في ندوة الثلاثاء الاقتصادي حول السياسات المالية في سورية: سجالات حادة وإجماع ضد رفع الدعم
ضمن سلسلة محاضرات جمعية العلوم الاقتصادية لعام 2007، ألقى د. محمد الحسين وزير المالية محاضرة حول السياسات المالية في سورية بتاريخ 22/5/2007 في قاعة المركز الثقافي بالمزة, في جو مشحون بالكثير من التوتر، وصل في بعض أوقاته إلى حد الغليان، نتيجة السهام الكثيرة التي أطلقها الاقتصاديون والمتابعون, على سياسة وزارة المالية، الأمر الذي أدى ببعض الاقتصاديين إلى طلب مناظرة مع المحاضر في أي وقت يشاء, وبحضور جميع الوسائل الإعلامية, ليتكشف للملأ ضعف السياسات المالية في سورية، بدءاً بسوء عدالة التوزيع وانتهاء بنظام التهرب الضريبي.
يقول د. محمد الحسين إنه يعتقد بأن لا أحد يختلف على أهمية دور السياسية المالية بشكل عام في إطار السياسة الاقتصادية الكلية، وأنه لا يمكن تصور ونجاح مشروع اقتصادي، وتنمية اقتصادية في أي بلد، من دون سياسة مالية تستطيع أن تعتمد عليها وتحقق أهدافها وتطلعاتها. إننا منذ عام 2003 حاولنا أن تلعب وزارة المالية دوراًَ إيجابياً، وكان الخوف أن تكون هذه الوزارة عقبة أمام الإصلاح الاقتصادي في سورية، إلا أننا لعبنا دوراً إيجابياً في هذا الإطار في السنوات الأخيرة، والدليل على ذلك أن وزارة المالية أعادت النظر بكل الرسوم والضرائب الموجودة في النظام الضريبي السوري.
عقبات الإصلاح الإقتصادي
وقامت بتعديل واسع جداً بالنظام الضريبي السوري، ونعمل الآن بقوانين وتشريعات جديدة. قد نكون أسرعنا في بعض الأحيان، لكننا لم نخجل يوماً من الأيام في تعديل أي نص ولو مرّ على إصداره سنة أو سنتين، وهذا ما جرى مع القانون /24/ الذي عدل أكثر من مرة بعد قانون ضرائب الدخل الذي يعتبر أهم قانون للضرائب، وذلك حسب متطلبات الحاجة والتنمية الاقتصادية في سورية، وأدى ذلك إلى زيادة في حجم الاستثمارات لدينا وتفعيل النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات النمو، ولو أن الكثير من الاقتصاديين يشكك في الأرقام التي نطلقها، ولكن الأهم أننا استخدمنا الضريبة كأداة تنموية، قمنا بالعمل من أجل الحفاظ على موارد الخزينة، لأن الخطة الخمسية العاشرة وضعف الاستثمارات تبلغ قيمتها /1800/ مليار ليرة سورية منها /800/ مليار، يجب تقديمها من الدولة كإنفاق استثماري عام. فعملنا على تأمين الموارد اللازمة للانفاق الجاري وهو أكبر من هذا الرقم، والإنفاق الاستثماري الذي هو على الأقل /800/ مليار ل.س. خلال سنوات 2006 ـ 2007.
لذلك لا يمكن تجاوز هذا الموضوع إطلاقاً بسبب الالتزامات والأعباء التي تقع على الوزارة، فالزيادة غير النفطية مثلاً بلغت عام 2006 حوالي 30% حسب التقارير، وهذا يؤكد خفض وتعديل النظام الضريبي في سورية، مما ساعد في خفض تكاليف المنتج السوري الذي جعله أكثر قدرة على المنافسة سواء بالأسواق الداخلية أو الخارجية.
ويضيف د. المحاضر بأن الحصيلة الفعلية بين 2003 ـ 2006 ضاعفت، الرسوم والضرائب ثلاثة أضعاف في القطاع الخاص على الرغم من تخفيض الحد الأقصى للضريبة من 63% عام 2003 إلى 35% في 2004 وإلى 28% كسقف في 1/1/2007 و22% للشركات الاستثمارية و14% للشركات المساهمة العامة التي تطرح أسهمها للاكتتاب، ورفعنا شعار تحديث النظام الضريبي كأداة استثمارية. ليس كبدعة، بل من المسلمات أن تفعل هذه المقولة على تشجيع الاستثمار وتعزيزه وجلبه لسورية. وهنا لا نؤكد بأن الحوافز الضريبية هي التي تجلب الاستثمار، بل هناك حوافز أخرى مثل الحد من البيروقراطية وكفاءة النظام القضائي وسيادة القانون وتطبيقه على أنظمة التجارة الخارجية والبنى التحتية والنظام المصرفي.
دور النفط في الضريبة
ويؤكد د. الحسين أن الضريبة أداة أساسية في زيادة الإنفاق العام، فقد بلغ متوسط زيادة الإنفاق لعام بين 2003 ـ 2006 حوالي 13.4% سنوياً، وهذا يتطلب زيادة في الموارد لكي تغطي الدولة هذا الإنفاق وإلا سنقع في مشكلة العجز في عمليات التمويل التي تنفذ بشكل صحيح أو خاطئ، لأن الدولة تعتمد على ثلاثة موارد هي النفط على مدى 15 ـ20 سنة، والفوائد الاقتصادية، والضرائب والرسوم في موارد الخزينة، مع أن متوسط عائدات النفط بلغ سنوياً في السنوات الأخيرة حوالي 7.5 ـ 8% من الناتج الإجمالي المحلي.
وأكد وزير المالية أنه بدءاً من 1/1/2008 سيكون تعامل الوزارة مع القطاع العام بشكل آخر تماما، حيث سيعطى الاستقلال المالي الكامل حسب القانون الأساسي المالي الجديد للدولة، لتصبح فوائضه وسيولته له. لذلك يجب أن نضع القطاع العام على قدر المساواة مع القطاع الخاص وأن نعطيه المرونة والإمكانات اللازمة لكي يكون منافساً حقيقياً للقطاع الخاص.
بين الإنفاق العام وصندوق الدين
إن الوزارة تعمل من أجل التعويض عن النقص الحاصل في الإيرادات النفطية من خلال استخدام أدوات السياسة المالية الأخرى، سواء كان في الضرائب أو الرسوم، أو تقليل الهدر أو تقدير وضبط الإنفاق العام.
إن السنوات الأخيرة شهدت زيادات ملحوظة في الإنفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري مما يؤكد دور الدولة في الحياة الاقتصادية وإقامة المشروعات التنموية!!
فيما يخص معالجة الديون الخارجية، أكد وزير المالية أن سورية استطاعت خلال الفترة القليلة الماضية إنجاز تسويات إيجابية جداً لملفات الديون الخارجية مع جميع الدول، وأنها أصبحت أقل دول المنطقة مديونية خارجية، إذ يصل حجمها بما فيها القروض إلى نحو /3.650/ مليار دولار أو ما يعادل 18،208 مليار ليرة سورية، حسب قيود صندوق الدين العام في نهاية 2006، وأن الاقتراض الخارجي لم يتجاوز حاجز الـ/15/ مليار ليرة سورية سنوياً بعد العام 2004، أما حجم المديونية الداخلية حسب الصندوق نفسه لعام 2006 /459.5/ مليار ليرة سورية، أو ما نسبته /25.4%/ من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. مع العلم أن الناتج الإجمالي المحلي لعام 2006 كان الفعلي /1681/ مليار ليرة سورية.
الخسائر والإنتاجية
ونوه د. الحسين أن زيادة الإنفاق العام تعد هدفاً رئيسياً ومحورياً للسياسة المالية، وأن التحديات تتمثل في انخفاض الإيرادات النفطية، واستمرار مسألة الدعم بشكله الحالي وما تتحمله الخزينة من عبء كبير جداً يمكن أن يصل إلى /260/ مليار ليرة عام 2007، واستمرار الخسائر والأوضاع المالية والانتاجية وتحويلها من صندوق الدين العام، واستمرار بعض حالات الهدر والإنفاق غير المنتج في بعض الجهات العامة. وأن التوجهات تتجه نحو ترشيد وضبط الإنفاق العام والحد من الهدر والتأكد من الجدوى الاقتصادية أو الاجتماعية لأي إنفاق حكومي وإقرار أسلوب أكثر جدوى ومنفعة فيما يخص الدعم عبر توجيه هذا الدعم إلى مستحقيه، وذلك عبر التعويض المالي للمواطنين، مقابل التحرير التدريجي لأسعار السلع المدعومة!!!
وقال د. الحسين إن خبراء صندوق النقد الدولي قد بشرونا في عام 2006، أن معدل النمو الاقتصادي في الإنتاج السوري غير النقدي يقترب من 6 ـ7%، مع أن معدل النمو الحقيقي في الاقتصاد السوري بكل قطاعاته النفطية وغير النفطية /4.5/%، مع الاعتبار أن معدل التضخم الذي وصل 2005 إلى نحو 6% ارتفع عام 2006 إلى 10%، وحالياً دون 8%.
مداخلات حامية..
د. أكرم حوراني: عانت الجماهير من ارتفاع الأسعار ومن ضغط إقليمي ودولي، ومع ذلك أكدت على موقفها المساند لقيادتها. هذه الجماهير أصبحت الآن أكثر وعياً، ترى وتلمس تنامي مراكز الاحتكارات والنفوذ في هذا الاقتصاد، الذي يقتطع جزءاً كبيراً من ثروة هذا البلد. والسؤال هو: هل لدى وزارة المالية سياسة مستقبلية فيها جوانب تنفيذية مشروعية إصلاحية أساسها تحقيق فعل على الأرض، بإعادة توزيع الدخل القومي لصالح هذه الجماهير، وليس لصالح أولئك الأشخاص وتلك الفئات المستغلَّة؟ أما موضوع إيرادات النفط، أرى أن الحل هو زيادة الإيرادات الضريبية عن طريق تخفيض التهرب الضريبي. والناس تستغرب كيف أن الحكومة تعجز عن وقف تهريب المشتقات النفطية والتي تصل نسبتها إلى 30%.
التهرب الضريبي يحتاج إلى ثقافة وإعلان ونظام فوترة، فما هي خطط وزارة المالية لمعالجة هذه القضايا مع وجود كل هذا القصور؟!
أما قوانين جلب الاستثمار فلم نلحظ سوى الاستثمار العقاري الخليجي الأجنبي، مما أدى إلى مشاكل في العقارات انعكس سلباً على جماهير الشعب. واستغرب الحوراني من قرار الحكومة بالسماح للشركات الأجنبية التي استثمرت بالقطاع العقاري بأن تخرج أموالها المدخلة بشكل نظامي مع أرباحها، مع العلم أن الأرباح كانت 200%، لذلك نأمل ألا يكون تراجع العجز على حساب تراجع الخدمات، خاصة ونحن في مرحلة تحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، فما هي رؤيتكم المستقبلية لمعالجة هذه القضايا؟
ملكية القطاع العام
ـ الأستاذ غسان القلاع قال: إن القطاع العام هو ملك لكل مواطن إذا كان جيداً ومربحاً، ولكن هناك سوء استعمال للموجودات في هذا القطاع يشكل خسارة كبيرة ودائمة، وإذا أحسنت الإدارة فستعطي نتائج سليمة وتزيد أرباحها وتشكل قوة اقتصادية عالية ترفد الخزينة العامة. إن الضرائب يجب أن تشمل كافة المواطنين حسب دخلهم واستهلاكهم، ولست مع ضريبة القيمة المضافة التي تدرس في الدوائر المالية، يجب أن نستبدلها بضريبة تقع على الاستهلاك مراعين فيها استهلاك ذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة، وأنا لست مع رفع الدعم لأنه حق لكل مواطن، فعندما نضع برنامجاً متوازناَ متدرجاً يتناسب مع دخل الفرد والنمو السنوي، ينخفض الدعم السنوي 10% وأكثر تدريجياً وليس دفعة واحدة، أكثر الدعم يذهب إلى المحروقات، وبدل أن نمنع التهريب نرفع الدعم، فهذه كارثة للمواطن.
رفع الدعم ..خط أحمر
د. حيان سليمان:
هناك الكثير من الأخطاء التي تلصق بالقطاع العام ظلماً وبهتاناً، وأكبر مثال على ذلك الصناعات النسيجية التي تعتبر عماد الصناعة التحويلية. من المستحيل أن تصل إلى نقطة التوازن بسبب الاختلاف على سعر القطن بين الفلاح والهيئة العامة للأقطان. ونتحدث عنه على أنه دعم صناعي، وهو ليس كذلك. فكم هي المساهمة في إجمالي الضرائب؟! هل مساهمة هذا القطاع تتناسب مع الناتج الإجمالي المحلي.
القطاع العام هو عماد التوازن الاجتماعي، وإنني أعتبر رفع الدعم من الخطوط الحمراء، يجب عدم التطرق إليها أو الاقتراب منها نهائياً، وإنني متأكد أنه عند رفع الدعم عن السكر والمازوت، سيذهب أولادنا إلى المدارس من دون فطور وغسيل وسننسى كلمة «حمام»، أرجو أن يقارن موضوع الدعم مع التهرب الضريبي، وأن يقارن مع تكلفة التصنيع، وهناك طرق عديدة للتوفير ستؤمن الاكتفاء الذاتي.
مناظرة علنية
د. الياس نجمة:
إننا بحاجة إلى توحيد وجهات النظر خصوصاً وأن الأمة أمام مناسبة وطنية، ولذلك لن أدخل كثيراً في الحوار، وإنما سأذكّر المحاضر والوزير بأن السياسة المالية لها أهداف وموضوعات أساسية، ليست القضية فقط أن نتحدث عن الحيثيات، لأن الأهم هو الحديث عن عدالة التوزيع والأعباء والتكاليف، سواءً على مستوى القطاعات الاقتصادية أو الأفراد. ونحن نعاني معاناة هائلة من أعباء التوزيع والتكاليف.
وأهم ما يجب أن يمتاز به النظام الضريبي هو عصرنة هذا النظام ليماثل سياسات العالم المتحضر غير الموجودة لدينا، وكل ما قمنا به من مجموع الإصلاحات هو خطوة إلى الأمام لا نختلف عليها، إنما لم نغير الهيكلية والبنية. ثم ماذا صنعت السياسة المالية في سوريا لمواجهة التضخم؟ أليس من أولى مهام سياساتها التعامل مع التضخم وارتفاع الأسعار؟ أليست هي القضية الأساسية الأولى التي يعاني منها المجتمع والدولة والشركات معاً؟ لأن التضخم يأكل القوة الشرائية للأفراد. والمحاضر في ندوته لم يتطرق إليها إلا مرور الكرام، مع العلم أن أهم المشكلات التي واجهها المواطن السوري خلال العامين الماضين هي مشكلة ارتفاع الأسعار، ماذا يفيدنا أن نقول أن أسعار صرف الدولار لدينا ثابتة، أما القوة الشرائية لليرة السورية قد استهلكت وتضاءلت بنسبة 25% خلال عامين؟! إن هناك سوء في توزيع الدخل القومي، وهذه المسألة من أهم مسائل السياسة المالية، ولم يتم التعرض لها. فلم يتكلم المحاضر عن أي إجراء حقيقي لإعادة توزيع الدخل القومي، بل حصل العكس، تم تخفيف الأعباء على الطبقات الغنية وزيادة الأعباء على الطبقات الفقيرة.
إن الذي يدفع التركات هم كبار الأغنياء، وبالتالي عندما ننهي ضريبة التركات تخف معدلات الضرائب على الدخول المرتفعة، وبذلك نكون قد ساهمنا بتفاقم مشكلة الدخل القومي وليس حلها.
أما مسألة الدعم فهي مسألة مالية بامتياز، ونحن نعاني من مسألة خطيرة فيما يخص الدعم، وهناك طلبات تهويلية من الحكومة بدفع الناس للمطالبة بإلغاء الدعم، علماً أن المسألة ترتبط بالتكلفة والتجارة الخارجية وبكل ما له علاقة بحياة الجماهير. أظن أن هذه هي المسائل الأساسية في السياسة المالية، وقد قمتم بإهمالها في محاضرتكم أو بالقليل من الشرح الذي أقترح عليكم لو تفضلتم إما تحديد حوار أو مناظرة سواء بالتلفزيون أو هنا لنتكلم ونناقش بأهداف السياسة المالية الحقيقية هذه الإجراءات هي من وظائف السلطة الإجرائية التي تأخذها في حياتها اليومية أما أهداف السياسة المالية تطلعاتها في إعادة توزيع الدخل القومي والأعباء، لأن قوة العمل تقاس وتعامل بأقسى الشروط، وقوة الرأسمال تعامل بأفضل الشروط، والسيد الوزير أتحفنا وشرفنا بالحضور مع موظفي وزارة المالية، أتمنى أن تحضروا وتضعوا موعداً للمناظرة حتى يتسنى نقاش جميع المحاور المتعلقة بالسياسة المالية!!
مسامير في نعش القطاع العام
د. غسان طيارة: عندما يأتي وزير المالية أو الاقتصاد يجب أن لا تكون المحاضرة ساعة والنقاش ساعة، لأنها من الأمور الحيوية، لذا يجب أن تكون الحوارات أطول.
ألبس السيد المحاضر السياسة المالية ثوباً أبيض، ولكني وجدت الكثير من النقاط السوداء في هذا الثوب، فالعدالة الضريبية تم تخفيضها من 35% إلى 28%، لكن مفهوم العدالة الضريبية بقي ضعيفاً، فالإعفاء الضريبي مرتبط بما هو موثق وليس بالقيمة المطلقة، ومن الصعب مقارنة الذي يربح عشرة ملايين بمن يربح مليوناً واحداً فقط. هؤلاء يتعاملون بجدية مع الزكاة والتبرع للكنائس، لكن لا يمكن أن يقدموا للمالية 100%، فسيبقى التهرب الضريبي لذا لا يمكن الإعفاء إلا حسب رأس المال الموظف، عند ذلك لا يمكن لأحد التهرب من العدالة الضريبية.
أنتم في الحكومة لستم مع القطاع العام، مع أن القطاع العام يدفع ضريبة الدخل بالكامل ويدفع تأمينات العمال كاملةً، لذلك فالقطاع العام لا يمكن أن يدفع ضريبة موحدة لأرباحه نتيجة الاختلاف في استثماراته خاصة الصناعية. أكثر من /37/ سنة ونحن نضع مسامير في نعش القطاع العام بسبب القوانين الثابتة والمشاريع التي تنفذها ولا جدوى اقتصادية منها. ثم يجب أن لا يكون النظام المحاسبي قالباً موحداً لكل الشركات والمؤسسات، أي أن يكون لكل مجموعة أو فرد أو أفراد شريحة خاصة له، لأن الراتب له علاقة بموقع العمل، فليس من المعقول أن نحاسب الذي يعمل في حقول النفط برميلان كما العامل في ميناء اللاذقية أو أي شركة أو مؤسسة أخرى.
إعادة توزيع الدخل
د. منير الحمش:
السياسة المالية التي تعتمد في ما يدعى اقتصاد السوق الاجتماعي يجب أن تؤدي وتحقق أهداف هذا الاقتصاد، ومن أولاها إعادة توزيع الدخل بما يتناسب مع تحقيق العدالة الاجتماعية، لأنها ركن أساسي في اقتصاد السوق الاجتماعي، خاصة إذا افترضنا أنه سوق واجتماع، وافترضنا أن هذا السوق منضبط أو تحت السيطرة والتحكم، مما يؤدي إلى عدم ظهور حالات احتكار، وهذا يتطلب مؤسسات فاعلة وعصرية، الأمر الذي لا نجده في السوق السورية. إن السياسة المعتمدة خلال أربع السنوات الأخيرة، هي سياسات جانبها المالي موال لأصحاب الدخول العالية، ولا يحاكي أصحاب الدخول المتوسطة والفقيرة، وهذا من عيوبه،ا إضافة إلى أنه يحاكي ويجاري القطاع الخاص على حساب القطاع العام رغم التوجهات التي أبداها الوزير بالدفاع عن القطاع العام، إلا أن ضريبة القطاع العام التي تصل إلى 28%، في حين الخاص 22%، وهي أكبر دليل على تلك الفروقات مع وجود الكثير من الحسومات، مع أنني لست ضد الخاص لأنه ركن أساسي من الاقتصاد الوطني يجب دعمه وتشجيعه، ولكن ألا يتم ذلك على حساب القطاع العام والخزينة. أما التضخم ومستوى المعيشة والدعم، تصوروا أن الاتحاد الأوربي قد خصص لكل بقرة دولارين باليوم أو أكثر، ونحن البشر لا يحق لنا ذلك، وأحياناً نسمع من بعض المسؤولين حجة إيصال الدعم إلى مستحقيه، هذه أكذوبة كبرى، والتجربة المصرية أكبر دليل على ذلك، يجب إعادة النظر بإعادة رفع الدعم كلياً.
■ متابعة - علي نمر
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.