ربّما! هؤلاء الممثلون الذين يفعلون أي شيء لا يصلحون لشيء..
أهلاً وسهلاً بالممثلين السوريين، كتّاباً يتصدرون صفحات الجرائد بأسمائهم وصورهم، ويا مرحباً بهم نجوماً، في الكتابة أيضاً، منذ المقال الأول.
ها هي ذي صفحاتنا الغرّاء، إذْ تفتح الباب أمامهم ليكتبوا ما حلا لهم، وما شاؤوا، فليس لنا، نحن الذي ليس لنا شيء بالأساس، إلاّ أن نقرأ، وبنا رغبة محتدمةٌ للتصفيق ابتهاجاً، لأنّ أي رفض أو اعتراض، مهما قلّ شأنه، سيوضع في خانة الحسد وضيق العين، لا بوصفه مزيداً من الحرص على الذوق العام الذي يحتاج أكثر ما يحتاجه، ما ينطلق من احترامه، وليس على جري عادة الكثير من مسلسلات تخسف الذوق إلى أسفل سافلين، والحاصل الآن في ظاهرة استكتاب ممثلينا ليس بالبعيد عن ذلك، فنشر مواد ركيكة مهلهلة، ليس فيها من كل ما فيها، إلا اسم نجم محبوب، هو في النهاية الهدف الأخير لانتشار المطبوعة بأيّ الطرق، ولو على كمّ فائض من الهراء.
لا مشكلة بتاتاً في أن يجرب، أي إنسان كان، خوض تجربة الكتابة الصحفية، مادام يمتلك الأدوات اللازمة، فما يهمنا، كقراء ومتابعين، أن يكون الناتج جديراً، أمام كل ما قرأناه، في تلك الزوايا، بتلك المطبوعة، فقد بدا تمثيلاً مفتعلاً، وعن طريق الحبر هذه المرة!
لابدّ من التحلي بقدرة على ضبط النفس، وعدم الانفعال، حيال ذلك كله، فالذي لا يرفض أي دور يعرض عليه، مهما سخف وقلت قيمة العمل، لن يرفض، بناءً على ذلك، أية عروض أخرى ستقدم له، ما دام الفن (بزنس) بالنسبة إليه. ومع ضمير خال من المسؤولية الأخلاقية تماماً، ستكتمل الكارثة.
أما الإدانة الكبرى للممثل السوري، فتأتي من زئبقيته وتلونه، فهو لا يتوانى عن الاتجار حتى بالجهل والأمية، فكم من مقابلة ظهر فيها منهم من يتحدث عن ورعه، والقرابين التي يعقرها في المزارات لنيل كرامات أوليائنا الصالحين، أو عن اعتداده، أو اعتدادها، بالأخلاق والعادات الشرقية المشرّفة، وكذلك الأمر عند التعاطي بالسياسة، فستجده أكثر من يصفّر ويزمّر.
كل ما ذكرناه، وسواه، ليس سوى ابتزاز للعواطف، دون موقف محدد، للمحافظة على موقع معين لا يستمر دون مرضاة ذوي الشأن.
المستغرَب في تلك المقالات شحُّها، فغالباً ما تُكتب على مبدأ الري بالتنقيط، بمقابل أجر يعادل خمس مقالات لابن الكار، والذي تطلب منه، فوق ذلك، مطولات ترهق الوعي والبصر والأصابع، وفوق فوق، مقالة الكاتب تَنْتَظِر، ومقالة الممثل تُنْتَظَر..
على الأرجح، ممثلٌ يفعل أي شيء من أجل الدراهم، لا يصلح لشيء. وبالنسبة لي، كم أنا فخور بدور النشر في بلادنا، فقط، لأنها لم تنزلق إلى نشر مذكرات النجوم، ولعمرك.. كلّنا مدينون لها.