تقرير حكومي مفبرك.. وفرص عمل وهمية

أكد تقرير حكومي أن الاقتصاد السوري حقق ما يزيد على 297 ألف فرصة عمل مستقرة ودائمة بين 2005 و 2007، مضيفاً: إن معدل البطالة ارتفع من 8.1 في العام 2005 إلى 8.4 في المائة عام 2007، ليصل إلى 9.8 العام 2008 الماضي. وأظهر أحدث إحصاء سوري ارتفاع قوة العمل من 5,1 مليون شخص عام 2005 إلى 5,5 مليون العام الماضي 2008.

الخطة الخمسية العاشرة 2006-2010، والتي بدأ الإعداد لها قبل سنتين من إعلانها، تهدف في نهايتها إلى خفض معدل البطالة من 13 % إلى 8 %،  أي أن معدل البطالة لم يكن في العام 2005 8,1 %، بل كان 13 % حسب اعتراف الخطة إن لم يكن أكثر من ذلك فعلياً، وهذا يعني أن التقرير الحالي بأغلبه مفبرك، ومنافٍ للواقع، ولا يتعدى كونه دعاية مجانية للحكومة لا أساس لها من الصحة.

وإذا ما سلمنا بمعدلات ارتفاع البطالة في سورية وفق هذا التقرير الحكومي، رغم ثقتنا الكبيرة بأن الارتفاع أكثر من ذلك بكثير، نصل إلى أن معدل البطالة قد ارتفع إلى ما يقارب 15 % حالياً، بعد ارتفاع معدل البطالة 2 % حسب هذا التقرير الحكومي، والسؤال: لماذا تحاول الحكومة اصطناع أمجاد لم تعمل على تحقيقها على أرض الواقع بعد اعتمادها بمناهجها النظرية؟!

ويشير التقرير أيضاً إلى أن 75 % من القوة العاملة الداخلة إلى سوق العمل منذ العام 2005 تم استيعابها كلياً، وهذا مناف للحقيقة نظرياً وواقعياً، والسؤال الذي لا بد من طرحه: ما هي القطاعات الاقتصادية التي استوعبت 300 ألف فرصة عمل؟!! فالقطاع العام بمجمل فعالياته وشركاته أُخرج من دائرة التوظيف، بعد إلغاء التزام الدولة بتوظيف الطلاب المتخرجين من قسم الهندسة كآخر فرع جامعي أصبح خارج تغطية التوظيف الحكومي، لأن الدولة أعلنت عجزها عن تأمين فرص العمل لخريجيه، ولـ95 % من الخريجين الجامعيين. وهذا ما أكده تقرير اتحاد العمال في العام 2008، والذي رجح استفحال ظاهرة البطالة في سورية، بفعل سياسات التشغيل التي تتبعها الدولة في القطاع العام والقطاع الإداري، والتي تتمثل بالتوقف عن التعيين بشكل عام ولاسيما بالنسبة للاختصاصات العلمية، والتي كانت الدولة ملتزمة بتعيينها. أما إذا انتقلنا لنضع قضية تشغيل وتأمين 300 ألف فرصة عمل في كفة القطاع الخاص، فيمكن أن نقول عندها، إن القطاع الخاص، والاستثمارات الأجنبية تستثمر 8 % من أموالها في مشاريع سياحية وعقارية وخدمية، وهذه المشاريع بطبيعة الحال عاجزة عن تأمين هذا الكم الهائل من فرص العمل، بالإضافة إلى كون هذه الفرصة المؤمنة لا تعتبر مستقرة ومستمرة، لأن 75 % من عمال القطاع الخاص غير مسجلين في التأمينات الاجتماعية، حسب إحصاءات الأخيرة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ويبقى السؤال: من أين أتت الحكومة بهذه الإحصائية وبأرقامها غير الواقعية وغير القابلة للتصديق؟!! وأين تم توظيفهم؟!! وهل فرص العمل المؤمنة في القطاع الخاص، وغير المسجلة أساساً في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تعد فرصاً مستقرة ودائمة؟!!