عود على بدء ... الأسمنت رابح بجدارة فلماذا الخصخصة؟
كانت جريدة قاسيون قد فتحت في عددها رقم 267. الصادر بتاريخ 2/3/2006 ملف طرح شركات الأسمنت على الاستثمار الخاص بعنوان" شركات الأسمنت هدف جديد على دريئة الخصخصة" وقد قدمت قاسيون الحجج الدامغة على عدم وجود مبرر لخصخصة هذه الشركات أبداً، وبينت الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمثل هذه الحركات الاقتصادية وخاصة في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة التي تعيشها سورية، وقد بينت قاسيون أن قطاع الأسمنت هو من القطاعات الرابحة جداً على مستوى الاقتصاد ككل ومن الخطأ التفريط به ومن الأجدى الاهتمام به وإصلاحه،، وإثر ذلك بدأت تظهر من هنا وهناك حقائق أرباح شركات الأسمنت وحقائق ما تقدمه للاقتصاد الوطني من عوائد مادية واجتماعية كبيرة، فها هو معاون وزير الصناعة توفيق سماق يقر رسميا بأن هذه الشركات هي شركات رابحة فعلاً، ويقول سماق أنه في عام 2003 كان إجمالي أرباح هذه الشركات بعد دفع الضريبة 900 مليون ليرة في الوقت الذي نقدر فيه أرباح شركات الاسمنت ال 6 لهذا العام بعد دفع الضريبة بحدود 1.128 مليار ليرة سورية. ولكن هل هذه الشركات بحاجة لإصلاح وإعادة تأهيل وتطوير كي تستمر بعطاء مثل هذه الأرباح؟ وما هي كلفة هذا التطوير؟
على هذا السؤال يجيب سماق: إن هذه الشركات نحتاج إلى 300 مليون دولار فقط لإعادة تأهيلها وعلى الرغم من أن هذا المبلغ غير متوفر في موارد الحكومة إلا أنه لا يشكل أكثر من 1,8% من استثمارات الخطة الخمسية في الوقت الذي تشكل فيه كل الاستثمارات الحكومية 18% من إجمالي استثمارات الخطة والمقدرة بـ 1800 مليار ليرة حصة القطاع الخاص منها 950 ملياراً و حصة القطاع الحكومي منها 850 ملياراً ، ويتابع سماق القول بأن طرح شركات للاستثمار مازال في مرحلة دراسة العروض والأمر لم يحسم حتى الآن وفي حال استطعنا توفير الموارد الكافية يمكن العدول عن موضوع الاستثمار.وفي الوقت الذي تتابع فيه المؤسسة العامة للاسمنت فض عروض المتقدمين لاستثمار شركة اسمنت عدرا, حققت شركة اسمنت طرطوس أعلى أرقام إنتاجية ومالية في تاريخها أو منذ 5 سنوات على الأقل، فقد بلغت قيمة مبيعات الشركة الإجمالية لعام 2005 من الاسمنت الأسود 3.250 مليار ليرة سورية في الوقت الذي لم تتجاوز فيه عام 2004 أكثر من 2.310مليار ليرة سورية أي بزيادة حوالي المليار ليرة. ورغم إجراء بعض الصيانات الكبيرة والمهمة في الشركة فقد استطاعت تحقيق 325 مليون ليرة سورية كأرباح صافية في العام الماضي حسب ما ذكره المدير العام للشركة, ويتابع المدير قائلاً: يعد هذا الرقم هو الأكبر في تاريخ الشركة مع العلم أننا وبمقارنة بسيطة نستطيع أن نلمس الفرق الواضح في زيادة الإنتاج حيث كانت الأرباح في العام 2000 حوالي 42 مليون ليرة تطورت في الأعوام اللاحقة من 37 مليون ليرة عام 2001 إلى 20 مليون ليرة عام 2002 متراجعة إلى 17 مليون في عام 2003 إلى أن قفزت إلى حوالي 241 مليون 2004 ثم إلى 325 مليون ليرة العام الماضي. وبناء على ذلك فقد استطاعت الشركة أن تسدد قرضاً يعود إلى عام 1982 بقيمة 50 مليون ليرة، ورصدت مبلغ 250 ألف ليرة سورية لفرش وتأثيث مبنى الإدارة بسبب قدمه.. إلا أن إدارة الشركة قامت باستثمار هذا المبلغ بتجهيز صالتين في الشركة أحدها لتعليم اللغة الإنكليزية والثانية للتدريب على الكمبيوتر (الحواسب) لأجل إعادة تأهيل الكوادر الفنية في الشركة وتم تجهيز هذه القاعات بأحدث الوسائل التعليمية والآن هناك أكثر من 90 متدرباً بمستويات مختلفة بينما عدد الراغبين أصبح يفوق 300 متدرب وهذا من شأنه أن يحسن في أداء العمليات الإنتاجية والإدارية على حد سواء.
ولا بد من الإشارة إلى أن الأرباح المقدرة بـ 325 مليون ليرة سورية هي أرباح قليلة مقارنة بما تحرم منه هذه الشركات, فإذا كانت الشركة تبيع الدولة الطن الواحد من الاسمنت ب 2400 ليرة سورية بينما تقوم الدولة ببيع الاسمنت للمواطنين بمبلغ 6500 ليرة للطن فهذا يعني أن هناك مبلغ 4100 ليرة سورية تربحها الدولة ( وزارة المالية ومؤسسة عمران ) على كل طن، ومن هنا فإن الأرباح الحقيقية في قطاع صناعة الأسمنت تصل إلى أكثر من 6 مليارات إذا ما أخذنا بعين الاعتبار السعر الكامل.. وإذا ما أخذنا الإنتاج الكلي لشركات الاسمنت المقدر ب 4.8 ملايين طن فإن قيمة الإنتاج وأرباح المؤسسة هي بحدود 11.52 مليار ليرة بينما قيمة الإنتاج والأرباح على مستوى الاقتصاد تصل إلى 31.2 مليار ليرة.
وبالتالي فإن طرح مثل هذا القطاع الاقتصادي الحيوي والهام على الاستثمار يحرم الدولة والمجتمع من عائدات اقتصادية ومالية هامة تشكل مورداً أساسياً من موارد الدولة، وقد لاحظنا أيضا أن كلفة تطوير هذا القطاع زهيدة بالمقارنة مع عوائده وأهميته ومستقبله كقطاع صناعي رائد، وهذا ذاته ما كانت قاسيون قد نبهت إليه في عددها المذكور سابقا.