عصام إسحق عصام إسحق

ما سبب كل هذا الدعم للأسمنت السوري؟

إن القضايا الخطيرة التي تجري في قطاع الصناعة، لا يمكن أن يتلمّس حيثياتها ونتائجها بشكل جلي إلا من هو على تماس مباشر معها، فيدرك أحوالها الراهنة ومستقبلها المهدد، ويثقله في الوقت نفسه ما يتحمّله كاهل الوطن من تبعات التدابير والسياسات الحكومية الآخذة في إضعاف صناعته، وصولاً إلى الإجهاز عليها ومن ثم خصخصتها، لنقبل مضطرين باعتماد ما يرد إلينا من الخارج كبديل لا وجود لما ينافسه في السوق المحليّة.

هذه هي حال الأسمنت السوري الذي يقاسي ما يقاسيه كي يخرج بمقاييس مقبولة تنعكس قبولاً ورواجاً لدى المستهلك.. ولكن..

لمن لا يعلم، نذكّر أن سعر كيس الأسمنت السوري من أرض المعمل يبلغ /330/ ل.س، طبعاً هذا عدا عن أجور النقل إلى المستودعات، ثمّ الورشات، إضافة إلى أجور العمّال، وهذا كله يُحمّل على السعر النهائي للكيس. بينما وبحسابات بسيطة نجد أن سعر كيس الأسمنت التركي أو اللبناني (المستورد بشكل نظامي وليس المهرّب) باعتبار أنه قد تمّ نقله إلى الورشة يبلغ /305/ ل.س، أي أقل بـ 25 ل.س عن الأسمنت السوري فيما لو أُخذ من المعمل، وسيصل الفرق إلى أكثر من ذلك بكثير فيما لو حسبنا سعر الأسمنت السوري الذي تم نقله إلى الورشة... علماً بأنه لم يتسلّم مدراء معامل الأسمنت تسعيرة محدّدة للكيس. وهنا يجب التذكير أن تسعيرة المستورد أقل بكثير.

فكيف سيستعيد الأسمنت السوري القدرة على منافسة المنتج المستورد في ظل هذا الواقع؟ وكيف ستستردّ معامل الأسمنت خسائرها الفادحة التي تمنى بها خلال عملية الإنتاج، طالما أن هناك سياسة متّبعة في دعم المستورد على حساب الوطني؟! وإلى متى ستستمرّ سياسة الكرم العربي الحاتمي وإغاثة الملهوف التي تدمّر صناعتنا الوطنية، كرمى لعين أصدقاء وأشقّاء سقطوا في اختبار الصداقة والأخوة في كل منعطف حاد مرت به البلاد؟؟ وهل ستبقى أسعار الأسمنت المستورد على ما هي عليه الآن في حال إغلاق كامل معاملنا الوطنية؟؟.