ربمــا..! دم فلسطيني من وريد سوري

لم يضرب الفلسطيني هذه المرة لأنّه فلسطيني.. كلام كهذا قابل لتحويله يهوديّاً مضادّاً..!!

ضُرب «مخيم الرمل» لأنه في دائرة الاحتجاج، وعلينا النّظر هنا إلى أنّ الفلسطينيّ ذو هوية مزدوجة، ودمه الذي ملأ واجهة الأحداث مؤخراً إنما نزف من وريده السوري..

يروق لبعض الفلسطينيين تقمّص شخصية الضحيّة، وهي الشخصية التي لعبها يهود أوروبا باقتدار، ولعل عقدة «الضحية» التي استحكمت بالشخصية اليهودية كانت دافعاً قاد إلى ارتكاب فظائع تعادل ما ارتكبته النازية بحق اليهود، هذا إن لم نقل تفوقها..

وحين ذهب إدوارد سعيد إلى وصف الفلسطينيين بـ«ضحايا الضحايا»، كان يشير إلى العار اليهودي عبر تفريغ كل الثارات التاريخية بالفلسطينيين، خلال مدة وجيزة من الاضطهاد الذي ذاقوه، بينما لم ينقلب الفلسطينيون إلى المنقلب ذاته رغم الزمن الطويل الذي مرّ على ابتلائهم بهذا الغول. 

نجا الفلسطيني من العقدة المضاعفة كـ«ضحية للضحية»، لأنه كان يعرف أن مشروعه في العالم مشروع تحرري إنساني.

ورغم كثرة الاستهدافات التي تعرض لها شعبنا العظيم ظل ينأى بنفسه عن النزعات يهودية الهوى، فما قال مرّة، كما قالوا مرات لا تحصى، إنه ظلم لأنه فلسطينيّ.. بل كان، خلال تجربة عذابه، يحفر في وعي العالم أن العدالة لن يكون لها أن تكون في الحقيقة ما دامت هناك سلطة مستبدة، سلطة مالٍ أو دينٍ أو قوّة.. إلخ، سواءٌ تمثّلت في قانون أو في اللا قانون.. يحفر الفلسطينيّ في وعي العالم فكرة إزالة شر السلطة التي تتمثّل دوماً في شر أعلى اسمه: «فوق»، ليتساوى الجميع، ليس في بديلٍ هو الـ«تحت»، بل في مكانٍ لا مكان فيه لـ«تحت» أو لـ«فوق»..!!

ما حدث في مخيم الرمل، ومن قبله في مخيمي درعا وحمص، إنما يؤكد أن الفلسطيني أخو السوري الشقيق، ليس لأنهما في مكان واحد، ولهما وجع واحد، بل قبل هذا وذاك لأنهما في حرب طويلة مع الاستغلال، استغلال كسرة الخبز وحفنة الماء وذرّات الهواء..

يعرف الفلسطينيّ أنه منذور لحلم العدالة الإنسانيّ، ودائماً، مهما ألمّت به الملمات، يرفع راية الحرية الإنسانية الكبرى، راية فلسطين.. 

■ رائد وحش

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.