خسارة 75-80% من الإنتاج... الدولار يقضي على الفروج والبيض
سعر الفروج وصل إلى 10 آلاف ليرة... وسعر كرتونة البيض وصل إلى 5000 ليرة، لماذا؟! لأن التكلفة مرتفعة والإنتاج تراجع إلى حدّ بعيد، إنّ (قوانين السوق) تدمّر إنتاج الفروج حيث يعمل مئات الآلاف، وتنهي القدرة على استهلاك مكوّن البروتين الحيواني الشعبي المتبقي!
خسرت السوق السورية 75-80% من إنتاج الفروج والبيض بين نهاية 2019 واليوم، هذه تقديرات المختصين العاملين في السوق السورية.
وهذه السوق على صفيح ساخن، بأي لحظة يمكن أن ينهار ما تبقى من الإنتاج إذا ما عاد الدولار للارتفاع... أما في حال استقرت السوق على الوضع الحالي فإن ما تبقّى من المنتجين سيأخذون وقتاً طويلاً لتعويض خسائرهم السابقة ولن يتوسع الإنتاج إلّا ببطء وحذر أي أنه (بأفضل الأحوال) ستستمر الأسعار عند هذا المستوى أو أقل بقليل.
إنّ جنون ارتفاع سعر الدولار، وانهيار الليرة قد خسّرنا جزءاً هاماً من إنتاج الدواجن وسيكون من الصعب أن يُستعاد إلا بتغيير بنية السوق: أي وجود دولة تستورد الأعلاف بسعر مدعوم وتعزل سعره عن تغيرات الدولار واحتكار المستوردين، لأن 70% من تكلفة الإنتاج تذهب للعلف المستورد.
وهو الإجراء الجدي الوحيد الذي يمكن أن يحل مشكلة المستهلكين والمنتجين، والذي يجب أن تقوم به (حكومة جدية) مدفوعة بقرار سياسي معني بإنقاذ غذاء ودخل الملايين، وهذا القرار غير موجود لأن الأولوية للمستوردين بل هنالك من يدفع نحو انهيار الإنتاج ودخول لحوم الفروج والبيض إلى دائرة الاستيراد.
يُذكر أن أرباح المستوردين مضمونة، فسعر العلف في السوق في شهر نيسان كان 3 أضعاف التكلفة في البيانات الجمركية للمستوردين! والعديد من المربيّن طالبوا بفتح ملفات تمويل مستوردات أعلاف الدواجن ومقارنة الكلف مع التسعير الاحتكاري في السوق.
الدولار يرتفع والإنتاج يُدمّر!
خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام كان الدولار يرتفع والكلف ترتفع، بينما السعر في السوق لا يرتفع كثيراً... ما دفع إلى تدمير الإنتاج.
في إنتاج البيض.. كانت تكلفة صندوق البيض 35-40 ألف ليرة من المدجنة بينما كان سعره لا يزال عند حدود 25 ألف ليرة. ما يعني أن مدجنة كبيرة تربي 40 ألف طير تقريباً وصلت لخسارات يومية مليون ليرة! وكانت النتيجة أن ذبح المربون الدجاج البياض وباعوه لحماً ليقللوا الخسارة، وتراجعت كميات الإنتاج. اليوم وصل السعر إلى 40-48 ألف ليرة للصندوق والربح موجود ولكنه لا يستطيع أن يعوّض خسائر المربّين في الفترة الماضية بسهولة، والسعر يمكن أن ينهار أو ترتفع التكاليف مجدداً بأي لحظة بينما إمكانيات الاستهلاك محدودة إلى حد بعيد.
أما في إنتاج الفروج فإن كلفة العلف وحده 3000 ليرة للفروج، بينما ارتفع سعر الصوص أربعة أضعاف خلال أقل من أربعة أشهر، بعد أن ذبح مربو الدواجن أمّهات (ولّادة للصيصان) لأنهم لا يستطيعون تحمّل التكلفة... ومع إضافة تكاليف أخرى، فإن كلفة الفروج بوزن 2 كغ: 4600 ليرة، وكلفة الكيلو الوسطية 2300 ليرة والسعر اليوم يحقق ربح للمربي ولكنه أيضاً لا يعوّض خسائر الفترة الماضية، عندما كانت التكلفة بهذه الحدود والسعر أقل من 2000 ليرة.
إنها حلقة مفرغة يتراجع فيها الإنتاج والدخل الزراعي، ويتراجع فيها استهلاك الغذاء ويتعمق الفقر الغذائي السوري... والعقدة في هذه الحلقة واضحة وصريحة الزراعة تحتاج إلى قرار وطني لإنقاذها، وهذا القرار ليس بالشعارات بل بإنهاء سطوة المستوردين وسطوة الدولار على الإنتاج والاستهلاك وتحويل الأموال العامة لإنقاذ الملايين من السوريين ولخطة طوارئ إنتاجية غذائية لا يمكن أن تتعايش مع الفساد ومع السياسات التي تدافع عنه!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 980