التصدير السوري... زراعي وخام
يبحث الصناعيون السوريون عن سُبلٍ تمكنهم من التصدير المنتظم إلى الأسواق الخارجية، بينما يبدو أن التجار المعنيين بتصدير منتجات الزراعة السورية يجدون طريقهم بسهولة ويسر... الصادرات السورية تتحول إلى صادرات زراعية وخام وليست أكثر من عمليات تشحين للمنتجات الزراعية الأساسية من أسواق الهال، بينما تنحسر الصادرات الأخرى، وترتفع أسعار الغذائيات المحلية.
يتبين من الأرقام السنوية التي ينشرها موقع International Trade Center (ITC) أن الصادرات السورية قد بلغت في عام 2020: 669 مليون دولار، بتراجع بنسبة 10% عن مستوى عام 2019... وأهم من الرقم الإجمالي، فإن تركيبة هذه الصادرات تحمل دلالات على واقع سوق الغذاء في سورية.
بالمجمل، فإن المواد التي تصدرها سورية إلى وجهتين أساسيتين: تركيا والسعودية، هي بالمعظم منتجات خام زراعية. فإذا نظرنا إلى أكبر 6 تصنيفات تصديرية من سورية إلى العالم في العام الماضي، فإننا نجد التالي:
في الأولى: تأتي منتجات الدهون والزيوت التي يشكّل زيت الزيتون الخام معظمها وبقيمة تقارب 103 ملايين دولار، أمّا في المجموعة الثانية: فتأتي الفواكه والمكسرات بقيمة تقارب 88 مليون دولار، في المجموعة الثالثة: تأتي النباتات العطرية الطبية والعشبية بقيمة 77 مليون دولار، وتشمل الكمون واليانسون والكزبرة وحب البركة والزعتر والغار وغيرها، أمّا المجموعة الرابعة: وهي التي تضم الحبوب، فهي عملياً تشمل الشعير الذي صدّر بقيمة 52 مليون دولار تقريباً، ثم المجموعة الخامسة: وهذه تضم الخضروات، وفي مقدمتها البندورة بحوالي 27 مليون دولار، أمّا المجموعة السادسة: فهي للقطن الخام بقيمة 40 مليون دولار.
وهذه المجموعات الست الأولى المتضمنة خامات زراعية تقارب قيمتها الإجمالية: 400 مليون دولار تشكّل نسبة 60% من مجمل التصدير السوري.
أمّا إذا أضفنا مكونات إنتاج زراعي وغذائي أخرى معدّة إعداداً بسيطاً فإننا نصل إلى قيمة تزيد على 550 مليون دولار من الصادرات ونسبة 85% تقريباً.
تخلّف البنية التصديرية
إن هذا الوزن المرتفع للبضائع الزراعية الخام ضمن الصادرات هو واحد من مؤشرات مستوى تخلّف البنية الإنتاجية، فكلما عكست مستوى ارتباط المنظومة الغذائية والإنتاجية لهذا البلد بالخارج، فهو يستخدم أراضيه لإنتاج بضائع وتوريدها خارجاً دون أدنى إعداد لها، بما يدل على تدني القدرات الإنتاجية والتصنيعية أو عزل الموارد الأولية عن هذه الإمكانات الصناعية، وعوضاً عن تصنيعها يتم توريدها بشكلها الأولي. وهو ما يحصل اليوم، الزراعة السورية تُنتج، والتجارة تُحمل وتشحن للخارج، والمستهلكون والصناعيون يقفون شبه متفرجين على خسائر إمكانات الإنتاج، وعلى ارتفاع أسعار الغذاء.
في عام 2010 كانت الصادرات الزراعية الخام في سورية تقارب 2% من مجمل الصادرات، وكانت بهذا متوسطة الأداء وقريبة من النسبة المسجّلة في مجموع الدول التي كنا ننتمي إليها من حيث مستوى الدخل، وهي (المنخفضة ضمن متوسطة الدخل). ولكن اليوم وصلت النسبة إلى 60%.
إن تصدير قيم تزيد على 550 مليون دولار من البضائع الزراعية والغذائية يعني أن نسبة 30% تقريباً من الناتج الزراعي السوري ترتبط بالتصدير خاماً أو مصنعاً أولياً، يعني، أنها مربوطة بالاستهلاك الخارجي. وهي نسبة مرتفعة تفسّر إلى حد بعيد عدم انخفاض أسعار المواد الغذائية المحلية التي إن لم تحقق في الداخل ربحاً يقارب الربح في الخارج فإنها لن تبقى للاستهلاك داخل البلاد!
ولذلك، إننا نرى أن سعر زيت الزيتون الوسطي المصدّر أقل بكثير من الحالات من سعر زيت الزيتون للمستهلك المحلي، والسعر في البندورة في العام الماضي متقارب بين السعر المصدر للسعودية وسعرها الوسطي في السوق المحلية خلال العام...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1019