صفر بالسلوك سعيد يوسف
أوه .. ماذا أقول عنه، إنه أسطورة من أساطير الموسيقا الكردية السورية، إنه بافي زورو، سعيد يوسف، ذلك الجبل الموسيقي العالي، وتلك العبقرية في التأليف الموسيقي، والشعري، والعزف، بل وإنه أستاذ من أساتذة الغناء، ابن القامشلي، وملهم شبانها وفتياتها، أغانيه في كل البيوت، يسهر عليها العشاق، فتساعدهم على تحمل مرارات الحب وأساليب التعذيب التي يمارسها علينا الحبيب، فإذا بنا نلوذ بسعيد يوسف كي يخفف من جفاء الحبيب لنا، وشوفة حال المعشوق علينا، فهو الذي غنى لـ (روشنه) التي تشبه السوسنة، وهو الذي يقول لها إن كل شباب وفتيات البلد قد تزوجوا وإنه وروشنه بقيا وحيدين، وهو الذي قال لحبيبته إن (مالاوا لجم مالاميا) أي أن بيتكم قرب بيتنا، وهو الذي عشق الفتاة المسيحية وطلب قبلة منها، وهو الذي وصف البنت السريانية والبنت الآشورية وبنات الأكراد وبنات العرب وطبع قبلة على خد الكلدانية ورسم شكلاً للشركسية وعقد ميثاقاً مع الشيشانية ورقص الكرمانجي مع الأرمنية، إنه أبو زورو خلاصة الجزيرة السورية، وفخر الأغنية الكردية السورية، كتبت عنه الديرشبيغل في بداية السبعينات بالألمانية (بهلوان كردي من سورية يغزو أوروبا) بعد أن داخ الألمان طرباً ودهشة من عزفه، وفي التسعينات أصدرت الحكومة السويدية طابعاً تذكارياً تخليدياً لمروره من هناك، عزف في بيروت منذ السبعينات، ولاقى تقدير الرحابنة، وخاصة الرحباني الأخير زياد، وعزف ابنه زورو مع السيدة ست الكل فيروز قبل أن يغير مكان إقامته إلى أوروبا، أسس فرقة نيروز التي تحدث عنها زياد الرحباني في إحدى المقابلات في جريدة السفير اللبنانية، ولحن مئات الألحان، للكرد وللعربان، وخلف البنات والصبيان، وخلف فيهم جميعاً روح الفنان، لولاه لما وجد مطربو الأعراس ما يغنونه من جديد، لذلك فهم يقدرونه ويحترمونه ويعتبرونه أستاذهم، ولكنه أستاذ لمعظم المطربين الأكراد السوريين، بل وللأكراد غير السوريين، وقد غنى شفان شريطاً معظمه من أغاني سعيد يوسف في عز شهرة وطغيان اسم شفان، فعلى الرغم من أن سعيد يوسف هو ملك الحب الكردي، فقد غنى أيضاً أغاني الوجع الكردي وأغاني الفرح الكردي، وغنى للمرأة الكردية، ونادى بتعليمها وتحررها، ومد الفرح الكردي والحب الكردي والوجع الكردي بالأغنيات، وبث في البيوت الحياة، فسلام عليك يا سعيد يوسف يا فنان الشعب الكردي في سورية، يا فنان الجزيرة الكريمة، يا فنان سورية العظيمة، تحية لك على أمل أن نراك مكرَّماً في القامشلي وفي دمشق، لأنك تستحق التكريم، فلقد أعطيت الأغنية الكردية روح الاستمرار، ومثّلت سورية خير تمثيل في بلاد الفرنجة من بني فهمان، وصفقت ورقصت وفرحت وارتعشت لأغانيك أجساد وأرواح الفتيات والفتيان، لك مني سلام، ولنا أن نراك تصدح بأغانيك لأهالي شعبك السوري في الشام.
ففي الشام كل شي تمام، فهي عاصمة للثقافة العربية، وما الغناء الكردي في سورية إلا جزء من ثقافة الشام، وما الشام إلا مبتغى وهدف وحلم كل سوري.. فما بالك إذا كان فنانْ؟..