العوامل المحددة للدعم الحكومي الاقتصادي.

العوامل المحددة للدعم الحكومي الاقتصادي أكثر من أن تحصى، نظراً لما تتضمنه من معايير واعتبارات يتوقف عليها نوع الدعم الحكومي الاقتصادي وشكله والآليات المتبعة لتقديمه وأبرزها:

1) طبيعة الأهداف المتوخاة من تقديم الدعم الحكومي الاقتصادي... إلخ.

2) طبيعة النظام السياسي، وبالتالي الاقتصادي والاجتماعي القائم، من حيث الفئات والشرائح الاجتماعية التي يدافع النظام السياسي عن مصالحها..

3) الحالة الظرفية للاقتصاد الوطني، ونقاط القوة والضعف التي يتسم بها..

4) الآثار المترتبة على مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، جراء تقديم الدعم الحكومي الاقتصادي أو التراجع عنه.

5) وضوح وشفافية كل الإجراءات المتعلقة بالدعم الحكومي الاقتصادي، بحيث يجب أن يكون القرار بشأنه معلناً بشكل مسبق.

6) الانطلاق من مقولة أن نوع الدعم الحكومي الاقتصادي وشكله وآليات تقديمه يمكن، بل يجب أن تتغير مع تغير العوامل والظروف والأسباب التي دعت لاتخاذه.

في ضوء الاعتبارات الرئيسية آنفة الذكر، وغيرها الكثير، يتحدد نوع الدعم الحكومي الاقتصادي ومشكلته وآلياته، وهي أكثر من أن تحصى، ومرهونة بالحالة الاقتصادية الراهنة والظروف والشروط المحيطة باتخاذ قرار الدعم الحكومي الاقتصادي بحد ذاته.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتحدد نوع الدعم الحكومي الاقتصادي بغرض توجيه الاقتصاد الوطني وجهة محددة مسبقاً من حيث القطاع الاقتصادي المستهدف دعمه وفق إستراتيجية التنمية الاقتصادية الاجتماعية، حيث يمكن للدعم الحكومي الاقتصادي أن يتوجه للقطاع الزراعي أو للقطاع الصناعي أو يكون للقطاع الخدمي ذي البعد الاقتصادي كالسياحة والنقل...إلخ، أو البعد الاجتماعي كالصحة والتعليم...إلخ.

كما يتحدد نوع الدعم الحكومي الاقتصادي وفق الشرائح والفئات الاجتماعية المستهدفة من الدعم، فإذا كان بغرض تصحيح التشوه الناجم مفاعيل اقتصاد السوق الحر، فيتوجب أن يتوجه الدعم الحكومي الاقتصادي لصالح الشرائح والفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً جراء تلك المفاعيل، إما عن طريق دعم المستهلكين بشكل عام أو شرائح معنية منهم أو توجيه الدعم للسلع الاستهلاكية، وكذلك دعم الأجور والرواتب لذوي الدخل المحدود.. إلخ. بمعنى توجيه الدعم للفئات والشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة بما يكفل ويضمن مستوى معيشي لائق لهم، أو على الأقل عدم تدهور هذا المستوى.

إذا كان الهدف من الدعم الحكومي الاقتصادي تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة في الأسواق المحلية أو الخارجية، فيتوجه الدعم لفئات المنتجين سواء كان بدعم تصدير منتجاتهم أو بدعم السلع المحلية البديلة للسلع المستوردة.

مما سبق يتضح أن الدعم الحكومي الاقتصادي يمكن أن يتخذ أنواعاً أكثر من أن تحصى، فضلاً عن أشكال عديدة أخرى أبرزها:

- من حيث الشمول

1) دعم حكومي اقتصادي شامل..

 2) دعم حكومي اقتصادي جزئي..

-من حيث المدى الزمني

 1) دعم حكومي اقتصادي دائم..

2) دعم حكومي اقتصادي مؤقت..

- من حيث الشمول والمدى الزمني

 1) دعم حكومي اقتصادي شامل ودائم.

 2) دعم حكومي اقتصادي شامل ومؤقت..

 3) دعم حكومي اقتصادي جزئي ودائم..

 4) دعم حكومي اقتصادي جزئي ومؤقت..

إن لكل من هذه الأشكال آنفة الذكر إيجابياتها وسلبياتها، واختيار أحدها منوط باعتبار أنه كلما طالت فترة تقديم الدعم، ازدادت معها خطورة الإدمان عليه، وكلما زاد مقدار الدعم، ازدادت صعوبة التراجع عنه، بما يجعل من الدعم الحكومي الاقتصادي المؤقت والجزئي هو الأمثل بين أشكال الدعم الأخرى..

بعض آليات الدعم الحكومي

 في سورية

أولاً: المحاصيل الإستراتيجية (القطن والحبوب..)

آليات الدعم المتبعة:

- تقديم قروض ميسرة عبر المصرف الزراعي للفلاحين.

- تقديم البذار بنوعية جيدة وبأسعار مدعومة.

- تقديم السماد.

- تقوم الحكومة بشراء المحاصيل من الفلاحين وفق معايير وسياسات يحددها سنوياً المجلس الزراعي الأعلى، الذي يحدد أيضاً أسعار شراء المحاصيل من الفلاحين وتوزيعها للحلقة التالية، سواء كان المستهلك النهائي أو الوسيط.

آليات الدعم هذه، تعني تقديم الدعم للمستهلك وليس للمنتج أو الفلاح الذي قد يلحق به خسائر في بعض السنوات.

على سبيل المثال: ظلت أسعار شراء القمح ثابتة منذ 1995 وتم تغييرها في الموسم الأخير، وغير مفهوم عدم مراعاة التغيرات في كلفة مستلزمات الإنتاج طيلة تلك السنوات.

بلغة الأرقام: بلغ الدعم الحكومي للقمح عام 2006 حوالي 28.5 مليار ليرة، عام 2005، 21.5 مليار ليرة منها 9.476 مليار ليرة دعم مصدر أي أن أكثر من ثلث الدعم الحكومي للقمح توجه إلى المستهلك الخارجي.

هناك أيضاً حالات مشابهة للحبوب الأخرى كالعدس والشعير والذرة الصفراء... الإشكالية مشابهة أيضاً في حالة تصدير القطن بالأسعار العالمية أي أقل من سعر التكلفة.

ثانياً: الخضار والفواكة... إلخ. (غير استراتيجية)

مع اتباع سياسة تحرير الأسعار للمنتجات الزراعية غير الإستراتيجية فإن آليات الدعم لهذا القطاع باتت مختصرة على:

- تقديم قروض ميسرة عبر المصرف الزراعي للفلاحين.

- تقديم السماد.

بالمقابل انتقلت مهام التموين وجمعيات حماية المستهلك من سياسة التسعير الزراعي التي كانت تقوم بها بناءً على القانون رقم 123 لعام 1960 الخاص بشؤون التموين والمعدل بالقانون رقم 22 لعام 2000 والقرارات العديدة الأخرى بحيث يجري إصدار نشرات تموينية مرتين كل أسبوع كانت تحدد سعر المزرعة وسعر الجملة وسعر المفرق.

الآن تقتصر مهام التموين وحماية المستهلك على مراقبة إشهار الأسعار والتقيد بالمواصفات، أي لم تعد هناك سياسة تسعير.

إن تحرير أسعار المنتجات الزراعية يعني تركها لقانون العرض والطلب، والأسعار التموينية المعلنة من حماية المستهلك هي أسعار استرشادية، بمعنى أنها غير ملزمة.

بالعودة إلى آليات الدعم فهي تندرج في خانة دعم عملية الإنتاج، وليس دعم المنتج أو حتى المستهلك كما في المحاصيل الإستراتيجية.

السؤال من يستفيد من هذا الدعم طالما أن الأسعار متروكة لقانون العرض والطلب؟

الدعم هو لعملية الإنتاج، قروض ميسرة ودعم للسماد، فهذا يؤدي إلى تحسين الإنتاج، أي جعل الموسم وفيراً، مما يؤدي إلى انخفاض سعر المزرعة، هذه المفارقة الأولى. حيث يكون الفلاح عرضة للخسارة إذا كان الموسم وفيراً جراء انخفاض سعر المزرعة إلى دون سعر التكلفة أحياناً.

بلغة الأرقام فقط على سبيل المثال لا الحصر

1) حسب معطيات وزارة الزراعة (التجارة الداخلية) لعام 2005.

• بلغ إنتاج الخضار والفواكه حوالي 7 ملايين طن قدرت كلفة إنتاجها بنحو 60مليار ليرة.

• ثمن مبيعات الفلاحين 70 مليار ليرة  هامش ربح 10 مليارات

• تجار الجملة...... هامش ربح 40 مليار

• تجار المفرق...... هامش ربح 15 مليار

بالمقارنة مع عدد كل شريحة يقدر حصة الفلاح سنوياً 60ألف ليرة

• حصة تاجر الجملة..... 1.5 مليون ليرة

• حصة تاجر المفرق..... 35 ألف ليرة

أي أن الدعم يذهب بالتأكيد إلى تاجر جملة.

2) في ذاك العام أي 2005 ووجد الفلاحون أنفسهم أمام حالة احتكار غير مسبوقة. النشرات التموينية الصادرة عن مديرية التجارة الداخلية بدمشق رقم 27 تاريخ 26/6/2005 حددت هامش ربح الفلاح 10 %. لم يتم تحديد هامش ربح التاجر الجملة هامش ربح التاجر المفرق 20 ـ30 % + 15 % لقاء التلف.

وجد الفلاحون أنفسهم أمام تدني الأسعار لبعض السلع إلى دون كلفة الجني والنقل لذلك تركوها في الأرض..