هل الاستثمار الأجنبي هو الحل؟ د. الكفري: الاتصالات استحوذت على 29% من حجم الاستثمار الأجنبي
اختتمت جمعية العلوم الاقتصادية السورية الثلاثاء الماضي 18/5/2010 سلسلة ندواتها لهذا العام ببحث واقع «الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية وفي سورية»، حيث التزم د. مصطفى الكفري عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الموضوعية خلال موازنته بين إيجابيات الاستثمار الأجنبي وسلبياته مشيراً إلى ضبطه بأطر قانونية وتشريعية تكفل تحقيقه للمنافع المرجوة منه، ومؤكداً على حاجة سورية للاستثمار الأجنبي لحل جزء من مشكلاتها الاقتصادية، ومشدداً على أن الأولوية بالنسبة إليه هي للاستثمار المحلي أولاً ثم العربي، ثم الأجنبي ثالثاً..
وبعد توضيح مفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر وأشكاله وصفاته، ذهب الباحث إلى بيان آثار الاستثمار الأجنبي المباشر على اقتصاد الدول المضيفة، مشيراً إلى أن النقاش ما يزال مستمراً بين الاقتصاديين حول أهمية هذا النوع من الاستثمار لاقتصادات الدول المضيفة، حيث يؤيد فريق استقدام رأس المال الأجنبي نظراً لحاجة الدول إليه، ويحذر فريق آخر من تشجيعه على اعتباره نوعاً من الاستعمار الجديد الهادف لاستغلال ونهب الفائض الاقتصادي للعالم النامي.
ومن وجهة نظره رأى د. الكفري أن هناك مزايا إيجابية محتملة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومنها أن تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر لا يشكل عبئاً على الاقتصاد المضيف، وأن الاستثمارات الأجنبية تسهم في سد فجوات رئيسية في اقتصاد الدول المضيفة مثل فجوة المدخرات المحلية اللازمة لتمويل البرامج الاستثمارية الطموحة، وفجوة النقد الأجنبي اللازم لاستيراد الآلات والمعدات والخبرات الفنية التي تحتاجها عملية التنمية، والفجوة التكنولوجية، والفجوة بين الإيرادات العامة والنفقات العامة، كما يسهم الاستثمار الأجنبي المباشر حسبما رأى د. الكفري بتحقيق الاستغلال الأمثل لموارد الدولة المضيفة، وفي تحسين ميزان المدفوعات عبر توفير رؤوس الأموال والتكنولوجيا الضروريين للتنمية الاقتصادية، وفي خلق مجموعة من الوفورات الخارجية والمنافع الاجتماعية لاقتصاد الدولة المضيفة.
أما الآثار السلبية المحتملة للاستثمار الأجنبي المباشر فلخصها الباحث بصعوبة توافق استراتيجية المستثمر الأجنبي مع استراتيجية التنمية في الدول النامية من حيث أولويات الاستثمار، حيث قد تتجه الاستثمارات الأجنبية في الدول النامية نحو القطاعات الهامشية التي تدر ربحاً وفيراً وسريعاً ولا تخدم عملية التنمية على الوجه المطلوب (سياحة، تجارة، مصارف...)، كما قد يؤدي اختلال توازن علاقات القوى بين أية شركة دولية عملاقة ودولة نامية إلى مساومة غير متكافئة بينهما، حيث أن المستثمر الأجنبي يملك من القوى الاحتكارية والقدرات المالية والتقنية ما يفوق قوة معظم الدول النامية، ما ينتج عنه غبن وإجحاف بحقوق ومكاسب هذه الأخيرة، كما قد تؤدي مركزية اتخاذ القرارات للشركة المتعددة الجنسيات في دولة المقر إلى الميل في استيراد المواد والسلع والكفاءات البشرية وغيرها من عوامل الإنتاج من مشاريع الشركة الأجنبية في الخارج، وهذا على الرغم من وجودها في السوق المحلية المضيفة لهذه الشركات.
وبخصوص الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية أوضح د. الكفري أن معظم مشاريع الاستثمار الأجنبي تركزت في محافظات دمشق وحلب وريف دمشق بنسبة 65.5% من إجمالي عدد المشاريع، أما توزع مشاريع الاستثمار الأجنبي في سورية حسب النشاط الاقتصادي فقد حاز نشاط الصناعات التحويلية حسبما أوضح الكفري أعلى نسبة من عدد المشاريع 41%. وكان أكبر رأسمال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية حسب جنسية المستثمر بعد السوريين هو الرأسمال القطري والكويتي ثم البريطاني والكندي.
وفي السياق أوضح د. الكفري أن حجم الناتج المحلي الإجمالي بلغ في سورية عام 2008 نحو 2000 مليار ليرة، وبلغت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 3.27%، بينما بلغت قيمة التكوين الرأسمالي في سورية عام 2008 نحو 408 مليار ليرة، وبلغت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر منها 18.36%، واستحوذ قطاع الاتصالات على أعلى نسبة بلغت 4.10%، تلتها الكابلات بنسبة 2.02%. وبالنسبة لقيمة أسهم الاستثمار حسب النشاط الاقتصادي فبلغت في قطاع الاتصالات أعلى نسبة 25.98% من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر يليها قطاع الوساطة المالية بنسبة 17.27% ثم إمدادات الكهرباء بنسبة 11.28% يليها قطاع الصناعات الاستخراجية بنسبة 6.98% ثم الفنادق والمطاعم بنسبة 5.88%. كما بلغت أعلى نسبة استثمار أجنبي مباشر حسب التصنيف الصناعي في قطاع الاتصالات بنسبة 29.28% ثم قطاع البنوك بنسبة 19.42% ثم قطاع التأمين بنسبة 10.97%.