د. عربش في الثلاثاء الاقتصادي: هناك معدلات نمو مرتفعة وحقيقية شعرنا بها!!!

انتقلت ندوات جمعية العلوم الاقتصادية السورية إلى مستوى مختلف الثلاثاء الماضي، فبعد انتهائها من محور السياسات الاقتصادية المتبعة وآثارها الاجتماعية في سورية، بدأت هذه الندوات تنحو باتجاه معالجة قضايا الاقتصاد الوطني من منطلق تأثره وتأثيره بالمحيط الإقليمي والعالمي، وفي هذا السياق جاءت محاضرة الباحث الاقتصادي د. زياد عربش بعنوان «الاقتصاد السوري في ظل المتغيرات الدولية وتحديات الشراكة»..

بدأ الباحث محاضرته بتوضيح السياق العالمي للاقتصادات في «عالم ما بعد الأزمات».. (هل انتهت الأزمات؟)، حيث رأى غلبةً للحلول الفردية بعد أربع أزمات كونية (أزمتي الغذاء والطاقة، والأزمتين المالية والاقتصادية)، ما أدى إلى غياب الحلول البنيوية الكلية..

وبالنسبة للاقتصاد السوري تحدث د. عربش عن سياق مرحلة الإصلاح في سورية، مبيناً أنها تأثرت سلباً بعدم الاستقرار الإقليمي من جهة، وبانخفاض إنتاج النفط المحلي من جهة ثانية، ما أدى حسب قوله، إلى زيادة استيراد المشتقات النفطية وارتفاع قيمة الفاتورة النفطية، وقال الباحث إنه إذا كان نمو الناتج المحلي في سورية قد حقق معدلات مرتفعة في السنوات الأربع المنصرمة، فإن زيادة عجز الميزان التجاري والموازنة العامة للدولة وانخفاض مساهمة النفط في الناتج وفي الموازنة العامة قد تؤدي في السنوات القادمة إلى صعوبة استدامة معدلات النمو المرتفعة (!!).

وعن توقعاته للنمو الاقتصادي في سورية أكد د. عربش أن سورية لابد ستشهد نمواً اقتصادياً حقيقياً، وأوضح أن الرهان القادم أمام الاقتصاد السوري هو استدامة معدلات النمو التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية إلى جانب ضمان عدالة توزيع الدخل. ورأى أن الاقتصاد السوري يعيش حالياً مرحلة تحول حقيقية ومدروسة ومبرمجة، وهي ليست مرحلةً اعتباطية وعفوية، فالاقتصاد السوري بعد 2005 يشهد نمواً أقل تذبذباً من المرحلة السابقة!!. وأوضح أن انفتاح الاقتصاد السوري في 2005 كان له أثر إيجابي كبير رغم أنه كان انفتاحاً تجارياً لم يترافق مع مؤشرات تؤكد بدء عملية الإصلاح الاقتصادي، حيث تلا الانفتاح التجاري إصلاح قطاعات النقد والمال والمصارف.

وأوضح د. عربش أن المشكلة التي يواجهها الاقتصاد السوري منذ 2005 وحتى الآن، هي عدم وجود توافق على عملية الإصلاح، إذ ليس هناك خيار مجتمعي يوافق عليه الجميع، وإن تأخر الإصلاح كان له تكلفة مرتفعة جداً على الاقتصاد الوطني وعلى المواطنين بشكل عام، فـ«كلما تأخرنا بالإصلاح الشامل عاماً، فإننا سندفع تكاليف التأخير عامين كاملين»، وبيّن الباحث أنه حين أخذ سياق الإصلاح الجاري خلال السنوات السابقة فنرى أن هناك معجزة يجري إنجازها، فحسب قوله: «إذا أخذنا أداء الاقتصاد السوري نجد أنه حقق معدلات نمو حقيقية شعرنا بها». 

ملاحظات لا بد منها

إن معظم متتبعي المحاضرة استغربوا إصرار المحاضر على وجود «معدلات نمو مرتفعة وحقيقية شعرنا بها»، و«أن الاقتصاد السوري يعيش حالياً مرحلة تحول حقيقية ومدروسة ومبرمجة، وهي ليست مرحلةً اعتباطية وعفوية»، وأن البلاد «ستشهد نمواً اقتصادياً حقيقياً»، و«أن النقطة السلبية كانت خلال الفترة الماضية تنامي العجز المالي نتيجة انخفاض صادرات النفط وزيادة الاستيراد»، و«أن هناك معجزة يجري إنجازها».. فكيف توصل المحاضر إلى هذه الاستنتاجات المتفائلة جداً في ظل تأكيد معظم الاقتصاديين وبعض القائمين على السياسات الاقتصادية، بشكل مباشر أو غير مباشر، أن ما تم تحقيقه لا يرتقي لما تم التخطيط له أو أعلن عن إنجازه؟؟