من «البطاقة الذكية» إلى «شام كاش»!

من «البطاقة الذكية» إلى «شام كاش»!

نموذج الحكم السابق، بكل «فذلكاته»، الواقعية والإلكترونية، لم يكن في صالح عموم السوريين، بل على العكس، دفع أبناء الشعب ثمناً باهظاً لذلك النموذج من جوع وقمع وتهجير، وهو أمر يدركه السوريون جيداً؛ لكن إدراك مساوئ النظام السابق لا تكفي وحدها لبناء مستقبل جديد للسوريين يلبي طموحاتهم، بل ما نحتاج إليه في الواقع هو أن نفهم تماماً طبيعة النموذج السابق وألا نعيد تكرار أخطائه بأي شكلٍ من الأشكال.

في الأيام القليلة الماضية أصدرت وزارة المالية السورية قراراً يقضي بتحويل رواتب العاملين في القطاع العام إلى تطبيق «شام كاش» ويفترض من خلاله أن يحصل العاملون على رواتبهم عبر وكلاء محليين مثل الشركات الخاصة للحوالات المالية «الهرم والفؤاد» بالإضافة إلى ميزات أخرى مثل دفع الفواتير والمخالفات وتحويل الأموال بين المستخدمين.

إن كل خطوة تساعد العاملين لتسيير شؤونهم هي خطوة مطلوبة، لكن المشكلة هنا مركّبة؛ أحد جوانبها يرتبط بكون تطبيق «شام كاش» يعود لشركة خاصة ستحصل بمقابل هذه الخدمة على عمولة 5 بالألف، أي أن هذا المشروع البسيط تقنياً سيحقق إيرادات تصل إلى 3 مليون دولار سنوياً، ما كان يمكن أن يتحوّل إلى رافد لخزينة الدولة، ونحن الآن لا نناقش إن كان وجود التطبيق ضرورياً أو غير ضروري، فإن كان ضرورياً فليكن تطبيقاً لجهاز الدولة وليس لشركة خاصة، وحينها لا يتم اقتطاع أي جزء من حق العمال في أجورهم...

الجزء الثاني من المشكلة هو أن تحويل أموال الموظفين في قطاع الدولة عبر شركة خاصة، يعني وضع بيانات ملايين المستخدمين في يد شركة خاصة، وليس أي مستخدمين، فهم موظفو الدولة ككل؛ ما يعني وضع بيانات ومعلومات كل جهاز الدولة في يد شركة خاصة، وهو أمر تحارب الدول المختلفة لمنعه، لما له من تأثير خطير على سيادتها وقدرتها على التحكم...

تجربة «شام كاش»، تعيد للأذهان تجربة «البطاقة الذكية»، والمشترك بين التجربتين هو عملية احتكار خدمات أساسية تخص كل المواطنين تقريباً في يد جهات محددة غير خاضعة لرقابة الدولة، وخاصة في نهاية المطاف، ما يصب في مصلحة القلة التي تسيطر على هذا النوع من التطبيقات، وما يصب أيضاً في إضعاف قدرة جهاز الدولة على التحكم لحساب شركات خاصة...

معلومات إضافية

العدد رقم:
000