بعد «مكة كولا»، جينز «القدس» للصلاة!! العولمة والرموز الدينية

لم تعد فكرة جلابية الجينز مجرد طرفة يتناولها البعض للتندر في محاولة للمزج بين المناقضات, فقد أصبح  لزاماً - على ما يبدو - على المجتمعات (العصرية) إعادة  إنتاج الواقع المنتمي إلى بيئة موغلة في المحلية بظروف عولمية – أميركية.

إلى هنا يبدو الموضوع خلافاَ ثقافياً يحاول البعض إيجاد حلول توفيقية له, لكن الطامة الكبرى أن يفتح الباب لتناول الرموز الوطنية أو الدينية بالطريقة الكاريكاتورية ذاتها.

فقد قامت شركة إيطالية بتصميم بناطيل جينز قالت أنها قد  صممت خصيصا " للمصلين المسلمين " و أطلق عليها اسم / القدس جينز/ لتكون واسعة وبخصر عال لتوفر للمصلي حرية الحركة أثناء ركوعه وسجوده , وقد زود الجينز بجيوب إضافية لوضع النظارات والمسبحة وغيرها، كما خيطت حوافه باللون الأخضر.

وقالت الشركة الإيطالية إنها اختارت مدينة كراتشي جنوب باكستان كموقع لمصنع إنتاج الجينز حتى يشارك المسلمون بعملية إنتاج السروال الذي سيرتدونه, وأن الفكرة من طرحها ليست فقط محاولة الاستفادة من سوق غير مطروق في عالم يعيش فيه أكثر من مليار مسلم، بل كذلك الإيفاء بأحد احتياجات السوق مع مراعاة الحساسيات !!!

وأكدت " لقد تسلمنا طلبا من الولايات المتحدة بمليون بنطلون جينز ونتوقع عددا اكبر من الطلبات من ذلك السوق" ( ترى ماذا سيفعل الأميركيون بها؟ )

 وأشارت إلى أن "الاسم اختير كرمز للسلام لان المدينة هامة بالنسبة للأديان السماوية الثلاث"

حروب الكولا الثقافية – اشرب ملتزماً

 وكانت بعض الأسواق الأوربية والعربية والإسلامية  قد شهدت في السنوات الأخيرة رواجًا كبيرًا للمشروبات التي وصفت بأنها (إسلامية) و التي وجدت في محاولة لإعطاء بدائل  قيل عنها (أخلاقية وثقافية) لمشروبي كوكا كولا وبيبسي كولا الأمريكيين، وهدفت إلى جذب الجاليات العربية والإسلامية في أوربا بصورة عامة.

وإزاء الحرب المحمومة بين (المشروبات الإمبريالية) ومنافساتها (الإسلامية) أعرب  رئيس شركة الكوكاكولا- غداة غزو العراق- عن سعادته بحصول الأطفال العراقيين على الكوكاكولا التي وصفها بأنها رمز الحضارة الغربية  من جنود الغزو!!

وأكد أن"سقوط العراق سيتبعه فتح أبواب العالم العربي على مصاريعها لاستقبال مشروبات المنتصر الأمريكي الغازية والكحولية وأنماطه وقيمه السلوكية بصورة كاملة" !!!

وأضاف قائلاً: إنه يمزج الديمقراطية الوافدة إلى العالم العربي بمذاق الكوكاكولا، مشيرًا إلى أن "العراقيين مطالبون بشرب منتجاتنا وحدها وليس مكة كولا أو غيرها" ،وأعرب عن أمله في ألا يستقبل المجتمع العراقي المشروبات الأمريكية باحتقار مثلما تفعل باقي الشعوب العربية.

وكان المشروب الفرنسي "مكة كولا" قد حقق مبيعات قاربت المليون عبوة في الأراضي المحتلة – ناهيك عن مبيعاته في أنحاء أوربا - وهو ما اعتبره مالك الشركة الفرنسي من أصل تونسي توفيق المثلوثي "مقارعة للصهيونية بوسيلة سلمية في عقر دارها".

وقال المثلوثي: إن أحد هذه الأهداف هي "حث اليهود القاطنين داخل فلسطين 48 على تحريك ضمائرهم والتفكير في جرائم الصهيونية وإعادة النظر في مساندتهم للصهيونية مساندة عمياء" رغم أن  زجاجة مكة كولا تحمل عبارات تؤكد أن "10% من ثمنها مخصص لصالح صندوق رعاية الأطفال الفلسطينيين و10% أخرى لفقراء المسلمين في فرنسا" !!

ومع ارتفاع وتيرة محاربة الرموز الأميركية  أعلنت مجموعة فرنسية عن إطلاقها لمشروب جديد يحمل اسم "مسلم أب" في محاكاة لمشروب "7up  "، ويأتي إطلاق هذا المشروع الجديد بعد النجاح الكبير الذي حققه مشروب مكة كولا, ويقول أصحاب المشروع إن "مسلم آب" هو مشروع "الجيل الواعي لقضايا العصر ومشكلاته".. وقال بيان للشركة التي أطلقت المشروع إن المشروب يعبر عن جيل " يرى بعقله ويرحم بقلبه " , وبعد فإنك سترى أن أسماءً ك ( قبلة كولا, زمزم كولا  ...) قد أصبحت وسيلتنا في مقارعة الغير- الكافر والمنتهك لحرماتنا ومقدساتنا ومحاربته .

وأخيراً نتساءل هل يمكننا  تفادي الطعم المميز للكولا الأميركية الممزوج بالدم العراقي لا بالديموقراطية , وهل يمكننا تجنيب أطفالنا منظومة القيم العولمية الجديدة التي تمتد بها اليد الأميركية الآثمة , وهل نستطيع التعامل مع قضايانا - التي اعتبرناها يوماً مصيرية - بعيداً عن الكولا (الإسلامية) والجينز (الشرعي) والإفتاء بوجوب محاربة المنتجات الكافرة بأخرى تدعم  - كذباً - الجائعين والمشردين والمحاصرين في أرض الإيمان وتلاحق الأعداء حتى عقر دارهم  وتستنزف دراهمهم  كما استنزفوا خيراتنا, ونقول ههنا لقد بات لزاما ً علينا وواجب أكيد وفرض عين لا فرض كفاية معرفة لصالح من يتم تقزيم قضايانا وتقزيمنا بهذه الصورة ؟