المدهش ليس الاقتصاد!
التطور الانتقائي في الإعلام الرسمي «مدهش»، والوصف هنا مستوحى من العنوان الذي أبرزته إحدى الصحف على صفحتها الأولى وكان: «الغارديان: التطور الاقتصادي في سورية مدهش»!.
ولفرط الإدهاش كان لابد من قراءة الخبر الذي نقلته الصحيفة عن وكالة الأنباء الرسمية، وإذ بالسطر الأول منه يزيد العيون اتساعاً: «الوضع في سورية الآن أقوى مما كان عليه خلال السنوات العشر الماضية اجتماعياً واقتصادياً»، والمستغرب هنا أن الكلام يأتي من وراء البحار ليدعم نهجاً اقتصادياً يرى معظم السكان أنه سبّب تراجعاً غير مسبوق في الوضع الاجتماعي، وبطبيعة الحال فالوضع الاجتماعي هو انعكاس للوضع الاقتصادي، فكأن كاتب المقال- الذي لن تجد للبحث عن اسمه على «غوغل» نتيجةً غير المقال اليتيم الذي ترجمته «سانا»- يصف الحال السورية بعكس ما هي عليه تماماً.. فمن أين وصل إلى هذا الاستنتاج؟!
يجيب الكاتب عن هذا السؤال فيما بين السطور، فمن الواضح أنه من الداعمين لنهج اقتصاد السوق المالي والمصرفي، لأن الميزة التي أشار إليها تركزت حول أن «سورية هي الآن رسمياً مركز السوق الاقتصادي (..) فقد انتشرت المصارف الخاصة والمؤسسات من الدول المجاورة إضافة إلى تقديم التشجيع للبنوك الأجنبية للدخول إلى السوق السورية فضلاً عن إقامة سوق للأوراق المالية».
وللحقيقة يخلط الكاتب «الغاردياني» في تحليله بين أمرين، الأول هو دور سورية الإقليمي الذي ما انفك يزداد بروزاً وتأثيراً في كل الاتجاهات، والثاني هو الإجراءات الاقتصادية الداخلية التي لم تثبت حتى اليوم رغم كل ادعاءات القائمين بها وعليها أنها توازي ذلك الدور الفعال الذي هو مدهش بالفعل، ولاسيما حين أجبر الولايات المتحدة على إدراك فشلها بعزل سورية، وحين ذكّر البريطانيين بأهمية الدور السوري، وليس السبب بذلك كما يقول الكاتب: «بزوغ نجم الاقتصاد السوري»!.
ليس في مجريات الاقتصاد الوطني اليوم ما يثير الدهشة سوى لجوء البعض إلى آخر الدنيا لتحصيل دعم إعلامي يرتدي ثوباً مزقته الأزمة الاقتصادية!.