القمح في جفاف 2021: 2,3 مليون طن ممكنة ومرهونة للوضع السياسي

القمح في جفاف 2021: 2,3 مليون طن ممكنة ومرهونة للوضع السياسي

مليون ونصف هكتار من الأراضي الزراعية السورية مزروعة بالقمح في الموسم الحالي، وعادت المساحات لتتماثل تقريباً مع مستويات عام 2010... ولكنّ هذا النجاح الموعود لم يكتمل لأن معظم المساحات البعلية المعتمدة على مياه الأمطار خسرت معظم غلتها من القمح، بل وفق التصريحات المنقولة عن الوزارة، خرجت من الإنتاج، وبدأ الحديث ينتشر عن أزمة الخبز هذا العام!

القمح وغلته المتراجعة وتأثيرها على إنتاج الخبز، تفاصيل موسمية هامة ترصدها قاسيون لإنتاج القمح في 2021.

35% زيادة هامة بالمروي

أعلنت وزارة الزراعة أنه قد تمّت زراعة ما يقارب 1,5 مليون هكتار من الأراضي السورية بمحصول القمح، وهذا الرقم هو أول عودة تقريبية لمستويات عام 2010 عندما زرعنا مساحة 1,59 مليون هكتار بالقمح. نصف المساحات في هذا الموسم مروية، ومن المتوقع أن تزيد على البعلية للمرة الأولى منذ بداية الأزمة. وبالتقدير يمكن القول: إنّ المساحات المروية قاربت: 760 ألف هكتار، والبعلية حوالي 740 ألف. (بناء على التصريحات الرسمية حول الخطة ونسب تنفيذها).
عملياً، 15% هي نسبة الزيادة في مساحات زراعة القمح الإجمالية بين 2020-2021، والزيادة في المروي تصل إلى 35% وحوالي 230 ألف هكتار إضافي.
زيادة المساحات المروية تمت في حلب والرقة بالدرجة الأولى، ورغم التخفيض التركي لمنسوب مياه النهر فإن الموسم المروي لم يتضرر كثيرا،ً وتحديداً أنه لم يعانِ من انتشار واسع لآفة أو مرض كما حصل في عام 2018.

إنتاج تقديري إجمالي 2,3 مليون

غلّة القمح المروي في هذا العام قد لا تتعرض للتراجع، وهي بحدود 3,1 أطنان بالهكتار ما يعني أن مساحات بهذا الحجم قد تنتج: 2,3 مليون طن من القمح.
أمّا وفق تصريحات وزير الزراعة، فإن القمح البعلي قد خرجت نسبة 80% من مساحاته، مع عدم حصوله على الري الكافي في شهر نيسان، بينما الـ 20% المتبقية فقد تخسر ثلاثة أرباع غلتها، لتنخفض من 1,2 طن بالهكتار إلى 0,3 طن بنسبة: تراجع 75% أيضاً، وفق تقديرات وزير الزراعة.
الأمر الذي قد يعني أنّه من أصل 740 ألف هكتار مزروع بالقمح البعل فإن كميات الإنتاج قد لا تتعدى 45 ألف طن. خسارة كبيرة لتكاليف وأراض واسعة مرهونة لكميات الهطول المطري، وللجفاف الذي أصبح قاعدة متكررة لا استثناء.
ولكن، بالمجمل، فإن المساحات المروية الواسعة في هذا الموسم قد تنقذ الموسم نسبياً، ليصل إجمالي الإنتاج المقدّر إلى 2,3 مليون طن. وهي كميات كبيرة نسبياً وتقارب الرقم المسجل خلال العديد من سنوات الأزمة، ولكن أقل من معدل العام الماضي الذي كان وافر الأمطار وأعلى من المعدل الوسطي.

1019-i11019-i2

حاجات الخبز تقلصت 46%... ومع ذلك مشكلة!

مطلع العام الحالي قدّر وزير الزراعة حاجات القمح لإنتاج الخبز بحوالي مليوني طن، بينما تضاف قرابة مليون أخرى لحاجات البذار ومنتجات القمح الأخرى، مثل: البرغل والمعكرونة والفريكة والسميد وغيرها.
ومليونا طن من القمح تعني إنتاج 2,5 مليون طن خبز: (حيث إنتاج كيلو الخبز يستهلك 0,8 كغ من القمح تقريباً)، وهذه الكميات من الخبز تدل على حجم خطة التقشف التي أجرتها الحكومة في إنتاج الخبز، والتي أدت إلى الأزمة التي شهدناها في العام الماضي على وجه التحديد، والمستمرة إلى اليوم بصعوبات الحصول على الخبز تحديداً في المدن والتجمعات الكبرى.
فعملياً إنتاج 2,5 طن من الخبز هو أقل بنسبة 46% عن مستوى الإنتاج الوسطي خلال الأعوام 2016-2017-2018 البالغ 4,6 ملايين طن من الخبز.
تأمين مليوني طن من القمح لإنتاج الخبز بتقشف ممكن نظرياً من الإنتاج المحلي الذي قد يقارب 2,7 مليون طن، ولكن فعلياً، ومع الوضع السياسي وتقسيم الأمر الواقع والفصل بين المناطق السورية، فإن تسليم هذا المحصول للحكومة قد يتراجع حتى مع السعر الحكومي المغري...

هل سيتوسع استلام الحكومة ويتجاوز نصف مليون طن؟!

إن إنتاج هذه الكميات من القمح لن يعني بالضرورة وصولها إلى الحكومة في ظرف الأمر الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد، والحكومة حتى عام 2019 لم تكن تستلم سنوياً إلا ما يقارب أو يقل عن نصف مليون طن من وسطي مليوني طن كان يزرع سنوياً.
في هذا العام تضع الحكومة مجدداً سعراً تنافسياً، حيث إنّ 900 ليرة لكغ القمح هي قرابة: 0,3 دولار إذا ما ثبت الدولار ومستويات الأسعار عند وضعها الحالي. وهي أعلى من السعر العالمي بنسبة 25% إذ يقارب السعر العالمي اليوم 0,25 دولار للكغ.
ولكن المنافسة على السعر- وقوى المنع موجودة في كل المناطق، في هذا العام- ستشتد إذا لم يتم الوصول إلى توافقات لتأمين حاجات جميع سكان سورية من القمح الضروري المنتج على امتداد البلاد.
فعملياً، ستتوجه الأنظار إلى المساحات المروية الأساسية مع فشل الإنتاج البعلي، ومن هذه الأراضي المسقية فإن الحكومة قد تضمن استلامها القمح المزروع في المنطقة الجنوبية والوسطى والساحل، وهي مساحات لا تتعدى 17% من مجمل المساحات المروية عادة، وبالتأكيد، ستكون هنالك إمكانية لاستلام جزء من القمح المروي المزروع في الرقة وحلب ودير الزور، وهي المحافظات التي تزرع عادة 56% من مجمل مساحات القمح المروية، وستشهد عمليات التسليم فيها تجاذباً سياسياً واقتصادياً ومنافسة عالية على إنتاجها المروي. أما الحسكة التي تزرع عادة 20% من المساحات المروية فمن الصعب أن تصل إلى الحكومة كميات معتبرة منها، وكذلك الأمر في إدلب التي تزرع عادة مساحات مروية تقارب نصف المساحة المزروعة في الغاب.

1019-i3

أرقام وخلاصة

في العام الحالي أخرج الجفاف مساحات تزيد عن 590 ألف هكتار من القمح من الإنتاج لم تحصل على أمطار نيسان الضرورية، ومن أصل 740 ألف هكتار بعلي لن ينتج إلّا 44 ألف طن قمح!
المساحات المروية التي ازدادت هذا العام بنسبة 35% ستنقذ الموقف، وتنتج ما يقارب 2,3 مليون طن ليكون إجمالي الإنتاج قرابة 2,7 مليون طن.
2,7 مليون طن إنتاج لا تكفي لكل الحاجات، حتى بعد التقشف الكبير في المخصصات لإنتاج الخبز وتراجعه بنسبة 46% في العام الماضي، فإن الحاجة الإجمالية تقارب: 3 ملايين طن.
تحتاج الحكومة إلى مليوني طن من القمح لإنتاج الخبز المدعوم، وهذه قد لا تستلم منها إلا كميات قليلة نظراً لكون مناطق الإنتاج المروي التي تضمن الحكومة استلام كمياتها قد لا تتعدى 17% وتنتج قرابة 400 ألف طن قمح. بينما سيجري تنافس بين (قوى الأمر الواقع) على استلام القمح من المناطق الأساسية في حلب والرقة ودير الزور التي تنتج 56% من الزراعة المروية وحوالي 1,3 مليون طن من القمح.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1019
آخر تعديل على الإثنين, 24 أيار 2021 02:24