(الفجر هادئ هنا)

(الفجر هادئ هنا)

إنتاج فيلم ستالينغراد 2013 تكون السينما الروسية قد بدأت السير في طريق إنتاج وتطوير سينما جديدة معلنة بذلك نهاية نظرية «السينما اللا سوفييتية» التي سادت بعد عام 1990 والتي حاولت فيها تلك المؤسسة الثقافية الليبرالية التي نمت في الظل منذ ستينيات القرن العشرين أن تمسح من ذاكرة الروس حقبة من تاريخهم وتستبدلها بثقافة غريبة عنهم.

 

يتفق الكثير من السينمائيين في روسيا أن التقسيم الجائر لتاريخ السينما الروسية إلى مرحلة «سوفييتية» ومرحلة «ما بعد سوفييتية» ليس صحيحاً، لأن هناك امتداد واحد لتاريخ السينما في هذا البلد حتى اليوم، وقد عانت السينما الروسية هزة كبيرة بعد عام 1990 ، إذ هيمنت أفلام هوليوود المدبلجة والأفلام الروسية التي حاولت استنساخ اتجاه المدرسة الهوليوودية فأنتجت مسخاً غريباً مهمته، بالدرجة الأولى محاربة الإرث الغني والعميق الجذور للشعب الروسي وتراثه.

لم يقتصر الإنتاج السينمائي الجديد على الصعيد المحلي فقط بل امتد إلى النطاق العالمي، حيث جرى في شهر أيار الماضي من هذا العام الاحتفال التكريمي لقطاع الإنتاج السينمائي الروسي في أثناء استقبال حافل بمناسبة بداية أعمال السوق السينمائية لمهرجان كان الدولي.

 نظم حفلة الاستقبال مدير السوق السينمائية جيروم بايار ومدير مهرجان كان السينمائي تيري فريمو والمديرة العامة لمؤسسة «روسكينو» يكاتيرينا متسيتوريدزي. وقد استضافت هذه الفعالية شخصيات بارزة في مجال السينما العالمية منها: مدير مهرجان البندقية السينمائي ألبيرتو باربيرو، ومديرة مهرجان Tribeca السينمائي في نيويورك فريديريكا بواييه، وكذلك أكثر من 1500 ضيف بمن فيهم ممثلو الشركات السينمائية الكبرى كلها.

وقد تركز الاتجاه العام لحفل الاستقبال المكرس لافتتاح السوق السينمائية على روسيا بدءاً بالمقبّلات الروسية التقليدية في قائمة المأكولات، إلى طريقة تبريد المشروبات في حانة القاعة بتمريرها عبر قطع من الجليد اتخذت هيئة تماثيل ذات أشكال تجسدت في لوحات كاندينسكي وماليفيتش وشاغال.

وأجرت إدارة الجناح الروسي عدداً من الفعاليات الأخرى، من ضمنها تقديم مشروع تحت عنوان «التركيز على السينما الروسية الجديدة»، وتقديم مجموعة من الأفلام السينمائية الروسية القصيرة، وتقديم مشاريع سينمائية جاهزة للتصوير والإنتاج المشترك وغير ذلك.

«أنا مدرس»!

شارك الفيلم الروسي «أنا مدرس» من إخراج سيرغي موكريتسكي في المسابقة الرئيسة لمهرجان بكين السينمائي الدولي السادس في الفترة بين 16-23 نيسان الماضي بمشاركة 2300 فيلم من 105 بلداً.

وتدور أحداث الفيلم في الأراضي السوفيتية المحتلة من قبل ألمانية النازية إبان الحرب الوطنية العظمى. يساعد الحب مدرساً ريفياً يدعى بافل زوبوف «يلعب دوره الممثل الروسي ألكسندر كوفتونيتس»، على تحمل الحياة وتدريس الأطفال دون أن يكون مهتماً بالسلطة التي تحكم البلاد، او الصراعات التي تجري حولها، ولكن الحرب القاسية الدائرة، وخاصة بعد أن رفع العدو فيها القناع عن وجهه الوحشي النازي، جعلت هذا المدرس ينحاز إلى جانب المقاومة ويتحول إلى شخصية مختلفة تلعب دوراً بطولياً، ويتوقف عن الاكتفاء بدوره كمدرس في بلدة صغيرة، وقف مع أبناء شعبه في نضالهم ضد المحتل الألماني حينها. جرى عرض الفيلم لأول مرة بمناسبة عيد النصر في التاسع من أيار الماضي.

استضافة السينما العالمية

كما بدأت روسيا مهرجانات السينما العالمية وانعقد في موسكو بين 7-12 حزيران الماضي مهرجان السينما الأسترالية، وحسب برنامج المهرجان جرى عرض ستة أفلام من بينها فيلم «الابنة» لمخرجه سيمون ستوان وفيلم «الخياط» لمخرجه جوسلين مورخواس وفيلم «بلد تشارلي» لمخرجه رولف دي خير. عرضت الأفلام في سينما فورمولا في موسكو.

«شمسُ الصحراءِ البيضاءُ»

وقع تركيز السينما الروسية الجديدة على تجديد ذلك التراث الضخم من الأفلام الروائية السوفييتية التي تحمل طابع الدفاع عن الرموز الوطنية والاجتماعية، وعلى هذا الطريق جرى. كانت أفلام: الهجوم على لينينغراد 2009، ستالينغراد 2013، الطليعي 2014 وحدوث تحول الكبير في إنتاج الأفلام السينمائية عام 2015: معركة سيفاستوبول، الكتيبة، القناص، الموت للاحتلال، الوطن أو الموت، الفجر هادئ هنا، الهدف، طائر الفينيق، تحية إلى كاتيوشا وعشرات الأفلام الأخرى التي تتصف بالتقنية العالية والدراما والتشويق الروائي.

ضمن هذا النسق أزيح في شهر نيسان الماضي في مقبرة «نوفوديفيتشيه» بموسكو الستار عن تمثال تذكاري لنجم السينما السوفيتية الراحل أناتولي كوزنيتسوف المعروف من خلال دوره في الفيلم الأسطورة السوفيتي «شمس الصحراء البيضاءُ» في محاولة التركيز على الرموز السينمائية السوفييتية.

يذكر أن نجم السينما أناتولي كوزنيتسوف «1930 – 2014» قام بأداء ما يزيد عن 100 دور في الأفلام السينمائية الروسية. وكان أكثرها شعبية دور «سوخوف» الجندي بالجيش الأحمر الذي يروي قصة الحرب الأهلية الدائرة في منطقة آسيا الوسطى في مطلع عشرينات القرن الماضي في فيلم «شمسُ الصحراءِ البيضاءُ».