قاسيون
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
نموذج الحكم السابق، بكل «فذلكاته»، الواقعية والإلكترونية، لم يكن في صالح عموم السوريين، بل على العكس، دفع أبناء الشعب ثمناً باهظاً لذلك النموذج من جوع وقمع وتهجير، وهو أمر يدركه السوريون جيداً؛ لكن إدراك مساوئ النظام السابق لا تكفي وحدها لبناء مستقبل جديد للسوريين يلبي طموحاتهم، بل ما نحتاج إليه في الواقع هو أن نفهم تماماً طبيعة النموذج السابق وألا نعيد تكرار أخطائه بأي شكلٍ من الأشكال.
كلنا يتذكر عبارة «حسني البورظان»-نهاد قلعي، في المسلسل الشهير «صح النوم»: «إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا فيجب علينا أن نعرف ماذا في البرازيل»... الجملة، وفي سياقها الكوميدي، تحوّلت لتكون شكلاً من أشكال السخرية المبطنة من أولئك الذين «يعقدون» المسائل، لكن الحقيقة هي أن حدثاً يجري في أقصى الغرب قد يرتبط بشكل وثيق بحدث آخر في أقصى الشرق!
ظهرت مؤخراً بعض التصريحات من داخل البلاد ومن خارجها، تتحدث عن الفيدرالية بوصفها حلاً مناسباً للوضع السوري المعقد. إذا حاولنا الانطلاق من حسن النوايا، وتركنا جانباً التخوين والهجوم، فإن علينا أن نناقش الفكرة بشكل موضوعي للوصول إلى نتيجة واضحة.
جسد «يوم الاستقلال» حالة فريدة بعد نضال طويل ضد الاستعمار قدّمت فيه شعوب الشرق تضحيات كبيرة لنيل استقلالها. ومع أن هذا العيد الوطني له خصوصية في كل بلد، إلا أن بلدان الشرق نالت استقلالها بفترات متقاربة نسبياً كنتيجة لوضع دولي جديد بعد الحرب العالمية الثانية.
تقف بلادنا، مع حلول الذكرى 79 لتحررها من الاستعمار الفرنسي، أمام مفترق طرق تاريخي حاسم؛ فإما المضي نحو استعادة سيادتها ووحدتها، وإما الذهاب باتجاه المجهول؛ الاحتمالان كلاهما قائم، وكلاهما له ما يعززه ويدفع باتجاهه.
على رأس العوامل التي تدفع بالاتجاه السلبي، ما يلي:
في خطوة مفاجئة، أصدرت وزارة المالية السورية قراراً يقضي بتحويل رواتب العاملين كافة في جهات القطاع العام (الإداري والاقتصادي) إلى تطبيق «شام كاش»، بدلاً من صرفها عبر المصارف الحكومية التقليدية كما كانت عليه الحال.
في خطوة وُصفت بأنها مفاجئة ومجحفة، أصدر وزير الصحة في حكومة تسيير الأعمال السورية، الدكتور ماهر الشرع، حزمة من القرارات ذات الأرقام (1367-1368-1369-1370) بتاريخ 19 آذار 2025، تضمنت تحديد رسوم جديدة على الخدمات المقدمة من قبل الوزارة، المتعلقة بشكل مباشر بالصناعات الدوائية المحلية.
رغم الأرقام المشجعة التي أعلنت عنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن عودة قرابة 400 ألف لاجئ سوري من دول الجوار منذ كانون الأول الماضي، وأكثر من مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية، إلا أن الواقع السوري لا يزال بعيداً عن تأمين بيئة ملائمة للعودة الآمنة والكريمة والمستدامة.
في ظل استمرار الأزمة السورية التي دخلت عامها الرابع عشر، يواجه السوريون واقعاً مأساوياً تتفاقم فيه معاناة ملايين الأسر التي تكافح من أجل توفير احتياجاتها الأساسية، وفي مقدمتها الغذاء.
فقد أشار تقرير صدر أخيراً عن برنامج الأغذية العالمي إلى صورة قاتمة للوضع الإنساني في البلاد، حيث يعيش أكثر من نصف السكان في حالة من انعدام الأمن الغذائي، مع تجاوز عدد المتضررين عتبة الـ13 مليون شخص، بينهم 3,1 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.