أقماح فاسدة في طريقها إلى الصوامع

يشاع بشدة، أن كميات كبيرة من القمح التركي قد دخلت هذا العام إلى البلاد، وعمل معظم تجار القمح على تخزينها، ومن ثم تعبئتها بأكياس القنب والنايلون تمهيداً لتسويقها إلى صوامع الحبوب خلال هذا الموسم، عندما تفتح أبوابها أواخر شهر أيار الحالي..

(ولكي لا تقع الفأس بالرأس) كما يقال، عمد بعض الغيورين إلى إخبار وزارة الزراعة والجهات المختصة بما يسعى بعض التجار للقيام به، ولكن حتى الآن لا إجراءات أو تحقيقات تصدت للقضية للوقوف على مدى خطورتها..

أحد التجار، ويدعى (ع. ق) يزعم أنه قام بشراء نحو ألف طن من القمح التركي، تم استيرادها عن طريق تجار كبار عبر مرفأ طرطوس، وأنه قام بتخزين الكمية وسوف يرسلها إلى صوامع الحبوب هذا الموسم.. وعند سؤاله: هل تقبل بها مراكز الصوامع؟ قال: «نعم، ولكن يكون سعرها أقل بليرة من سعر القمح العادي، وهذا يناسبنا لأننا سنربح في جميع الأحوال، إذ يكلفنا كيلو القمح الواحد التركي واصل إلى المستودع (11) ليرة سورية، ونحصل على سعر (18 إلى 19) ليرة من الدولة».. وحسب ما انتهى إلينا أن مدير إحدى صوامع الحبوب في سهل الغاب أكد صحة كلام التاجر!. ونسأل تاجراً آخر ويدعى (م .ي): كم خزنت؟ فيقول: «حوالي مئتي طن»، ونقول له: لم لا تبيعها الآن وتربح على كل كيلو أربع ليرات؟ فيجيب: «سأنتظر قليلاً!».. ولدى سؤالنا له عن معلوماته حول كيفية دخول القمح التركي إلى البلاد فيقول: «سعر كيلو القمح في تركيا يساوي (30) ليرة سورية، ولكن هذا القمح مخزن عندهم منذ التسعينيات، مما أفسده، فعملت الدولة التركية على تصديره بسعر زهيد، وعمل تجارنا على استجراره كمادة علفية إسمياً، وبالمناسبة فقد أثبتت الفحوصات المخبرية لبعض المختصين بأن القمح غير صالح حتى للحيوانات، فهو مصاب بمرض (التسوس)، لكن بعض التجار من ذوي النفوذ، يحاولون إدخاله إلى الصوامع على أنه صالح  للاستهلاك البشري، كما حاول بعض التجار تصدير قسم منه إلى لبنان بطريقة ملتوية، ولكن الكميات المصدرة ضبطت وصودرت، وقد عرض تلفزيون «الجديد» اللبناني حلقة عن هذا الموضوع، حيث جرى التلميح بأن المستورد الرئيسي قد يكون من أتباع الحريري..

يعلق رئيس الجمعية الفلاحية بقرية الثورة في سهل الغاب على هذا الموضوع فيقول: «لقد تضررنا كثيراً هذا العام، وأصاب القمح مرض (الصدأ الأصفر) كون البذار التي قدمتها لنا الحكومة فاسدة وغير صالحة. هناك فلاحون زرعوا أراضيهم من بذار قمحهم الخاص فلم يصب زرعهم بأية أمراض، أما الذين أخذوا البذار من الحكومة فضاع تعبهم سدى»!

وطالما الشيء بالشيء يذكر، فقد رفضت مديرية زراعة طرطوس استقبال إرساليتين من القمح التركي تقدر بأكثر من عشرين ألف طن في أواخر شهر آذار الماضي، ونتيجة التحليل تبين أنها تحتوي على مرض التفحم القزم، ومرض نيماتود، كما تضم الأقماح نسبة 48 بالمئة من الثوثة في كل ثلاثة كيلو غرام من القمح، وهذه المواصفات تمنع دخول وتسويق هذه الأقماح في سورية بناء على قرار من وزير الزراعة يحمل الرقم 60/ ت لعام 2010..

أخيرا نقول إنه يوجد في سهل الغاب العشرات من تجار القمح الكبار الذين قاموا بشراء وتخزين آلاف الأطنان من الأقماح الفاسدة، فما هي كمية الأقماح المخزنة على مستوى البلاد مع علمنا بوجود مئات التجار في جميع محافظات القطر، الذين يعملون في تجارة القمح؟ وأين ستصب أقماحهم المستوردة؟

صدق المثل القديم الذي يقول (زيوان البلد ولا حنطة جلب).

■ فهد الحمدو