برفع الحد الأدنى للأجور لـ 50 ألف نأكل.. ولكن نبقى (فقراء بالمطلق)!
يفترض بالأجر الذي يتقاضاه العامل أن يكفي بالحد الأدنى لتجديد قوة العمل، بمعنى أن يكون قادراً على تأمين الحاجات الضرورية وفي مقدمتها: الغذاء الضروري للعامل وأسرته، حيث كانت الأسرة السورية توزع استهلاكها على تكاليف مستوى المعيشة، لتنفق 42% على الغذاء والمشروبات الأساسية، 22% على السكن والوقود، 18% مطاعم وفنادق، 8% للملابس والأحذية، 6% على الصحة، 3% على النقل، وذلك فق دراسة الحكومة لبيانات استهلاك الأسر السورية الوسطي عام 2009..
بين عام 2009 وعام 2015 التغيرات الكبرى في ظروف البلاد وأهلها، تنعكس بشكل كبير على قدرتهم على الاستهلاك، وعلى قيمة أجورهم الحقيقية، وعلى الطريقة التي يوزعون فيها إنفاقهم، فلم تعد تكلفة الآجار وحصته بالمقدار ذاته بالنسبة للنازحين من بيوتهم، وكذلك الأمر لتكلفة الوقود، والنقل، والملابس وغيرها، إلا أن الأهم: أن قدرة السوريين على تأمين غذائهم الضروري أصبحت مهددة جدياً، فمعيل أسرة من 5 أشخاص، عليه أن يفاضل بين تأمين الغذاء الضروري والكافي، والحاجات الأخرى الضرورية، لينفق على أحدها على حساب الآخر، لأن الأجر الوسطي السوري، وحتى سقف الرواتب في قطاع الدولة لا يكفي لتغطية نفقات الغذاء!..
سندرس في قاسيون أهم التغيرات في عناصر الاستهلاك الرئيسية، للأسر السورية خلال الأزمة، مبتدئين بالغذاء الضروري في شهر 10-2015.
تكاليف الغذاء الضروري تشرين الأول2015
تحسب كلفة الغذاء الضروري بالإعتماد على بيانات مؤتمر الإتحاد العام لنقابات العمال في سورية (الإبداع الوطني والإعتماد على الذات)، بناءً على حاجة الفرد اليومية الضرورية من الغذاء لحوالي 2400 حريرة من 8 عناصر غذائية رئيسية، ووفق حسابات قاسيون السابقة، فإن تكلفة الغذاء الضروري فقط، كانت في شهر 1-2015 تبلغ: 30900 ل.س لأسرة من خمسة أشخاص بينما شهدت طفرة ارتفاع في شهر 5-2015 حيث بلغت في دمشق: 72000 ليرة مع أسعار قياسية للجبن، والخضار والفواكه في حينه.
10/2015
حاجة الفرد اليومية الضرورية من الغذاء 2400 حريرة تتوزع وفق الآتي:
1275 حريرة- الخبز: 19.5 ل.س- 500غ.
75حريرة- البيض: 20 ل.س- 50غ.
(سعر البيضة 50غ اليوم بين 25-20ل.س).
108 حريرة- الجبن 19 ل.س- 25غ
(انخفضت أسعار منتجات الأجبان والألبان بشكل كبير عن شهر آيار لتصبح التكلفة الضرورية للفرد 19ل.س بدلا من 35 ل.س).
200 حريرة- اللحوم والفروج: 85 ل.س- فروج 50غ- حمراء25 غ (شهدت أسعار اللحوم استقراراً نسبياً عن مستوياتها المرتفعة، فعلى الرغم من تناقص عرض اللحوم، مع توسع التهريب والتصدير، إلا أن استهلاكها انخفض في الداخل أيضاً نتيجة ارتفاع أثمانها ما يبقي سعرها مستقراً على الارتفاع)
65 حريرة- الخضار: 36 ل.س- 250غ
(التكلفة محسوبة من خلال وسطي أسعار 3 أنواع من الخضروات الأساسية: البندورة 150 للكغ- الخيار 170 للكغ- البطاطا 120للكغ- باذنجان 140 للكغ).
60 حريرة- الفواكه: 25 ل.س-200 غ
(انخفضت أسعار الفواكه بشكل كبير مع بداية الموسم الشتوي، فانخفاض أسعارها يعود بشكل أساسي إلى كونها منتجة محلياً، ويضاف لذلك إغلاق المعابر الحدودية وصعوبات التصدير، التكلفة محسوبة من وسطي3 أنواع: البرتقال 100للكغ- التفاح 150للكغ- رمان 120للكغ، بينما كانت تكلفة الفواكه الضرورية في آيار الماضي 190ل.س عندما وصلت أسعار الفواكه إلى 400-600 ل.س للكغ).
400 حريرة- الحلويات: 65 ل.س- 112غ
(حسبت التكلفة من خلال وسطي أسعار المربى والحلاوة، وتنخفض التكلفة إلى 20ل.س في حال اقتصار استهلاك الفرد على السكر كبديل عن الحلويات).
280 حريرة- الحبوب: 19.5ل.س- 100 غ
(استمرت أسعار الحبوب بالارتفاع كنتيجة طبيعية لأثر ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، على اعتبار مادة الحبوب الرئيسية المستخدمة في سورية هي الأرز المستورد، إلا أن هذا لا يعني أن الحبوب المحلية، مثل البرغل، وغيره لا تتغير مع تغيرات أسعار الصرف وتحديداً مع عدم تعزيز إنتاج بدائل الأرز المستورد، أو الاستفادة الفعلية من تخفيض التكاليف عبر الائتماني الإيراني، لتخفيض السعر حيث التكلفة المحسوبة من وسطي نوعين أساسين في استهلاك الأسر السورية، الأرز 250للكغ وهو السعر الأقل في السوق- البرغل 135للكغ، بينما كانت التكلفة الضرورية للفرد في آيار الماضي 14ل.س).
• التكلفة الشهرية للسلة الغذائية للفرد الواحد شهرياً: 8670ل.س.
• تحتاج الأسرة المكونة من 5أشخاص شهرياً إلى حوالي: 43350ل.س.
• 40% نسبة الارتفاع في تكاليف الغذاء الضروري خلال 9 أشهر.
50000 ل.س تكلفة الغذاء الواقعية
يضاف للمواد الضرورية التي تشكل سلة الغذاء الضرورية، استهلاك الأسرة السورية لمكونات رئيسية، مثل الزيوت النباتية والمشروبات، والتي تندرج ضمن الضروريات الغذائية لكل أسرة:
زيت زيتون- 2000 ل.س: وسطي استهلاك بالحد الأدنى 2ليتر للأسرة شهرياً بسعر 1000 ل.س للتر.
زيت نباتي- 1200 ل.س: وسطي استهلاك الأسرة3 ليتر شهرياً بسعر وسطي 400ل.س للتر.
الشاي- 1700 ل.س: 1 كغ شهرياً.
القهوة-1500 ل.س: 1 كغ شهرياً.
بإضافة الاستهلاك الضروري من الزيوت والمشروبات تصبح تكلفة الغذاء الضروري للأسرة : 49750 ل.س شهريا.
الأسباب المباشرة وغير المباشرة
بلغت تكلفة الغذاء الضروري منذ تسعة أشهر في 1/2015 30900ل.س في بداية فصل الشتاء، ارتفعت اليوم تكلفة الغذاء المحدد بـ 2400 حريرة فقط بمقدار 40%، وعند مقارنة الجوانب المرتفعة، تتبين الأسباب الرئيسية للارتفاع المباشرة، أو غير المباشرة.
فالخبز على سبيل المثال ارتفع من 35 ل.س للربطة إلى 50 ل.س، أما الارتفاعات الأخرى، فهي ناتجة عن الجوانب التي ترفع المستوى العام للأسعار، انطلاقاً من المازوت، الذي ارتفع من 80 إلى 135 ل.س لليتر، خلال 9 أشهر، وهو الذي يرفع مستوى الأسعار بنسبة 28%، وفق حسابات قاسيون في عددها 728.
الأهم والأكثر تأثيراً على المستوى العام للأسعار، هو ارتفاع سعر الصرف الرسمي، أي تخفيض قيمة الليرة، حيث انتقل سعر صرف المصرف المركزي لأغراض التدخل من 180 ل.س/$ في شهر 1، وحتى شهر 5 لتبدأ بعدها مسيرة الرفع الواعي لسعر الصرف الرسمي، ليصل إلى 250 ل.س/$ في تشرين الثاني، مع التأثير الكبير لهذا على أسعار مجمل المواد.
فقر السوريين.. يفوق (التسميات)!
عالمياً ووفق المعايير الدولية، تعتبر الأسرة فقيرة فقراً مطلقاً إذا كان الأجر المسؤول عن إعالتها، يغطي فقط حاجاتها الخمس الرئيسية: الغذاء، النقل، السكن التعليم والصحة.
فماذا نستيطع أن نسمي فقر الأسر السورية اليوم؟ طالما أن أجر معيلها لا يغطي الحاجة الضرورية الأولى وهي الغذاء!
إن أجور السوريين اليوم تعتبر غير شرعية، لأنها تضعهم جميعاً بعيدين عن خط الفقر المطلق، و(أضعف الإيمان) أن يكون الحد الأدنى للأجور قادراً على الإنفاق على الغذاء، فأين نفقات الغذاء عن الحد الأدنى للأجور؟
×3 أضعاف
زيادة الأجور الأخيرة بمقدار 2500ل.س رفعت الحد الأدنى للأجور إلى 16260 ل.س، بينما تكاليف الغذاء لأسرة من خمسة أشخاص، تبلغ قرابة 50 ألف ل.س.
أي أن حاجات الغذاء تبلغ 3 أضعاف أجور الحد الأدنى وبالتالي يجب أن يرتفع الحد الأدنى للأجور إلى 50 ألف ليرة تقريباً، أي ×3.
18% فقط
ارتفع الحد الأدنى للأجور منذ بداية العام من 13670 إلى 16260 ليرة أي بمقدار 2590 ليرة وبنسبة ارتفاع 18%، بينما ارتفعت كلف الغذاء الضروري فقط من 30900 إلى 43350 ليرة، أي بمقدار 12 ألف ليرة، ونسبة 40%.
×2 قبل الأزمة!
لم تكن أجور السوريين قبل الأزمة أفضل حالاً بكثير، فقد كان الحد الأدنى للأجور في عام 2009: 6010 ل.س، بينما كانت حاجات الإنفاق على الغذاء 12600 ليرة شهرياً لأسرة، وهي نسبة 42% من الإنفاق الوسطي المقدر حينها بـ 30 ألف ليرة شهرياً، أي أن حاجات الغذاء كانت ضعف الحد الأدنى للأجور، إلا أن الأزمة زادت هذه الفجوة إلى 3 أضعاف بالحد الأدنى.
396% تضخم
ارتفعت كلف الغذاء والمشروبات على الأسرة من 12600 ل.س في عام 2009، إلى قرابة 50 ألف ل.س في العام الحالي، أي بنسبة ارتفاع 396%، أن أن كلف الغذاء تضاعفت أربع مرات، وهي من أقل نسب التضخم في سورية، على اعتبار أن جزءاً هاماً من الغذاء منتج محلياً، ولكن الحد الأدنى لأجور السوريين ارتفع من 6010 ليرة، إلى 16260 ليرة أي بنسبة ارتفاع 170% التهمها تضخم الغذاء وغيره!.