معرض انعكاسات مائيّة في جسد المتعة محمد ستيته: لن أقتل معالم مهمّة بتجميل مصطنع
ولد الفنان السوري محمد ستيته عام 1966 في دمشق. سافر إلى فرنسا لعدة سنوات، وهناك ظهرت ميوله للتصوير الضوئي الذي تعلمه حتى وصل إلى أن أصبح قادراً على تدريسه، ثم قام بافتتاح ثلاثة أندية في فرنسا، بتمويل شخصي، لعشقه لهذا الفن، كما أنه شارك بعدة مسابقات بنتائج مقبولة وجيدة، وعندما عاد إلى سورية كان هذا المعرض أول أعماله، وأحبّ أن يكون الماء محوره الأساسي لانتهاكنا هنا لروعة هذا العنصر.
أبرز مشاريعه حالياً تصوير الضاحية الجنوبية في بيروت، وهي مغامرة أحسّها كما يقول غاية بالمتعة والواجب، ولإدراك أهمية وجود قيمة صلبة يلمسها الآخرون خلال صوره عن بطولة المقاومة اللبنانية...
في المركز الثقافي الروسي حيث معرضه كان لنا معه هذا اللقاء..
• ما الذي حفّزك على اختيار الماء؟ وهل تعتقد أن تفاصيل الطبيعة معظمها شفاف لهذه الدرجة؟
طبعاً اختياري للماء جاء بسبب سوء معاملتنا له، مثلاً ، منذ سنوات، حدث فيضان في مدينة طرطوس، وبعض المناطق في مختلف سورية، وفي نهاية الأمر نجد أن سببها هو استهتار الإنسان.
مخلفات زراعية وصناعية ومنزلية نرميها بلا مبالاة في النهر، لنشوّه هذا المشهد بطريقة علنية. عندما قمت بأخذ صورة تجسد هذا كان تركيزي على الجانب الجمالي لهذا الموضوع، بألا آخذ صورة مزعجة للناظر تظهر التعاسة في المشهد. حتى البحر حين ذهبت إليه منذ فترة كي ألتقط صورة ذات فنية عالية ولكن المنظر الرديء كان لي بالمرصاد، طبعاً هذا الشيء صورته لكن فصلته وأنا أصور الجانب الجمالي لبيئتنا، ربما كي يتعمم بشكل أوسع لمحاولة إصلاحه حيث لا أضع اللوم على إدارات البلدية، أو حتى على دوائر المحافظات، بل أعالج الموضوع من جانب إنساني لعلّ الناس يأخذون بشكل جدي بكم المساوئ التي يقدمونها دون أن يشعروا!!!..
• ما أهمية زاوية الالتقاط، وهل تعتبرها مثل ضربة الريشة؟
إن ضربة الريشة استخدام لآلة تصويرية، أما الكاميرا الفوتوغرافية بالنسبة لي هي ريشة الرسام، وإزميل النحات، من خلالها أحاول أن أجسد ما أرى..
زاوية الالتقاط هي جزء من العملية التصويرية وهي مهمة لإبراز المناطق التي أحب أن تكون واضحة قدر الإمكان وبلمسة خصوصية، سواء أَكانت جميلة أم غير جميلة، مع مراعاة إزالة العناصر التي لا تخدم الفكرة حين أوجهها للمتلقي.
• ثمة توقيت معين لمعظم لقطاتك، ما هي أهمية هذا التوقيت؟
بالتأكيد التوقيت مهم، فهو نوعان، زمني، ربما لا يهم، أو ضوئي، وهنا يكون مسار الشمس ضروري جداً لإنجاح اللقطة. مثلاً: الظهر إن كانت شمسه قاسية الإضاءة فهي تناسب مشهداً عينياً قاسياً. التوقيت مهم كإضاءة، ولكن ليس كزمن أي خريف شتاء... إلخ.
• من يقود الآخر أنت أم الكاميرا؟
بصراحة إن حجم هذه المسألة مضاعف عندي، لأن الكاميرا بالنسبة لبعض الناس ليست ضرورية لكونهم يرسمون، أما بالنسبة لي فالكاميرا أداة كي تُجسّد، تمكنني من نقل الحالة أو اللحظة المطلوبة. لكن هناك أشياء كثيرة لا تستطيع الكاميرا نقلها، مثلاً حين نذهب إلى منطقة جبلية جميلة تكون السماء معتمة، نستمتع بالنسيم، وأضواء خافتة للمدينة في الوادي، وحين نشاهد ضوءاً قوياً نحاول جعل الكاميرا أداة لنقل جزء كبير أكبر من الجزء الذي يتخيله الناس، لأن معلوماتنا منذ الطفولة تأتي عن طريق البصر والعيون.
• هل التصوير يمارس محو أمية بصرية أكثر من الرسم؟
أعتقد أن محو الأمية البصرية صعبٌ عليه، لا أستطيع تجسيده لأن البصر يمتلك عدة عوامل، التصوير فن من الفنون. هناك لحظات كثيرة تترجم بغض النظر عن الطريقة، نحتاج مستوى معيناً من الثقافة كي نمتلك تفاعلاً لنشبع متعة النظر.
• كل مصوّر ضوئي له وجهة نظر خاصة في علاقته مع الكاميرا، فالبعض يفضل الأبيض والأسود عبر كاميرا قديمة، والبعض يفضل الديجيتال، ما هي وجهة نظرك؟
الأبيض والأسود يجسدان خططاً وأشكالاً، أما بالنسبة للتصوير اللوني فهو يحتل كتلة معينة لا غير، الفرق بين الكاميرا الديجيتال والقديمة ليس بذاك الفرق الشاسع، بل فرق بالتقنية حيث تختلف لغة الإدراج والإضاءة، كل منها له توظيفه الخاص، ومعظم الناس يفكرون بنوعية الكاميرا بين حديث وقديم. أنا أعتقد أنه ليس ثمة من داع لهذا التمييز. كاميرا الديجيتال ملأت مكان النيكاتيف فقط، وأصبح لدينا سهولة بالتحميض والطباعة، لذلك يفضلونها كونها تعطي بعض القدرات الإبداعية عن طريق الحاسب باستخدام برنامج الفوتوشوب. لكن ليست جدلية أنا بعكس ما يتوقع الناس أعمل على صوري بالنيكاتيف، ولا أحبذ استخدام المعالجة نهائياً لئلا أقتل معالم مهمة للحظة بتجميل مصطنع، فالجودة والعمق اللوني ما يزالان أجمل في كاميرا التصوير النيكاتيف ولم تحصلها كاميرات الديجيتال وأن حصل ذلك فهي بأسعار خيالية.