبسط وسيلة نعبر بها عن رأينا ضد مايجري، ونرفع صوتنا أمام العالم كله كعرب وكفلسطينيين وكشباب وكأمة لنقول: كفى مجازر ودماء.. يحق لنا أن نعيش بأمان وسلام دون خوف على المستقبل وعلى حياة أطفالنا..

إن المجازر اليومية التي ترتكب بحق شعبنا الفلسطيني خلفت وراءها، عدا الدمار الهائل، تشوهات بشرية كبيرة.. وبالأخص بين صفوف الأطفال.. وبالتالي هناك جيل بكامله سينمو وهو معاق بعد أن بترت أعضاءهم آلات القتل الصهيوني الأمريكي.. وكذلك أصيب الكثير من أطفال العراق على يد التحالف الاجرامي الأنكلو أمريكي.. من هنا ارتأينا المزاوجة بين معاناة أطفال فلسطين وأطفال العراق.. من هنا كان هذا المعرض الذي دعت له مجلتنا التي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، ومؤسسة سات والبشائر للمعارض، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» وبمشاركة العديد من الفنانين التشكيليين.. ويرصد بيع اللوحات لصالح أطفال العراق..

جرس.. وضوء

■ الفنان النحات منقذ سعيد:

■■ بعد سنوات قضاها في هولندة، عاد الفنان، النحات العراقي منقذ سعيد الى دمشق ليتابع رحلة الاكتشاف والبحث الفني في مفاصل الحياة والانسان ضمن الفضاء الواسع.. باحثاً عن التوازن مع صخرة سيزيف في مواجهة قوى التدمير التي تواجه نظام الحياة ممثلة في الحروب والتلوث والعنصرية.. وقف الفنان في صدر بهو المعرض أمام جرس معلق باتجاه الضوء.. يهزه بين الفينة والأخرى علَّ يصل صوته الى محبي الانسان والكون.. لتعود الى البشر الصباحات الجميلة.. وبجانبه زوجته الأمريكية (ربيكا جوبين) التي فضلت الصمت (كأبلغ لغة) على المجازر التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية بحق شعب العراق وأطفاله.. إذ لايسع الكلام أن يعبر عمّا جرى..

■■ وقالت السيدة ربيكا: إن الاعلام الأمريكي يعمل المستحيل من أجل إخفاء جرائمه البشعة بحق الشعوب.. ومن أجل أن يبقى شعبها (غبياً).. ومع ذلك هناك أشكال احتجاجية عديدة عمت المدن الأمريكية كما عمت العالم..

■■ وبدوره قال الفنان سعيد: لم أشارك في هذا المعرض بصفتي فناناً عراقياً.. وإنما من منطلق انساني.. إن مايجري في عالم اليوم من فلسطين الى العراق هو مأساة إنسانية كبرى بحق الشعوب والطفولة.. إنهم يقتلون كل نبض حي.. وجرائمهم لم تطل البشر فقط.. وإنما استهدفوا أيضاً تدمير وسرقة حضارة مابين النهرين.. إذ من الواضح أن التخريب المتعمد لمتاحف العراق وأوابده الأثرية قامت به مافيات خبيرة بالسرقة لانتزاع الهوية التاريخية لأهم حضارة في التاريخ.. ومع ذلك لايمكن استئصال الجذور الأصيلة للشعب العراقي..

غزاة بلا ذاكرة وبلا تاريخ

■ الفنانة التشكيلية رهام الهبري:

■■ إن مشاركتي في هذا المعرض هي أبسط مايمكن أن نفعله بوجه الدمار الوحشي الأمريكي الذي جرى ويجري على أرض العراق وفلسطين.. إنهم يسعون لتدمير كل شيء من الحضارة الى الانسان.. ولكن لن يتحقق لهم ذلك طالما هناك إرادة لإنساننا صاحب التاريخ المجيد والحضارة العريقة.. إنهم غزاة بلا ذاكرة وبلا تاريخ.. ولن يحصدوا إلاّ العار والهزيمة...

المحبة أكبر من العدوانية

■ الفنان التشكيلي محمود غزال:

■■ يتوكأ على عكازيه.. قادما من محافظة الرقة.. أبى إلاّ أن يشارك في المعرض «من أجل أطفال العراق».. قال:

الرسالة التي نتوجه بها من خلال المشاركة في هذا المعرض هي رسالة انسانية.. فأنا كمعوق، وبعد أن شاهدت الدمار الذي أصاب العراق، أتمنى أن لايصاب أي طفل بالاعاقة، رغم أنه أصبح هناك الكثير من المعوقين..

تبقى المحبة أكبر من الكره والعدوانية.. ولابد في النهاية أن تنتصر المحبة مهما حشدت أمريكا من قوى وأساطيل..

إن الهدف الأساسي من هذه الحرب هو طمس التراث العربي والحضارة العربية.. وعلى أرض العراق حضارة ضخمة هي حضارة بلاد مابين النهرين.. ستبقى تلك الحضارة العريقة مهما فعل الغزاة، إن شعباً يهدم الحضارة العريقة بقوة السلاح ليس حضارياً ولن تكتب لهم أي حضارة..

الأطفال.. هم الرجاء

■ الفنانة ندى الحمصي ـ ممثلة مسرحية ـ فنانة تشكيلية:

■■ لايسعنا الانتظار أمام الجرائم البشعة التي ترتكبها الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية.. ولابد للتجمعات الأهلية من أن تزيد من نشاطاتها الوطنية والاجتماعية والفنية والأدبية والشعرية، دون الاعتماد على الحكومات العربية والعالمية..

يسعدني أن أشارك في هذا المعرض ببعض أعمالي مع كوكبة هامة من الفنانين الكبار مثل: محمد الوهيبي ووليد قارصلي وموفق قات وغيرهم.. وهذا الفعل الصغير يصب في أشكال الرفض لكل أنواع الاحتلالات التي تسعى لأن تدمر كل الإرث الثقافي والحضاري للأمة العربية..

أمريكا لايهمها حمورابي وماقبل حمورابي ولا رأس العجل الذهبي ولا الكتابة الانسانية الأولى.. فهي تسعى لإفنائها لتحل مكانها «حضارة الكوكا كولا» وحضارة اللاحضارة التي تريد أن تعممها على أرجاء الكرة الأرضية كافة..

أطفال اليوم هم نتاج تلك الحضارات العريقة.. بعضهم قتلته أسلحة العدوان.. ورهاننا على من تبقى منهم لأنهم الرجاء.. فإذا استطعنا حمايتهم فنكون قد حمينا المستقبل.. من هنا علينا أن نؤسس لهذا المستقبل من أطفال اليوم بعيداً عن المفاهيم اللاوطنية واللاحضارية التي يجري ترويجها..

إن قلبي ينفطر ألماً.. وصدورنا مليئة، ليس الآن.. منذ فلسطين الى العراق ومابينهما وما قبلهما وما سيأتي بعدهما.. نحن قلوبنا جريحة.. ولكن إذا توقفنا عند اليأس سترقص أمريكا فرحاً وطرباً لأن هذا هو ماتريده.. هي تبغي تحطيمنا بكل أنواع التحطيم.. إذا توقفنا فإننا لانستحق الوطن أو العيش في هذه الدنيا.. سنقاوم...

■ كمال مراد

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.