مطبّات الصراع على تعيين المدراء.. وليس على محاسبتهم..
تصريحات الجهات الحكومية والوصائية بشكل عام تؤكد دائماً على محاربة الفساد وعلى أهمية الإصلاح الإداري، وأن الإصلاح والمحاسبة سوف يشملان كافة مدراء المؤسسات والشركات الإنتاجية، والواقع الميداني يقول: إن الفساد يتفاقم والمحاسبة لن تطال الفاسدين الذي اغتنوا على حساب القطاع والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل لقد أصبحت مقولة محاربة الفساد مجرد شعار يتردد في جميع المناسبات خصوصاً مع استلام عناصر جديدة لمهامها الإدارية.
الفساد قضية مجتمع، وهي قضية اقتصادية، إلا أن وضع الحلول لهذه القضية بحاجة إلى قرار سياسي. أقول ذلك وأمامي قضية جد خطيرة تتعلق بشركة نسيج اللاذقية، هذه الشركة التي بقيت تسرق وتنهب على مدى 25 عاماً من إدارات مافوية تحكمت في مفاصلها في غياب الجهات الوصائية، أو بالتستر على هذه الإدارة والتي بقيت في موقعها 24 عاماً، أوصلت الشركة إلى خسارة مئات الملايين سنوياً ومخازين كاسدة بالمليارات، وقد مدد للسيد المدير سنوات ثم تقاعد، وكلف السيد وزير الصناعة الحالي مهندساً من الشركة هو عبد المحسن فارس بالإدارة، واستطاع هذا المكلف أن يرتقي بالعمل خلال أشهر قليلة وأن يزيد الإنتاج ويخفض المخزون..
ولكن بعد ستة أشهر على تكليف هذا المدير يتخذ قرار بعزله وتعيين آخر بترشيح من إحدى الجهات المسؤولة الأخرى، ودون الرجوع إلى السيد وزير الصناعة.
فعادت الشركة إلى الانهيار والتدهور وذلك لأسباب متعددة أهمها الضعف الإداري وعلاقة المدير الجديد بالأسبق الفاسد الذي هرب إلى تركيا بأمواله واستثماراته!!
وكان السيد الوزير على علم وإطلاع على واقع هذه الشركة، إلى أن اتخذ القرارات الأخيرة بإنهاء تكليف 23 مديراً فرعياً وإنهاء تكليف 10 مدراء عامين، ومن ضمنهم مدير عام شركة نسيج اللاذقية، وكانت هذه الخطوة هامة من السيد الوزير في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بغية الإصلاح الإداري، وقد تم تعيين المدير الذي كان مكلفاً المهندس عبد المحسن فارس مدير عاماً للشركة.
في اليوم الأول من عمله استطاع أن يضع يده على مفاصل الفساد في الشركة.
2500م غزل فاقد، وبدلاً من دخول 15 ألف متر إلى المستودعات كان يدخل 2500 متراً يومياً، وهذا يعني أن الغزول كانت تسرق!! ارتفع الإنتاج ووصلت نسبة التنفيذ خلال 15 يوماً إلى 93%، اكتشف مواقع فساد وكتب مذكرة حول واقع الشركة ولكن.. تم اقتحام بيته وجرى اعتقاله دون معرفة وزير الصناعة أو أمين فرع الحزب في اللاذقية.
سبق اعتقاله لجنة شكلت من رئاسة مجلس الوزراء وتحقيق في الغزول المسروقة.
وسئل قبل توقيفه بيوم واحد عن المرحلة السابقة قال: كنت مبعداً عن العمل، ولكن الآن سوف أصل إلى معرفة ما كان يجري في الشركة.
أسئلة عديدة نطرحها برسم الذين يتحدثون عن محاربة الفساد وعن الإصلاح الإداري؟
مدير بقي 24 عاماً أوصل الشركة إلى الانهيار ومدد له، وهو الآن في تركيا ولم تتم مساءلته أو محاسبته.
مدير كلف بقرار من وزير الصناعة وأنهي تكليفه دون مساءلة ودون معرفة الأسباب؟
مدير يعين وينهي تعيينه مع جملة مدراء، وزير الصناعة ويعين من جديد محسن فارس بقرار وزير الصناعة، فلماذا أوقف هذا المدير؟!!
هوامش:
المدير المقال السابق أوعز لبعض الجهات بأن المدير الجديد المعين من الوزير على علاقة مشبوهة مع التجار، وأقلع التجار عن شراء النسيج من الشركة!!
المدير المقال أحضر جهاز مراقبة ثمنه مليون ل.س لمراقبة العمال.. والسؤال ماذا عمل هذا الجهاز، والغزول كانت تسرق في وضح النهار؟؟