إحراق الأوراق الثقافية أبطال الملاحم أمام التلفزيون

يشبه أحد الأشخاص الذين أعرفهم أبطال الملاحم التي أقرأ عنها إلى حد كبير، فقد اشترك في معظم الحروب التي شهدها جيله،

فانطلق عندما كان طالباً في كلية الآداب في عام 67 مع مجموعة من الطلاب في مظاهرة ليذهبوا ويشاركوا في الحرب، وتحقق مطلبهم، وأرسلوا في مجموعة من الباصات إلى الجبهة، وقصفت الباصات قبل وصولهم، وقتل الكثير من أصدقائه أمامه وأصيبت ساقه بشظية، لم يدرك وقتها أنها بقيت في ساقه حتى تحركت في الذكرى الثلاثين للنكسة معلنة عن  بقائها إلى يومنا هذا، وبعد ذلك رفض أن يشارك في رفع أي سلاح في وجه عربي في أيلول الأسود، وبقي ثابتاً على مبدئه. لتأتي بعد ذلك حرب تشرين، كان وقتها قائداً لدبابة على الجبهة، فانفجر واحد من أصدقائه بقذيفة في وجهه قبل أن تنفجر الدبابة كلها، ولا يزال إلى الآن محتفظاً بقطع من الشظية وجسد رفيقه على صدره كالوشم، وخرج من الحرب، قبل ساعات من أن يعلن شهيداً، بنسب من الجروح التي أعدته مشوه حرب، من دون أن يحظى بسيارة مارسيدس، لم ينتم إلى أي تيار، في حياته، وبقي عنيداً متمسكاً بآرائه حتى اليوم، ولوحق رغم ذلك، لم ينزل تحت لواء ولم يهادن.

شهد هذا الرجل خلال حياته الكثير من الهزائم والكثير من الانتصارات، وبالرغم من كل ذلك وبالأخص بالرغم من كل الهزائم التي شهدها بقي واقفاً، ينظر بذلك الإصرار، أما أنا الذي لا أشبه حتى أبطال سلسلة المكتبة الخضراء، فقد جلست بجانبه في تاريخ 9/4/ 2003 جلسنا أمام التلفزيون وراقبنا سقوط بغداد ليقف ويتابع بعدها حياته، بذلك الإصرار.

■ عمرو سواح

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.