«سورية دراما» والتقوقع في البث التجريبي
يصعب التفريق منهجياً بين بث تجريبي لقناة مختصة في مجال الدراما، وبين بث فضائية «سورية دراما»، على اعتبار أن المواد المقدمة في هذه الفضائية ما تزال في إطار التجريب، مع العلم أنه قد مر عام على بداية بثها.
جاءت فكرة تقديم فضائية سورية مختصة بالدراما لتوازي التطور الإنتاجي للدراما السورية، وبزوغها كفن كثيف الأداء على صعيد الفنون في سورية.. فإذا كانت هذه الفضائية قد حضرت لتوثق بعض الإنتاجات الدرامية وتكرر عرضها فإنها تسير في طريق النجاح، أما إذا كان الهدف منها تقديم مواد برامجية تحليلية ونقدية وحيوية، فإنها ما زالت في بثها التجريبي.
ما الجديد؟
في الحقيقة لا جديد قدمته «سورية دراما» سوى أنها قناة مختصة بالدراما، فهي تحمل في كل دقائق بثها أسباب ضعفها وشلل أدائها، فحيوية أدائها تكمن في تنوع الأعمال الدرامية المقدمة إلى حد ما، بحيث تخلو الفترة التي لا يتم عرض مسلسل ما فيها من مادة برامجية ذات أساس محدد أو ذات مبرر عرض، إضافة إلى ضعف الكوادر القائمة على تلك البرامج وحداثة تجربة المقدمين والمذيعين بشكل واضح جداً.
فالبرنامج الإخباري «أخبار الفن» يفتقر إلى المادة الساخنة والحية إلى درجة أنه يبدو مجرد استذكار لبعض الوجوه الدرامية الغائبة عن مجال العمل، من نجوم الصف الثاني والثالث، إضافة إلى اقتصار الخبر على تقديم مادة تعرض خبراً عن عمل ما يتم تصويره دون الإحاطة البانورامية بالعمل، وغالباً ما يغيب نجوم العمل الأوائل عن المادة، ويبدو دخول كاميرا الفضائية إلى (لوكيشن) التصوير ضعيفاً وخجولاً، بحيث لا يخرج بإحاطة كاملة لأي عمل جديد، بقدر ما يقدم وجهة نظر بعض الفنانين بقضية معينة، أو تذهب الكاميرا خلف مهمة ملء وقت البث بحديث لممثل نسته الكاميرا لطول غيابه عنها، ليتحدث عن شروطه في انتقاء الأدوار مع الاعتقاد بأنه مستعد لتوقيع أي عمل يعرض عليه ليعود بصور جزئية إلى ذاكرة الجمهور.
أما الفواصل البسيطة المتمثلة في «عين على المسرح»، «عين على السينما» فيبدو أن هذه العين قد ضاقت إلى درجة أنها لم تشاهد سوى عرضين أو ثلاثة، يتم تكرارها يومياً إلى درجة الملل، مع العلم أن الفقرات المنتقاة من هذه العروض هي عبارة عن ثلاثة إلى أربعة مشاهد، دون التنويع حتى في المشاهد المختارة من العرض الواحد، وهذا ما يعزز في دور التوثيق الوحيد الذي تقوم الفضائية به.
«دراما غناء» هي تطبيق أغنية ما على مشاهد من مسلسل، على أن تكون المشاهد المنتقاة متماشية عاطفياً مع الأغنية، وهو أسلوب تقليدي مكرر بصورة سيئة لا احترافية، حيث كانت تقدم فضائية «روتانا سينما» هذا النموذج بعنوان «سينما كليب» منذ عدة أعوام، وإنما بطريقة احترافية تتماشى فيها الأغنية مع المشهد، إلى درجة يصعب الفصل بين حركات وكلمات الممثلين وبين كلمات الأغنية.
«مواعيد» برنامج لا داعي لوجوده نهائياً، اللهم إلا ملء وقت البث بمادة ممتدة تأخذ حيزاً زمنياً لا وجود لمادة أخرى تملؤه، على اعتبار أن أوقات عرض مواعيد المسلسلات تظهر كفواصل إعلانية بين العروض الفعلية للأعمال الدرامية، وبشكل كثيف، مما يجعل من الممكن الاستغناء عن هذا البرنامج الذي يأتي تجميعاً لعدد من إعلانات المسلسلات المكررة على الشاشة أصلاً، ومن ميزات برنامج «مواعيد» طول مدة عرض الفقرة المقتطعة من المسلسل، إلى درجة أن المشاهد يظن نفسه في حالة حضور كامل للعمل الدرامي... وهو ما يسهم في استهلاك الوقت وتضييعه، مما يؤكد أنه لا وجود لمادة بديلة.
أما البرنامج المترجم «أجمل مواقع التصوير في هوليوود» والذي يأتي في إطار التنويع، فهو لا يختلف عن أسلوب الفضائيات المحلية في تكرار البرامج القديمة، كبرامج «الكاميرا الخفية» و«أخطاء وعثرات» مثلاً، على اعتبار أن نموذج برنامج «أجمل مواقع التصوير في هوليوود» هو برنامج مستهلك في الفضائيات العربية المختصة في مجال السينما، مع فارق كبير، هو أن هذا البرنامج يستعرض أفلاماً مر على إنتاجها عدة أعوام، لدرجة أن البرنامج المترجم مستهلك وغير حيوي، وهو بالتالي لا يختلف عن بقية البرامج الهادفة إلى ملء وقت البث.. لا أكثر ولا أقل.
من طبيعة أي تجربة إعلامية محلية جديدة، أن تعلن نفسها وتدخل في إطار التكرار والاستهلاك واللا معنى عدة أعوام، حتى يتم الاستقرار على كادر عمل مهيأ إلى حد ما، ويفهم رسالة الوسيلة، ثم يبدأ البث الحي... فلنقتنع إذاً أن فضائيتنا الوطنية المخصصة للدراما لا تزال في إطار البث التجريبي، ولننتظر عدة أعوام ليتم وضع خطة برامجية للبث الحي لهذه الفضائية.