«البيان الشيوعي» مع مسوداته التاريخية.. في طبعة جديدة
صدر مؤخراً عن دار «الطليعة الجديدة» بدمشق طبعة جديدة من «بيان الحزب الشيوعي» لمؤلفيه كارل ماركس وفريدريك إنجلس. وإضافةً إلى النص الكامل للبيان، الذي كُتِب بالألمانية في الأصل (خلال الشهر الأخير من عام 1847، والشهر الأول من عام 1848) مع مقدماته السبع التي وضعها المؤلفان لطبعات اللغات المختلفة، فإنّ هذه الطبعة تشتمل أيضاً على ثلاثة وثائق أخرى: النصين الأوليين للبيان، اللذين تمت صياغتهما كمسودتين، بشكل أسئلة وأجوبة، قبل أن يتخذ البيان شكله النهائي، وهما مشروع «تبني العقيدة الشيوعية» و«مبادئ الشيوعية»، وكلاهما من تأليف إنجلس. وفي حين كانت المسودة الثانية للبيان «مبادئ الشيوعية» (المكتوبة في تشرين الأول/أوكتوبر 1847) معروفة منذ نشرها لأول مرة عام 1914، فإنّ مسودته الأولى «تبني العقيدة الشيوعية» (المكتوبة في حزيران/ يونيو 1847)، ظلت مجهولة لما يزيد عن قرن، حتى عثر عليها الباحث السويسري بيرت أندرياس عام 1968، في هامبورغ، إضافة إلى عدة وثائق أخرى، وذلك ضمن أرشيف واكيم فريدريك مارتنز، الذي كان عضواً ناشطاً في «عصبة الشيوعيين».
ووجدت الوثيقة بشكل مخطوطة مكتوبة بخط يد إنجلس، وبذلك تشهد على التأثير الكبير لإنجلس على مجرى نقاش البرنامج في مؤتمر العصبة في فترة ما قبل تحررها من الأفكار الطوباوية. أما الوثيقة الإضافية الثالثة التي تضمها هذه الطبعة فهي الرسالة التي بعثها إنجلس إلى ماركس (في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1847) ويقترح فيها فكرة إصدار «بيان» حزب، بدلاً من أسلوب السؤال والجواب، المتبع في المسودتين، والذي كان شائعاً في وثائق الجمعيات السرية في ذلك الزمن. ولهذه الوثيقة يعطي فلاديمير لينين – وفقاً للكتاب – التقييم التالي: «هذه الرسالة التاريخية من إنجلس بصدد المسودة الأولى للعمل الذي طاف مسافراً عبر جميع أنحاء العالم، والذي ما يزال حتى اليوم صحيحاً في جميع جوانبه الأساسية، وواقعياً، وصميمي الارتباط بالجاري من أحداث، وكأنه كتب يوم أمس فقط، إنما تبرهن بجلاء على أنّ ماركس وإنجلس يستحقّان كلاهما معاً، وجنباً إلى جنب، أن يسمَّيا مُؤسِّسَي الاشتراكية الحديثة». يقع الكتاب في 169 صفحة من القطع المتوسط، مزوداً بالحواشي والملاحظات الإضافية على المتن، والتي حررها الناشر لكي تقرب قارئ اليوم من فهم السياق التاريخي لإحدى أهم وثائق الشيوعية العلمية، والتي تثبت متغيرات اليوم أكثر من أي وقت مضى بأنّ الصفحة الحقيقية التي عَلَتْها مَلازِم من الغبار، وتأكلها العفونة، ليست صفحة الماركسية، بل هي بالضبط صفحة تاريخ الرأسمالية التي انتقدتها الماركسية نقداً علمياً، وكشفت قوانين نشوئها وتطورها وزوالها وسبيل النضال من أجل تحرير البشرية منها.