ربما ..! موسيقى شرقية

لا أراكِ إلاّ وأسمعُ مقاماً. في وجهكِ الأسمرِ عودٌ وقانونٌ ونايٌّ ودفوفٌ، لا تجتمع كلّها إلا لتتعازفَ مكبوتات هذه الأرض المبتلاةِ بالحرمانِ.. على الخدِ الأيمنِ نام "الرست" بوداعةٍ، وعلى الأيسر تثاءبَ "البيات" بالعدوى. في الشفتينِ تخدّرَ "النهاوند" وبات يهذي. العينان الاحتفاء الكبير لـ"الصبا" بصباكِ الذي لا ينفذ. ما على الجبين هو "الحجاز" أكليلاً غيرَ مرئيٍّ إلاّ للسميعة. وفي الذقن التقى "العجم" و"الكرد" ولا يزالان يتحاوران... لهذا كلّه لا أراكِ وحسب، بل أسمعُ المقامات وأسلطن!!

حين أستعرضُ الصور، صورَكِ، تقّدم كلٌّ منها عزفاً منفرداً لإحدى الآلات.. مرّة يعربد العودُ في نفسِهِ فيجلب إليّ المدنَ الضائعة مدينةً.. مدينةً، ويمنحني، أنا الذي لا أتحرّك، خبراتِ كبار الرحالة. مرّةً ثانيةً يتحدّث البزقُ مندوباً عن كلّ أهل الهوى، في كلّ مكانٍ وزمانٍ، فيهبني المادة اللازمة لتأليف كتاب "مصارع العشّاق" بمنظورٍ جديدٍ. ومرااااااااااااااااااااااتٍ تلوَ المراتِ تكويني الربابة، أعجوبة الزمانِ، بوترٍ واحدٍ فقط توقف الوجدان على قدميه وترْكِضَه محموماً في البريّة.

في الوجه: صداحُ أمّ كلثوم بـ"الآهات".. قدود صباح فخري.. نداوة فيروز الصباحية.. مقاماتُ محمد القبانجي ويوسف عمر جنباً إلى جنبٍ مع صدعاتِ قلب ناظم الغزالي.. الغصنُ، اليمينُ الغليظةُ التي حلّف بها وديع الصافي عصفوراً.. ما قاله يرغول طحيمر لأهالي المخيمات، ولاحقاً ظلّ في أمانة القصب.. ربابة عبد الله الفاضل التي انتقمتْ من تمرباش واخترعت العتابة في اللحظة ذاتها.. بحةُ فهد بلان.. حفيف الـ"دشت" على بزق أميره محمد عبد الكريم..

في الوجه: المجهول من عود زرياب، وقانون الفارابي.. غير المكتشف من أغاني الأمهات التي تصلح للفراق وللأعراس في آن.. الدلعونة، الميجانا، الموليا، أبو الزلف، الهوارة، الماني الماني، ظريف الطول.. إلخ إلخ، باختصار في هذا الوجه الأغاني الشعبيّة كلُّها..

وماذا بعدُ؟؟؟

ماذا بعدُ ووجهكِ الموسيقى الشرقيّةُ كلّها؟؟ 

■ رائد وحش

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.